فواتير أبوظبي.. هل باع “الطيب” مستشفى الأزهر التخصصي للعسكر؟

- ‎فيتقارير

تعتبر مستشفى جامعة الأزهر التخصصي من المستشفيات المتميزة في جميع التخصصات الطبية؛ حيث تضم نخبة من أفضل أساتذة الطب في مصر والشرق الأوسط في التخصصات كافة، إضافة إلى موقعها المتميز والفريد في قلب مدينة نصر، فهل الموقع والمساحة التي تبلغ ضعفي مساحة مستشفى الحسين جعلها مطمع لعصابة الانقلاب العسكري؟ وهل تنازل عنها شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب طواعية أم نال شيئاً مقابل ذلك؟
وكشفت مصادر مطلعة لـ"الحرية والعدالة" عن تدخل شيطان العرب محمد بن زايد لتعطيل مساعي السفاح عبدالفتاح السيسي، رئيس الانقلاب العسكري، لإقالة شيخ الأزهر أحمد الطيب، ويرتبط الطيب بعلاقات قوية مع شيطان الإمارات، وتعتبر أبو ظبي أنه من الصعوبة توفر بديل مقبول شعبياً للطيب، له نفس المكانة الروحية في نفوس المسلمين، بشكل يمكن أن يسهم في تبييض صورة تحالف الثورات المضادة وإسباغ شرعية دينية على مواقفهم السياسية الشاذة والمنحرفة في مواجهة الاحترام والتقدير الشعبي الذي يتمتع به اتحاد علماء المسلمين الذين يرأسه حاليا العلامة المغربي الدكتور أحمد الريسوني خلفا للعلامة الدكتور يوسف القرضاوي، وهو الاتحاد الذي يقف بالمرصاد للسياسات المنحرفة والشاذة لنظم الحكم العربية المستبدة ويوضح زيفها وتناقضها مع الشرع الإسلامي؛ وهو ما دفع الإمارات إلى تصنيف الاتحاد كمنظمة إرهابية رغم أنه معني في المقام الأول بالنواحي العلمية والفتاوى الشرعية.
ومنذ اندلاع الثورة في يناير 2011، التي أطاح فيها المصريون بالرئيس المخلوع حسني مبارك بعد 3 عقود في السلطة، وأبو ظبي تناصبها العداء، ثم كانت أبو ظبي أول المهنئين بانقلاب السفاح عبد الفتاح السيسي -حين كان وزيرا للدفاع- في 3 يوليو 2013، والذي بات مهموما -وفق مؤشرات عديدة- بفواتير عاجلة وآجلة الدفع للشريك الإماراتي، على حساب مقدرات البلاد.
وساهمت الإمارات في هندسة مشهد الانقلاب العسكري في 3 يوليو 2013، حيث تركزت علاقاتها مع العسكريين وبعض رموز النخبة المصرية، ثم جاءت فضيحة التسريبات لتثبت أن الإمارات تقوم بتحويلات سرية مباشرة لمصلحة القوات المسلحة وبعض قياداتها، حسب ما أكد الباحث المصري في العلوم السياسية، عمر سمير.
والعام الماضي أعلنت مجموعة "مستشفيات كليوباترا" توقيع اتفاق للاندماج مع مجموعة "ألاميدا الإماراتية" بمصر في واحدة من أكبر صفقات المجال الصحي في إفريقيا والشرق الأوسط.
ونقلت وكالة "بلومبيرج" عن مصادر مطلعة أن "كليوباترا" تخطط لتمويل عملية الشراء جزئيا عن طريق إصدار أسهم قابلة للتحويل إلى المساهم المسيطر في "ألاميدا"، مضيفة أن الصفقة قد تقدر قيمة مجموعة ألاميدا بنحو 500 مليون دولار بما في ذلك الديون. يأتي ذلك فيما يتزايد القلق بشأن تشكيل تكتلات احتكارية في القطاع الطبي الخاص الذي يشكو أغلب أبناء الشعب من انفلات أسعار خدماته لاسيما في ظل جائحة كورونا.
يقول الفنان المعارض محمد شومان :" قام العسكر بإجبار الازهر ببيع مستشفي الازهر التخصصي الذى بدأ بناؤه من ٤٥ عاما، إلى مستثمر إماراتى. وأصبحت الجامعة بدون مستشفي تخصصى لأعضائها". مضيفاً:"المستشفي أضعاف مساحة مستشفى الحسين الجامعى وبها جميع الأقسام التخصصية، وتم طرد أساتذة كلية الطب من العمل بها وطرد جميع المرضى".
فواتير السيسي
ورصد الباحث في العلوم السياسية، "عمر سمير" أبرز الثمار التي جنتها الإمارات مبكرا، بعد استيلاء السفاح السيسي على الحكم في 2013، التي تمثلت في تغلغلها في قطاعات الصحة والتعليم والزراعة، حيث استحوذت على سلاسل لمستشفيات ومعامل تحاليل خاصة منتشرة في مصر، ومئات الآلاف من الأفدنة في المشروعات القومية الزراعية، وأخيرا بدأت بعض الشركات الإماراتية بالتوسع في قطاع التعليم الدولي الذي من مهماته الأساسية صناعة نخبة موالية مستدامة للإمارات.
كما موّلت مؤسسات مصرية كبيرة كدار الإفتاء، وبالذات "مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة" التابع لدار الإفتاء، وعن طريقه تحاول شيطنة تيار الإسلام السياسي وبعض المشروعات التابعة للأزهر، بالإضافة إلى سيطرتها بشكل كبير على قطاعات من الخبراء الإستراتيجيين والباحثين الذين تعج بهم مراكزها البحثية وقنواتها والمواقع المملوكة لها وللسعودية، وإغداقهما عليهم بشكل أفسد العديد منهم، وفق سمير.
وقال الدكتور مصطفى جاويش المسؤول السابق في وزارة الصحة، إن وزارة الصحة بحكومة الانقلاب سبق وأصدرت قرارا رقم 497 لسنة 2014 والذي يحظر في مادته الثانية التصرف في أي مستشفيات خاصة دون الرجوع للإدارة المختصة بوزارة الصحة.

