نعت كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، 3 من كوادرها استشهدوا الثلاثاء 25 يوليو 2023م، في اشتباك مسلح مع قوات الاحتلال الإسرائيلي في نابلس شمال الضفة الغربية. وقالت الكتائب في بيان لها إن الشهداء انطلقوا صباح الثلاثاء لتنفيذ هجوم على أهداف معادية، لكنهم اصطدموا بقوة إسرائيلية واشتبكوا معها قبل أن تقتلهم. وتابع البيان "نقول للمحتل وحكومته الإجرامية بأننا لن نترك الأقصى وحيداً، ولن تمر جرائمكم بحق شعبنا ومقدساتنا، وجهادنا لن يتوقف حتى تسجد جباهنا سجدة النصر في باحات المسجد الأقصى وندحر المحتل عن أرضنا وترابنا وما ذلك على الله بعزيز".
وكان جيش الاحتلال الإسرائيلي قد أعلن صباح الثلاثاء أنه قتل 3 شبان فلسطينيين قال إنهم حاولوا إطلاق النار من سيارتهم باتجاه جنود الكتيبة 603 عند مدخل الحي السامري على جبل جرزيم في نابلس. واحتجز الاحتلال جثامين الشهداء الثلاثة، في حين هنأ وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت قواته في تغريدة على تويتر.
وقالت مراسلة الجزيرة جيفارا البديري في وقت سابق إن قوات الاحتلال منعت الطواقم الطبية الفلسطينية من الوصول إلى المكان. وذكرت المراسلة أن شهودا في المنطقة أفادوا بسماع دوي حوالي 80 من الأعيرة النارية باتجاه السيارة. وعرض تلفزيون فلسطين لقطات لمركبة عسكرية تمنع الوصول إلى المنطقة التي استشهد فيها الشبان، بما في ذلك سيارة إسعاف، فيما يجري الجنود عملية تفتيش في ما يبدو.
والشهداء الثلاثة هم منتصر سلامة وسعد ماهر الخراز ونور العارضة. وأثارت الحادثة غضبا فلسطينيا واسعا، حيث قال المتحدث باسم حركة حماس عبد اللطيف القانوع إن ما حدث يضاف إلى "سجلات جرائم حكومة الاحتلال الإسرائيلي". وأكد القانوع أن قتل المقاومين في الضفة الغربية لن يضعف تمدد الحركة أو يحد من ضرباتها، وتوعد بالرد قائلا إن "دماء الشهداء لن تذهب هدرا"، وإن الاحتلال "سيدفع ثمن جريمته".
من جانبها، نعت حركة الجهاد الإسلامي الشهداء الثلاثة، وقالت إن "هذه الجريمة تفتح الطريق أمام المزيد من الاستعداد للتضحية والعمل الفدائي المقاوم"، وفقا لما جاء في بيان للحركة. وكذلك أعربت حركة فتح عن استنكارها، وقالت إن "سياسة القتل ومحاولات ترهيب الفلسطينيين لن تجدي نفعا"، مضيفة أن حكومة الاحتلال لم تجد سوى الدم الفلسطيني وسيلة لحل أزمتها الداخلية، وفق تعبيرها. وقال الناطق باسم رئاسة السلطة الفلسطينية نبيل أبو ردينة إن استمرار عمليات القتل اليومية واقتحام المدن الفلسطينية والاعتداءات وغيرها من الجرائم لن تجلب الأمن والاستقرار لأحد، وفق تعبيره.
وجاءت هذه التطورات بعد ساعات من نشر تعزيزات أمنية إثر إعلان الجيش الإسرائيلي أن حافلة مستوطنين تعرضت لإطلاق نار عند بلدة حوارة جنوبي نابلس مساء أمس الاثنين. وأغلقت قوات الاحتلال حاجز حوارة في كلا الاتجاهين وباشرت عمليات تفتيش بحثا عن مشتبه بهم في تنفيذ عملية إطلاق النار.
