بينما تعاني إيران من أزمات اقتصادية كبرى، فإن طهران لا تزال تنفق مليارات الدولارات على تسليح وتدريب عشرات الآلاف من المقاتلين العرب والأفغان والباكستانيين الشيعة؛ من أجل مساعدة نظام السفاح الأسد على دحر الثورة الشعبية.
ورغم أن طهران ذاتها تعرضت قبل ثلاثة عقود لهجمات شنيعة بالأسلحة الكيماوية من قبل الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، فإنها قدمت للأسد الوسائل اللازمة لاستخدام الأسلحة نفسها ضد شعبه، وفي الوقت نفسه تتعمد إنكار استخدام الأسد للأسلحة الكيماوية.
هذا الوضع جعل عميلا أمريكيا مثل الرئيس الأفغاني الهارب أشرف غني يقول “غادرت كابل لأنني لم أرد أن أصبح بشارا الثاني”، ما يعني أنه حتى العملاء يتأففون أن يشبهوا عميلا رخيصا يسترخص دماء شعبه ويدمر بلده من أجل الكرسي مثل بشار الأسد .
السيسي وبشار
بعد سنوات شهدت كثيرا من التحولات في المنطقة العربية المضطربة، وعودة الأنظمة العسكرية لإرهاصات التطبيع مع نظام الأسد مرة أخرى، وتحديدا من قبل السفاح العميل السيسي، الذي لم يدخر جهدا في تذليل العقبات أمام عودة دمشق لجامعة الدول العربية، ودعم بشار دوليا وإقليميا.
حيث أوردت تقارير أن عباس كامل رئيس جهاز المخابرات العامة المصرية، ذراع السفاح العميل السيسي الضاربة وكلمة السر المكلفة بملف دعم بشار الأسد، بدأ سعيه في النطاق العربي لإعادة سوريا إلى الجامعة العربية مرة أخرى، وهو هدف إستراتيجي لنظام بشار يسعى من خلاله إلى كسب شركاء إقليميين آخرين، وإخراج العرب نهائيا من الأزمة السورية لصالحه.
في 21 أكتوبر 2020، أكدت تقارير استخبارتية فرنسية أفادت أن رئيس جهاز المخابرات العامة المصرية، عباس كامل، تولى مسؤولية الملف السوري، بالإضافة إلى الأجندة الليبية المزدحمة بالفعل.
وأضافت التقارير أن عباس كامل عمل على حث الدبلوماسيين المصريين بجامعة الدول العربية، على استخدام نفوذهم لتعزيز عملية إعادة دمج سوريا في الحظيرة العربية، وتشيكل حلف بين العميلين بشار والسيسي ضد الرئيس التركي رجب الطيب أردوغان، الذي تحاول القاهرة الحد من قوته في المنطقة العربية ، وضرب أي تواجد لتركيا في الشرق الأوسط.
هذه المبادرة جاءت في أعقاب مذكرة أصدرها كامل في نهاية يوليو 2020، تنص على ضرورة تعزيز العلاقات بين العميلين بشار والسيسي، الحليف المحتمل في مواجهة عدائية أنقرة العدو المشترك للعميل الأسد والسفاح السيسي.
سيلفي المجرمين!
النهج السياسي للسفاح السيسي لدعم الأسد على خطوط دبلوماسية واستخباراتية، لم يتوقف منذ استيلاء السفاح السيسي علي الحكم في قصر الاتحادية بالقاهرة، وفي نوفمبر 2016، أدلى السفاح السيسي على هامش زيارته للبرتغال، بتصريحات أكد فيها أن “الأولوية الأولى لنا أن ندعم الجيش الوطني في سوريا قوات الأسد”.
وفي مارس 2015، أثناء عقد القمة العربية بمدينة شرم الشيخ ، أُعيد وضع علم النظام السوري مرة أخرى على مقعدهم الشاغر، في خطوة ألغت أحقية المعارضة بمقعد جامعة الدول العربية، بعد أن تسلمته عام 2013.
تلك الخطوة بقيادة العميل السفاح السيسي، أتت منسجمة مع مواقف العراق والجزائر وسلطنة عُمان ولبنان الذين رفضوا منذ البداية إلغاء عضوية السفاح الأسد في الجامعة العربية، بعدها توالت المواقف الداعمة للعميل الأسد.
ويرى خبراء أن السفاح السيسي هو أحد العملاء العرب القلائل الذين لم يخفوا دعمهم الواضح لدمشق، التي علقت الجامعة العربية عضويتها منذ عام 2011، وكانت عصابة الانقلاب قد أعادت العلاقات مع سوريا بعد الانقلاب على الرئيس الشهيد محمد مرسي، الذي قام بقطعها، واتخذ موقفا ثوريا ضد نظام العميل السوري.
ورغم مضي أكثر من عام على تولي الرئيس الأمريكي، جو بايدن، السلطة، يشير محللون سياسيون إلى تراجع الاهتمام الأمريكي بالملف السوري، خاصة مع عدم تعيين بايدن مبعوثا أمريكيا خاصا إلى سوريا، خلافا لما سبقه.
وذكرت صحيفة “الشرق الأوسط” أولويات الرئيس الأمريكي في سوريا، استنادا إلى ما قالت إنها “معلومات توفرت لها حول الأولويات الني ناقشها مسؤولون أمريكيون، في جلسة مغلقة بالعاصمة الأمريكية، واشنطن”.
وأوضحت الصحيفة أن فريق إدارة الرئيس بايدن توصل إلى صيغة نهائية لأولويات واشنطن في سوريا، تتضمن خمسة أهداف رئيسة، ليس منها إخراج إيران من سوريا، على خلاف مساعي الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب.
ولكن لا يمكن للسفاح السيسي أن يدعي أنه لم يقدم الدعم العسكري للعميل الأسد في سورية، وقد وثقت العشرات من وسائل الإعلام صورا لذخائر وصواريخ مصرية الصنع استخدمها النظام السوري بقصف المدنيين وقتل معارضيه، كما لا يستطيع السفاح السيسي نفي مشاركة طيارين مصريين بقصف السوريين خلال عامي 2017 و2018 وقد التقطوا لأنفسهم صور “السيلفي” خلال مهماتهم العسكرية في سماء سورية.
كما يصب في الخانة ذاتها سماح عصابة الانقلاب بمصر للبواخر الإيرانية التي تنقل السلاح إلى العميل السوري بعبور قناة السويس، ولم تنف ذلك، وبررته بأن القناة دولية مفتوحة لجميع البواخر بغض الطرف عن حمولتها ووجهتها، وكأن الإنسانية قد اضمحلت حتى النهاية، مع يقين السفاح السيسي بأن هذا السلاح سيصل إلى الأيادي التي تقتل الأبرياء في سورية.