وأضاف جاويش، في مداخلة هاتفية لقناة "وطن"، أن هذا القانون شبه معطل بسبب غياب الإرادة السياسية، مضيفا أن "مجموعة كليوباترا" تتبع مجموعة "أبراج كابيتال" الإماراتية ومنذ الانقلاب العسكري في يوليو 2013 كانت الإمارات الداعم الرئيس للسيسي وعندما وقعت الأزمة الاقتصادية وجف الدعم توجهت الإمارات للاستثمار الاقتصادي في مختلف القطاعات في مصر.
وأوضح "جاويش" أن الرقابة الإدارية في 2016 حذرت من أن هيمنة الإمارات على القطاعات الطبية يشكل تهديدا للأمن القومي المصري، وبه شبه غسيل أموال لأن الهدف لم يكن الاستثمار بل الاحتكار والاستحواذ على الخدمة الطبية، مضيفا أن الاستثمارات الإماراتية بلغت حوالي 14.7 مليار دولار حتى عام 2017 وزادت جدا في الفترة الأخيرة.
الطيب والشيطان
والتقى شيخ الأزهر أحمد الطيب في زيارة إلى أبوظبي، ولي العهد الشيطان محمد بن زايد على هامش زيارة بابا الفاتيكان إلى أبو ظبي، حيث تم التطرق إلى الأزمة المكتومة مع السفاح السيسي، في محاولة لتصفية الأجواء. ولا تتوقف محاولات الدوائر المحيطة بالسفاح السيسي للإطاحة بشيح الأزهر في ظل توصيف الدائرة الضيقة المحيطة بمؤسسة رئاسة الانقلاب له بـ”الشخصية الخارجة عن السيطرة”.
وشهدت فترة السنوات الأربع الماضية توتراً ملحوظا بين الطيب والسفاح السيسي، بلغ ذروته خلال الاحتفال الرسمي للدولة بذكرى المولد النبوي، بسجال، بعد رفض الطيب للدعوات التي تتم تسميتها “بتجديد الخطاب الديني وتنقية السنة النبوية”، وهي الدعوات التي طالما روّج السفاح السيسي لها أخيرا.
إضافة للقرار الذي أصدره السفاح السيسي بمنع سفر كبار المسؤولين في الدولة من دون إذن مسبق منه، وتأكيدات مصادر سياسية ونيابية أن القرار يستهدف شيخ الأزهر بالمقام الأول بعد زيارة له إلى السعودية والحفاوة التي لقيها هناك، وسط تصاعد الأزمة بينه وبين السفاح.
وكشفت مصادر سياسية، وأخرى في مشيخة الأزهر، عن فصل جديد من الأزمة، بإطلاق رئيس جهاز الاستخبارات العامة اللواء عباس كامل، والذي يعد بمثابة الرجل الثاني في الدولة، حملة جديدة عبر أذرعه الإعلامية، بمثابة تمهيد ناري لمعركة الإطاحة بـ”الشيخ”.
وبحسب المصادر فإن كامل يقوم بمحاولات حثيثة لإقناع المسؤولين في الإمارات والسعودية، بصعوبة استمرار الطيب في موقعه في الفترة المقبلة؛ نظراً لأنه “خارج عن السيطرة”، وهو ما يُسبب أزمات للسفاح السيسي، ويعطل خططه المرتبة بما يسمى بتجديد الخطاب الديني، ومواجهة الأفكار المتطرفة.
وبحسب مصادر سياسية، فإن أزمة البديل الملائم للطيب، تُعد في مقدمة الأسباب التي تدفع دولة الإمارات، الحليف الأقوى للسفاح السيسي، للتمسك بشيخ الأزهر، في ظل عدم القناعة بقدرات وإمكانيات أسامة الأزهري المستشار الديني للسيسي والذي كان يتم تسويقه في وقت سابق لخلافة الطيب، موضحة أن مؤسسة رئاسة الانقلاب تسعى أخيراً لتسويق مفتي الجمهورية شوقي علام لخلافة الطيب، لدى الإمارات.
وزاد السفاح السيسي أخيراً من ضغوطه على الطيب بقانون منع كبار المسؤولين من السفر من دون إذن منه شخصياً، وكذلك إجبار المستشار القانوني لمشيخة الأزهر محمد عبد السلام على إلغاء انتدابه من مجلس الدولة للمشيخة، إذ كان بمثابة الذراع اليمنى للطيب، هذا بالإضافة إلى رفض السفاح السيسي التمديد لوكيل المشيخة الدكتور عباس شومان نكايةً في الطيب.