في الأثناء، تواصل قوات الاحتلال اقتحام بلدات ومخيمات في مناطق عدة بالضفة الغربية المحتلة. وفي وقت سابق، أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية إصابة 4 مواطنين برصاص الاحتلال و9 آخرين بشظايا خلال اقتحام قوات الاحتلال مخيم نور شمس في طولكرم شمالي الضفة الغربية. وأكد الهلال الأحمر الفلسطيني أن قوات الاحتلال منعت الطواقم الطبية من الدخول إلى المخيم.
وفي أعقاب العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في مايو 2023م، ارتفعت نسبة المرضى النفسيين بين اليهود في الأراضي الفلسطينية المحتلة بنسبة "340%" عن فترة ما قبل الحرب الأخيرة بسبب صواريخ المقاومة الفلسطينية وعملياتها ضد الاحتلال. وحسب جمعية "نتال" لتقديم الدعم النفسي لضحايا الصدمة" فقد زاد عدد المرضى النفسيين بنسبة 340٪ في عدد الطلبات المقدمة من الإسرائيليين، بسبب الهجمات الفلسطينية، وتم تلقي أكثر من 1300 مكالمة من خلال خطوط المساعدة الخاصة، التي باتت تستقبل استشارات نفسية بنسبة 42٪ من سكان وسط فلسطين المحتلة الأقل اعتيادًا على إطلاق الصواريخ.
وفي تقرير أعدته كورين ألوش مراسلة صحيفة "يديعوت أحرونوت"، فإن "طلب الدعم النفسي تمثل بإسرائيليين تسببت لهم الهجمات الفلسطينية بضيق عقلي تجلّى بخوفهم من مغادرة المنزل، والقلق على أنفسهم، كما وصلتهم طلبات من سكان وجنود قدامى تعرضوا لإطلاق صواريخ وهجمات في الماضي، وأثارت أحداث الحرب الأخيرة قلقهم، حيث تم استلام 25162 مكالمة على خطوط المساعدة الخاصة، أكثر بقليل من الثلث جاءت عقب إطلاق النار في شارع ديزنغوف، وتم عقد 7600 ساعة من ورش العمل حول التدخلات الطارئة في المجتمع الإسرائيلي".
وينقل تقرير "يديعوت أحرونوت"، عن "رئيس الدولة يتسحاق هرتسوغ أن السنوات الأخيرة شهدت تعرضنا لتحديات الصحة العقلية، بسبب عودة العمليات الفلسطينية التي تسببت بإغراق مشاعر الخوف والقلق لدى العديد من الإسرائيليين، أما إفرات شيبروت رئيسة الجمعية فأكدت أن عام 2022 كان صعبًا، عقب اجتياح الدولة موجة من العمليات الفلسطينية، أدخلتنا في وضع أمني معقد وصعب، جعلتنا نشهد تزايدا مستمرا في مكالمات طلب المساعدة النفسية".
العجيب أن كثافة الدروع الإسرائيلية على الحدود مع قطاع غزة من أجل التصدي لصواريخ المقاومة تأتي بنتائج عكسية؛ وحسب ماتان تسوري المراسل العسكري لصحيفة "يديعوت أحرونوت" فإن "الجدران الحدودية التي يواصل الجيش بناءها حول غزة تضيق على المستوطنين، لأن زيادة الحماية من النيران التي تستهدف الدبابات من قطاع غزة تزعجهم، وكدرس من جولات العدوان السابقة، قام جيش الاحتلال بوضع ألواح خرسانية في محيط قطاع غزة لإحباط التهديد الفلسطيني الكبير المتمثل بصواريخ مضادة للدروع".
وتكشف المعطيات الخاصة بالصدمات النفسية للإسرائيليين بسبب الحروب مع غزة، وإقامة المزيد من الاحتياطات الأمنية خشية من ضربات المقاومة، أنه بعد كل حرب يشنها الاحتلال على الفلسطينيين تقترب الجدران من مستوطنيه أكثر فأكثر، ويقوم الجيش بتحديد المواقع المعرضة للنيران المضادة للدبابات، وفي المستقبل القريب، سيتم بناء المزيد من الجدران والجسور الترابية في أقسام معينة من المستوطنات، مما يبدد التفاؤل المبالغ فيه حول استعادة الردع ضد غزة، ويوضح للجميع أن الجولة القادمة مجرد مسألة وقت.
