دلالات الوثيقة المسربة حول دور السيسي في انقلاب تونس

- ‎فيعربي ودولي

تداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي وثيقة قيل إنها مسربة من أرشيف المخابرات المصرية، تضمنت خطة ممولة إماراتيا بالتنسيق مع الرئيس التونسي قيس سعيد تستهدف إسقاط التجربة الديمقراطية في تونس، وهي الخطة التي جرى إعدادها في القاهرة أثناء الزيارة التي قام بها سعيد لمصر في أبريل 2021م قبل إعلان قراراته الانقلابية 25 يوليو 2021) بثلاثة شهور.

 الوثيقة التي نشرها موقع «ويكيليكس عربي»،  أثارت عاصفة من الجدل والاتهامات على مواقع التواصل، حيث وجه مسؤولون سابقون ونشطاء اتهامات للرئاسة التونسية، بالاستعانة بمخابرات أجنبية، لضرب المسار الديمقراطي في البلاد، والقيام بثورة مضادة في تونس. في حين اعتبر آخرون أن "الوثيقة تؤكد أن ما حدث في تونس هو مجرد تنفيذ لأجندات خبيثة تسعى لتدمير المسار في تونس وإلحاق البلاد بمحور الخديعة والشر".

الوثيقة تتناول أبعاد وحدود الدور المصري الإماراتي في انقلاب قيس سعيد على الديمقراطية في بلاده، حيث تكشف عن اجتماع جرت وقائعه في القاهرة في 11 أبريل 2021م ضم كلا من وزير المخابرات، عباس كامل ووزير الخارجية بحكومة الانقلاب سامح شكري، ووزير الخارجية التونسي عثمان الجرندي، ومديرة الديوان الرئاسي التونسي نادية عكاشة، ومستشار الرئيس التونسي وليد الحجام، والنائب عن الحزب الدستوري الحر مجدي بوذينة، إضافة إلى عبد الخالق عبد الله مستشار ولي عهد أبوظبي.

تم خلال الاجتماع الاتفاق على خطة تتسهدف إقصاء حركة النهضة الإسلامية من المشهد السياسي، وإزاحة الإسلاميين بشكل عام، وذلك من خلال إعلان الرئيس قرارات بحل البرلمان والانقلاب على الديمقراطية. وتضمنت الخطة زيارة لسامح شكري لتونس بعد الاجتماع المذكور للشروع في تنفيذ الخطة المتفق عليها، وهي الزيارة التي قام بها شكري في 22 أبريل، والتقى حينها بنظيره التونسي عثمان الجرندي بمقر وزارة الخارجية التونسية، والرئيس التونسي، قيس سعيد، وذلك في ختام جولة أفريقية شملت تونس، قيل حينها، إنها جاءت لشرح الموقف المصري أزمة سد النهضة، حسب ما قالت الخارجية المصرية حينها. وعاد شكري لزيارة تونس مرة أخرى في الثالث من أغسطس، حاملا حينها رسالة من السيسي لنظيره التونسي قيس سعيد.

وفي سبتمبر 2021م، نشرت صحيفة "فرانكفورتر" الألمانية مقالا للكاتب للخبير السياسي راينر هيرمان، قال فيه إن تونس ظلّت مختبرا للديمقراطية في العالم العربي لمدة 10 سنوات، وكانت بالفعل في طريقها إلى ديمقراطية كاملة، وهو ما يعني "شوكة في خاصرة حكام مصر والخليج". لكن المقال يؤكد أنه منذ انتخاب قيس سعيد في 2019 شرع مجموع من الجنرالات المصريين في وضع خطة تتضمن تدابير وآليات للانقلاب على الدستور التونسي وإنهاء العملية السياسية.

وأضاف أن جنرالات مصريين قدموا لسعيد خدمات استشارية بشكل مباشر قبل شهرين من إقالته رئيس الحكومة هشام المشيشي، وتجميده عمل البرلمان.

وفي نهاية يوليو 2021، أي بعد أيام فقط من الانقلاب، طالب السفير الأمريكي في تونس دونالد بلوم، الرئيس قيس سعيّد  بمغادرة ضباط المخابرات المصريين والإماراتيين المتواجدين في تونس، قائلا إن الأخيرين رافقوا عملية الانقلاب.   وأوضحت المصادر أن الضباط كانوا قدموا إلى تونس بذريعة تقديم مساعدات لمقاومة جائحة كورونا قبل أسبوعين تقريبا، ولم يغادروها إلا بعد الانقلاب بأيام.

وكان الرئيس التونسي قد أجزى زيارة مشبوهة للقاهرة امتدت لثلاثة أيام (9 ــ 11 أبريل 2021م) التقى خلالها برئيس الانقلاب في مصر عبدالفتاح السيسي وهي الزيارة التي اعتبرت في توقيتها وسياقها برهانا على انحياز سعيد لتحالف الثورات المضادة، في ظل عرقلته للمسار السياسي في بلاده ووضع العراقيل أمام مؤسسات الدولة التي أصيب بشلل تام قبل الإعلان عن قراراته الانقلابية في 25 يوليو 2021م، وهي الإجراءات  التي حظيبت برتحيب ومباركة مصرية إماراتية سعودية والتي تمثل أهم أركان تحالف الثورات المضادة.

الوثيقة المسربة تبرهن على الدور القذر الذي يقوم به تحالف الثورات المضادة (مصر ــ الإمارات ــ السعودية) في سحق أي توجهات شعبية نحو إقامة نظم حكم رشيدة تستمد شرعتها من الشعوب. يدلل على ذلك الدور المصري الإماراتي القذر في انقلاب السودان الذي نفذه الفريق أول عبدالفتاح البرهان في 25 أكتوبر 2021م، ضد الشريك المدني في الحكم، وهو الانقلاب الذي أكدت تقارير إعلامية أجنبية أنه حظي بدعم ومباركة مصرية إماراتية كبيرة. فقبل الانقلاب بيوم واحد طار البرهان إلى القاهرة؛ حيث التقى بالسيسي، وفي اليوم التالي أعلن عن قراراته الانقلابية بحل مجلس السيادة والإطاحة بالحكومة الانتقالية لينفرد الجيش بإدارة المرحلة الانقالية حتى أجبر على إعادة رئيس الحكومة عبدالله حمدوك من جديد بضغوط أمريكية أوروبية.