صفقات السيسي بالمليارات.. مخازن مكدسة بالسلاح والأمن القومي في خطر!

- ‎فيتقارير

يهدد الأمن القومي المصري أربعة تهديدات: الأول عدم قدرتها على تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغذاء باستيراد أكثر من 65% من غذائها في ظل تداعيات الغزو الروسي لأوكرانيا وارتفاع أسعار الغذاء والطاقة ما يؤثر سلبا على فاتورة الاستيراد. الثاني، هو التهديد الإثيوبي بحرمان مصر من حصتها المائية وتحويل المياه إلى سلعة عبر تحويل النيل نفسه إلى بحيرة إثيوبية خالصة. الثالث، هو العدو الصهيوني الرابض على حدودنا الشمالية الشرقية والذي يتخذ منه نظام الطاغية عبدالفتاح السيسي حليفا وثيقا وهو الذي سفك دماء مئات الآلاف من جنودنا على مدار أاكثر من نصف قرن بخلاف أنه لا يزال يحتل أرضا مصرية (أم الرشراش) وبلدا عربيا (فلسطين)، ويدنس مقدسا إسلاميا (المسجد الأقصى). التهديد الرابع والأكثر خطورة، هو هيمنة الحكم العسكري الاستبدادي على  البلاد منذ أكثر من سبعين سنة، وهو ما يدمر مواطن القوة والمناعة في المجتمع ويضعف من مصر وقدراتها على  الصمود والتحدي وحماية أمنها القومي من خلال إغراقها في الفساد والديون والظلم الاجتماعي السياسي.

في ظل هذه الأوضاع، يتجه الطاغية عبدالفتاح السيسي نحو شراء صفقة طائرات مقاتلة بنحو ثلاثة مليارات يورو من إيطاليا، وهي الصفقة التي يجري التفاوض بشأنها منذ 3 سنوات. ووفقا لموقع "مدى مصر" في تقرير نشره السبت 04 يونيو 2022،  فقد أوضحت صحيفة «إيل فاتو كوتيديانو» عن مسؤول حكومي إيطالي، أن الصفقة التي تشمل شراء 24 طائرة يوروفايتر تايفون، تنتظر فقط حصول السيسي على تأكيد نهائي عبر الهاتف من رئيس الوزراء الإيطالي ماريو دارجي. وتمثل صفقة بيع الطائرات الحربية جزءًا من صفقة أسلحة، تقدر قيمتها بين تسعة وعشرة مليارات يورو، مما يجعلها أكبر عملية شراء أسلحة في تاريخ مصر. وأضاف المصدر أن شركة الطيران والدفاع الإيطالية «ليوناردو» ستتلقى نحو 60% من سعر الطائرات البالغ ثلاثة مليارات يورو، وهي طائرات حربية ينتجها تحالف أوروبي يجمع شركات من إيطاليا وبريطانيا وألمانيا وإسبانيا. وشهدت المفاوضات مع الجانب الإيطالي والتي بدأت عام 2020، وجود معارضة إيطالية داخلية للصفقة بسبب «تعطيل» السلطات المصرية للتحقيق في مقتل طالب الدكتوراه الإيطالي جوليو ريجيني في القاهرة في عام 2016.

وشمل الجزء الأول من الصفقة بيع فرقاطتين من طراز فريم، بالإضافة إلى صواريخ وأنظمة إلكترونية أنتجتها شركة ليوناردو وشركة تصنيع الصواريخ الأوروبية Mbda، مقابل 1.2 مليار يورو. ووافقت حكومة رئيس الوزراء الإيطالي السابق جوزيبي كونتي على بيع الفرقاطتين في عام 2020 رغم الاعتراضات الداخلية، حيث تسلمت مصر الفرقاطة الأولى في ديسمبر من ذلك العام، والثانية في أبريل 2021. كذلك من المتوقع أن تشمل الصفقة أيضًا أربع فرقاطات إضافية من إنتاج شركة السفن الإيطالية فينكانتيري، و20 سفينة دورية، و20 طائرة تدريب حربية من طراز M-346، وقمر صناعي.

وفي يونيو 2020، نشرت صحيفة "نوتيزي جيوبوليتيك" الإيطالية، تقريرا قالت فيه إن حكومة إيطاليا ضحت بقضية "ريجيني"، مقابل الحفاظ على التنسيق التجاري بين البلدين، والتعاون الثنائي في الأزمة الليبية، ومكافحة الهجرة غير الشرعية. وما يؤكد الطابع السياسي للصفقة أنها تتضمن شراء 25 طائرة من طراز يورو فايتر تايفون، وهي طائرة من إنتاج كونيسيرتوم مكون من أربع دول أوروبية هي ألمانيا والمملكة المتحدة وإسبانيا وإيطاليا. ومعظم دول منطقة الشرق الأوسط التي اشترت الطائرة مثل الكويت والسعودية وقطر، اشترتها من بريطانيا. لكن نظام السيسي يريد شراءها من إيطاليا للاعتبارات السياسية المرتبطة بالملف الليبي.

