دراسة: تراجع “التيجراي” تكتيكي والصراع مع إثيوبيا قابل للاشتعال مجددا

- ‎فيعربي ودولي

قالت ورقة بحثية بعنوان "تراجُع التيجراي: قراءة في الدوافع والسيناريوهات" إنه "في ظل عدم انتفاء الأسباب الجذرية للصراع، فإنه يبقى قابلا للاشتعال مجددا".
وأضافت الورقة التي نشرها موقع " الشارع السياسي Political Street" عبر موقعه الإلكتروني، أن العامل الخارجي يظل العامل الحاسم الذي يمكنه تغيير هذا السياق المتأزم في المشهد الإثيوبي؛ من خلال تكثيف الضغوط الدولية على الأطراف المتصارعة من أجل الانخراط في عملية سلام شاملة تعيد الاستقرار للدولة الإثيوبية، وتنعكس آثارها على أمن واستقرار منطقة القرن الإفريقي بشكل عام.

وقالت الورقة إنه "بعد 13 شهرا من بدايتها، ما زالت الحرب بين الحكومة المركزية في إثيوبيا وجبهة تحرير تيجراي تحمل المفاجآت من خلال تقلباتها الميدانية، وآخرها إعلان الناطق الرسمي باسم جبهة التيجراي الانسحاب من إقليمي أمهرا وعفر والتراجع باتجاه إقليم تيجراي، والذي يُعد هذا أكبر تراجع للتيجراي منذ يونيو الماضي، بعد أن انطلقت قواتهم نحو إقليمي عفر وأمهرا، وكانت في طريقها إلى العاصمة أديس أبابا".

التيجراي متمسكة
وخلصت الورقة إلى أن حفر جبهة تحرير التيجراي خنادق حول إقليمها، بعد تراجعها "يعني التمسك بالأرض والدفاع عنها، وهكذا فبالرغم مما يشهده الصراع الإثيوبي من تحولات وتغيرات إستراتيجية وعسكرية بين طرفيه في مراحله المختلفة منذ اندلاعه في نوفمبر 2020".
ورأت أن تراجع التيجراي تكتيكي، حيث جاء بعد سلسلة من الانتصارات العسكرية التي حققتها قوات دفاع تيجراي والتي عكست تفوقها العسكري على الجيش الإثيوبي خلال الشهور الماضية منذ يونيو 2020.
مبينة أن التراجع لا يغير حقيقة عدم حسم الصراع الإثيوبي بعد، وإن طرأت عليه بعض التطورات النوعية مثل تنامي دور العامل الخارجي الذي يدعم النظام الحاكم في أديس أبابا من خلال تزويده بالطائرات من دون طيار في ساحات القتال، والتي رجحت كفة القوات الحكومية في هذه المرحلة من الصراع، وأدت إلى تراجع قوات دفاع تيجراي إلى مواقعها داخل إقليم تيجراي تفاديا للمزيد من الخسائر البشرية والعسكرية".

قوة التيجراي
واسترشدت الورقة بتقرير لمجلة Economist البريطانية قال "لا تزال الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي تحاول الوقوف والقتال، فرغم تقدم آبي أحمد الأخير فإن قوات المعارضة تكبدت خسائر في أماكن قليلة فقط مثل غاشينا وفي أماكن أخرى، عادت قواتها إلى تكتيكات حرب العصابات كالتي قادتها الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي في الثمانينيات عندما أطاحت بالحكومة العسكرية المؤقتة لإثيوبيا الاشتراكية، وبعد أن تحافظ قوات التيجراي وحلفاؤها على قواتهم، قد يكونون قادرين على إلحاق أضرار جسيمة بالقوات الإثيوبية إذا تقدمت عبر الوديان الضيقة والممرات الجبلية على الطريق المؤدي إلى ميكيلي، ولا تزال هذه القوات تبدو قادرة على الرد السريع مثلما فعلت في استعادة غاشينا وليبيلا يوم الأحد 12 ديسمبر 2021".

مخاطر التراجع
وأوضحت الورقة أن ما يترتب على ذلك من مخاطر عدة يتمثل أبرزها في إحكام القوات الحكومية وحلفائها من المليشيات والقوات الإريترية الحصار على جبهة تحرير تيجراي تمهيدا للقضاء عليها، في ظل تباطؤ المجتمع الدولي في اتخاذ قرارات حاسمة من شأنها إنهاء هذا الصراع.
ونبهت إلى أن قرار التراجع يشير إلى إدراك تيجراي لتفوقها العسكري على الجيش الإثيوبي وعدم قدرة الأخير على استعادة المناطق من قوات تيجراي بالقوة، أو حسم الصراع لصالحه، وبالرغم من اعتماد الجيش الإثيوبي على الطائرات بدون طيار، إلا أنها لا توفر ضمانة حقيقية لحسم الصراع والانتصار فيه، لاسيما أن تكلفة تشغيلها وإصلاحها باهظة.

صراع وجودي
وعلى نسق الصراع الصهيوني الإسلامي، قالت الورقة إن "المشهد في إثيوبيا هو صراع وجودي بين الأطراف المنخرطة فيه، إذ يخشى آبي أحمد من الإطاحة بحكمه على يد تيجراي، وترغب قومية أمهرا في استمراره على رأس السلطة لكسب المزيد من النفوذ السياسي، ربما تمهيدا لاستعادة حكم إثيوبيا مجددا، في حين تخشى قومية تيجراي من الإبادة والقضاء عليها نهائيا من جانب نظام آبي أحمد وحلفائه وبمساندة إريترية، وهو ما قد يعني استمرار الحرب دون حسم ودون منتصر، بالنظر إلى الدعم الشعبي والتعبئة من جانب الطرفين، مما يكشف عدم قدرة أي طرف على توجيه ضربة قاتلة للطرف الآخر.

الدور الدولي
تحدثت الورقة عن التفات التيجراي لأهمية تحقيق التعاطف مع منطلقاتها في الصراع، معتبرة أن التراجع العسكري له دوافع منها؛ الدعم الإقليمي والدولي لنظام آبي أحمد، منبهة إلى عشرات الطائرات المسلحة من دون طيار (الدرونز) من الصين وإيران وتركيا وغيرها، في الوقت الذي تعاني فيه جبهة تحرير تيجراي من غياب الدعم الدولي والإقليمي في صراعها ضد الحكومة الإثيوبية.
وأشارت إلى  أن التيجراي يحاولون إحراج آبي أحمد أمام المجتمع الدولي، من خلال زيادة الضغوط الدولية على الحكومة من أجل الجلوس على طاولة المفاوضات، بينما تسعى جبهة تحرير تيجراي إلى الظهور بمظهر صانع السلام في البلاد، بهدف كسب تعاطف الرأي العام العالمي، وتحسين صورتها في الداخل الإثيوبي.
وأنها تسعى لتصوير آبي أحمد على أنه يعرقل السلام في حالة رفضه بدء المفاوضات لتسوية الصراع.
 

https://politicalstreet.org/4825/?fbclid=IwAR1Ek-4leiP4vaOejnMjjYS9A5zM5nZt7Byn0xNBNischhHkwLB8f9pgMI8