دير شبيجل الألمانية : هل تتجه أمريكا نحو حرب أهلية إذا خسر “ترامب ” ؟

- ‎فيعربي ودولي

حذَّرت مجلة دير شبيجل الألمانية من أن الولايات المتحدة الأمريكية تتجه نحو حرب أهلية حال خسارة الرئيس دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية، لافتة إلى أن الرئيس الأمريكي يسهم في إشعال هذه الحرب عبر تأجيج العنف في شوارع أمريكا، ومن أجل استغلاله  لصالح حملته الانتخابية ضد المرشح الديمقراطي جو بايدن. ونشرت المجلة الألمانية تقريرا سلطت فيه الضوء على مصير الولايات المتحدة حال هزيمة ترامب وفريقه في الانتخابات الرئاسية المقررة نوفمبر المقبل 2020م.

واستشهد التقرير  بما ذكره مايكل كوهين، محامي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سابقًا، قبل عام مضى حيث  قال شيئًا لم يحظ باهتمام كبير في ذلك الوقت بحسب المجلة الألمانية، ففي جلسة استماع لمجلس الشيوخ الأمريكي أعرب بناءً على معرفته بشخصية الرئيس الأمريكي الراهن، عن خشيته من عدم وجود انتقال سلمي للسلطة إذا خسر ترامب الانتخابات.

وبحسب توصيف دير شبيجل، فبرغم سمعة كوهين السيئة جراء الحكم عليه بالسجن بتهمة التهرب الضريبي والشهادة الزور في الكونجرس، إلا أن مخاوفه بشأن عدم الانتقال السلمي للسلطة حال خسارة ترامب أصبحت اليوم صادقة، وذلك لأن عددًا هائلًا من قاطني الولايات المتحدة يعتقدون الآن أن البلاد تواجه اضطرابات هائلة، ويعتقد حوالي ثلث الأمريكيين أن الحرب الأهلية ممكنة في السنوات الخمس المقبلة.

الأكثر خطورة ما نقلته المجلة عن مراسلها في الولايات المتحدة رالف نيوكيرتش، قوله إن تطور أحداث العنف مقلق للغاية، خاصة وأن الرئيس ترامب قال صراحةً إنه لا يمكن أن يخسر الانتخابات القادمة إلا إذا تم التلاعب في نتائجها، منوهًا إلى ضرورة أخذ تحذيرات البعص من اندلاع حرب أهلية حال خسارة ترامب على محمل الجد، ومرجحًا أن العنف الذي حدث في بورتلاند وكينوشا لن يكون الأخير.

وتستدل المجلة الألمانية على أهمية تحذيرتها من توجه أمريكا نحو حرب أهلية جديدة بالعاصفة التي بدأت منذ أن اندلعت مظاهرات بسبب عنف الشرطة ضد السود قبل شهور، والتي صحبتها عمليات نهب ودمار، وفقًا لتقرير دير شبيجل. من جهة ثانية ومنذ بضعة أيام حتى الآن، تعارض مجموعات- نصبت نفسها كدفاع مدني- المتظاهرين اليساريين، ما أدى إلى مقتل شخصين في اشتباكات في كينوشا وآخر في بورتلاند.

ومن جهة ثالثة فإن الولايات المتحدة أمست أكثر انقسامًا عما كانت عليه منذ فترة طويلة، وذلك لأن الرئيس ترامب بعيد كل البعد عن العمل كمصلح،  فهو لم يدن حتى الآن عنف مؤيديه في أي خطاب، بل يبدو أنه يحفزهم.

وبحسب مراقبين ومحللين فإن كل الظروف  كانت في صالح ترامب للفوز بولاية ثانية: نجاحات اقتصادية كبيرة، ومستويات منخفضة للغاية من البطالة، ومعارضة يسارية تبدو ضعيفة ومشتتة، وإدارة باتت كلها تخضع لرؤيته هو ومن معه من شخصيات يمينية، إلى أن جاء حدثان في غاية الأهمية غيرا من شكل المعادلة: الأول هي جائحة كورونا التي نتج عنها قرابة 42 مليون حالة بطالة تقريبا ولايزال الرقم في تصاعد، كما أظهرت الجائحة فشلاً ذريعا لادارة ترامب بمعدلات وفيات هي الأعلى في العالم نتيجة وباء كوفيد-19، كما وجهت اتهامات لترامب بأن جانباً كبيراً من الفشل يرجع إما لإلغائه تمويل عدد من المجالس الاستشارية والإدارات البحثية والعلمية إلى جانب تجاهله تحذيرات خبراء الصحة والوكالات الاستخباراتية بشأن خطورة فيروس كورونا المستجد، وهو تحديداً ما اتهمه به المرشح الديمقراطي للرئاسة جو بايدن:

الحدث الثاني وهو وفاة جورج فلويد اختناقاً تحت ركبة ضابط أمريكي أبيض لديه سجل حافل من الاتهامات بالعنصرية. الواقعة التي تم تصويرها بالفيديو وشاهدها العالم لتضعف كثيراً حجة (القتل دفاعاً عن النفس) التي غالباً ما ساهمت في إفلات ضباط عنصريين من تهم بالقتل ولينفجر برميل بارود عمره لا يقل عن 200 عام. 

أمام هذه التحولات بات ترامب كالأسد الجريح، فكل ما كان يستند إليه لتحقيق انتصاره في الانتخابات المقبلة بدا وكأنه يذهب أدراج الرياح أمام ناظريه والشارع مشتعل والاتهامات تكال له ليلاً ونهاراً في كل مكان، الأمر الذي دفعه لاتخاذ إجراءات والتصريح بكلمات ربما يندم عليها كثيراً فيما بعد، موجها سيلاً من الاتهامات بالفشل والتقصير للحكام الديمقراطيين للولايات ومحملا إياهم تبعات الفشل في مواجهة كورونا أو قمع الاحتجاجات بالقوة، وملوحاً بانه سيتجاوزهم ويفرض القانون والأمن بقوة الجيش. وهو ما يعزز الانقسام الأمريكي وربما يتحول إلى شرارة نحو الحرب الأهلية التي تحذر منها المجلة الألمانية وغيرها.