ويأتي التقدم في الصفقة فيما تستمر الانتقادات داخل إيطاليا للعلاقات العسكرية مع مصر منذ ظهور الشائعات الأولى حول الصفقة، متهمة الحكومة المصرية بعدم التعاون في التحقيق في قضية مقتل ريجيني أو تحديد مواقع ضباط الأمن القومي المصري الأربعة المتهمين في القضية. كانت النيابة الإيطالية قد اتهمت رسميًا، في ديسمبر 2020، كلًا من: اللواء طارق صابر، والعقيدان هشام حلمي وآسر كمال، والرائد شريف مجدي، بالضلوع في اختطاف ريجيني، فيما اتُهم الأخير بالإيذاء الجسدي والقتل. وذلك قبل أن تعلن النيابة العامة المصرية من جهتها، في نهاية نفس الشهر، غلق التحقيق مؤقتًا في القضية؛ لعدم الاستدلال على الجاني، مستبعدة جميع الاتهامات المنسوبة، من النيابة الإيطالية، لضباط اﻷمن الوطني اﻷربعة. وما زالت قضية ريجيني عالقة في المحاكم الإيطالية منذ ذلك الحين، حيث ينص القانون الإيطالي على ضرورة إخطار المتهمين باستكمال التحقيقات، وكذلك بالتهم الموجهة ضدهم قبل بدء استدعائهم للمحاكمة، وهو ما لم يستطع القضاء الإيطالي التأكد منه نتيجة عدم تعاون السلطات المصرية.

وتتزامن الصفقة مع تردي الأوضاع المالية والاقتصادية في مصر وارتفاع أسعار الطاقة والغذاء إلى مستويات غير مسبوقة، كما تتزامن مع إبرام النظام ثلاث صفقات في مجال التسليح الجوي مع الولايات المتحدة الأمريكية خلال الشهور الخمس الماضية من سنة 2022، حيث أعلنت واشنطن في مارس عن بيع محتمل لـ 12 طائرة من طراز "سي-130" (C-130) (سوبر هيركليز)، والتي تعد جيلا متطورا من طائرات الشحن العسكري، بقيمة 2.2 مليار دولار. وفي منتصف مارس، أعلن قائد القيادة المركزية، فرانك ماكنزي، أن بلاده تعتزم بيع مقاتلات "إف-15" لمصر، من دون تفاصيل حول الصفقة التي واجهت عرقلة إسرائيلية لعقود. وفي أواخر مايو علنت واشنطن عن صفقة مروحيات شينوك-47 المحتملة.

ومن أشهر صفقات السلاح المصرية خلال الفترة الماضية ما يلي:

أولا، في عام 2020، بدأت حكومة السيسي في إبرام أضخم صفقة تسليح مع إيطاليا بقيمة وصلت نحو 10 مليارات دولار، في وقت تأزَّمت فيه العلاقات بين البلدين على خلفية مقتل الباحث الإيطالي جوليو ريجيني. وشملت الصفقة 6 فرقاطات، و20 قاذفة صواريخ، و24 قاذفة مقاتلة من طراز "إم-346″، وقمرا صناعيا.

ثانيا، في 3 مايو 2021، وقَّعت مصر عقدا مع فرنسا لشراء 30 طائرة مقاتلة من طراز "رافال" بقيمة 4.5 مليارات دولار، تُدفَع عبر قرض تصل مدته إلى 10 سنوات على الحد الأدنى، ليزداد أسطول مصر من تلك الطائرات إلى 54، بعد صفقة مماثلة عام 2015 شملت 24 مقاتلة.

ثالثا، امتدت صفقات العتاد العسكري لعقد صفقات مع ألمانيا بنحو 865 مليون دولار، شملت شراء معدات تجسُّس من ألمانيا، بحسب ما كشفته صحيفة "ميدل إيست آي" البريطانية. وقبل رحيل المستشارة الألمانية إنجيلا ميركل بيوم واحد وافقت على صفقة سلاح ضخمة لنظام السيسي تصل إلى 4.5 مليارات يورو. وتشمل صفقتا الأسلحة الألمانية الأخيرة لمصر توريد شركة "تيسن كروب" الألمانية للأنظمة البحرية ثلاث فرقاطات من طراز "ميكو إيه 200- إي إن" إلى مصر، بالإضافة لتوريد شركة "ديل ديفينس" الألمانية 16 نظام دفاع جوي من طراز "إيريس-تي إس إل إس/إس إل إكس" إلى مصر.

رابعا، في غرة فبرير 2022م، أعلن المتحدث العسكري للجيش المصري عن إبرام صفقة أسلحة كبرى مع شركة "هانوا" الكورية الجنوبية للصناعات الدفاعية والعسكرية، لشراء أسلحة مدفعية من طراز "كيه-9 هاوتزر" وهي مدفعية متطورة إضافة إلى أن الصفقة تتضمن التصنيع المشترك للمنظومة الدفاعية المتطورة.

ورغم كل هذه الصفقات المليارية الضخمة فإن السيسي عاجز عن حماية الأمن القومي المصري أمام التهديد الإثيوبي في ملف  النيل وإصرار أديس أبابا على تحويل النيل إلى بحيرة إثيوبية، وحرمان مصر من جزء كبير من حصتها المائية رغم الفقر المائي الذي تعانيه القاهرة.