مرتزقة البلاك ووتر أو “الجيش الأمريكي غير الرسمي”، بحسب خبراء عسكريين، سيكون في غزة قريبا لتنفيذ عملية الاجتياح البري التي فشل فيها جيش الاحتلال الصهيوني، بعدما انهارت معنوياتهم جراء مفاجآت أبطال القسام، وهو من أحد الأسباب الأساسية لتأخير العملية البرية الصهيونية ضد غزة.
وأكد مراقبون أن واشنطن بدأت بالفعل في تجنيد مستأجرين ليشاركوا في العملية البرية، وهم تابعين لشركة بلاك ووتر BLACKWATER الأمريكية، وبرزت شركة بلاك ووتر مع احتلال الولايات المتحدة للعراق عام 2003، فهل يكون أهل الإيمان في غزة في انتظارهم؟.
ولليوم الـ17 على التوالي تواصل إسرائيل ارتكاب المجازر بحق المدنيين في قطاع غزة، حيث قصفت الأحياء السكنية والمستشفيات، مما أدى لسقوط نحو 400 شهيد خلال الـ24 ساعة الماضية، في حين أبلغ جيش الاحتلال الإسرائيلي القيادة السياسية، بأنه لا مفر من عملية برية في غزة لتحقيق هدف القضاء على حماس.
وفي عام 2011 منحت وزارة الخارجية الأمريكية شركة المرتزقة الأمريكية المعروفة باسم “بلاك ووتر” Black Water ، والتي غيرت اسمها بعد كشف جرائمها في العراق إلى شركة المقاولات الأمنية الأمريكية الخاصة “خدمات أكسي” XE ، عقدا بقيمة 84 مليون دولار سنويا لتقديم خدمات أمنية في الضفة الغربية المحتلة لمدة خمس سنوات.
وبسبب صعوبة التورط الأمريكي المباشر في العديد من مناطق الصراع في العالم، أوكلت الولايات المتحدة والعديد من الدول الأوروبية أيضا العديد من مهام القتال القذرة أو المهام الأمنية السرية لشركات مرتزقة أمريكية، أبرزها (دين كورب) و(بلاك ووتر) التي غيرت اسمها مؤخرا بعد الكشف عن مشاركتها في تعذيب محتجزين لديها إلى اسم جديد هو (أكسي) أو (XE ) .
ولخطورة الدور الذي لعبته وتلعبه هذه الشركات في العراق وأفغانستان والصومال وفي انفصال جنوب السودان وقيامها بتدريب جيش الجنوب وتوفير السلاح له ودعمه في كافة الميادين القتالية، ومن المهم إلقاء الضوء على التاريخ والدور القذر لهذه الشركة .
فقد لعبت هذه الشركة دورا قذرا في تعقب وقتل المقاومة بالعراق منذ بداية الغزو الأمريكي 2003، وقتل موظفوها المرتزقة مئات المدنيين بالعراق، ورغم أن شركة (بلاك ووتر) Black water (المياه السوداء) لخدمات المرتزقة والحماية، نشأت عام 1996-1997 ، فلم يشتهر اسمها إلا حينما نشرت وسائل الإعلام العالمية في 31 مارس 2004 خبر وصور قتل أربعة من المدنيين الأمريكان وسط مدينة الفلوجة العراقية، وظهور صور جثثهم المحروقة على شاشات التلفزيون في جميع أنحاء العالم، ليتبين لاحقا أنهم من المرتزقة العاملين في هذه الشركة وليسوا مدنيين.
يومها كشفت صحيفة “لوس أنجلوس تايمز” أن خصخصة الحرب الأمريكية في العراق قطعت شوطا طويلا منذ توقيع عقد بقيمة 300 مليون دولار بين وزارة الخارجية الأمريكية و«بلاك ووتر» لحراسة بول بريمر الحاكم الأمريكي السابق للعراق والسفير الأمريكي في بغداد زلماي خليل زادة، وقالت: إنه “ومن أجل خلق الحوافز لجذب المرتزقة بعقود خاصة في ظروف الحرب، تدفع الشركة 350 ألف دولار سنويا للمتعاقد مقارنة بـ36 ألف دولار سنويا متوسط راتب الجندي في الجيش الأمريكي النظامي ما يغري المحترفين العسكريين على اللحاق بها”.
هنا فقط تذكر العراقيون مئات المذابح والتفجيرات التي جرت على يد هؤلاء المرتزقة وهذه الشركة، ولم ينسوها خصوصا أن مرتزقة هذه الشركة عادوا للانتقام من سنة الفلوجة العراقيين، وحولوا مدينة المآذن العراقية لخراب.
أما أبرز أسباب إيكال المهام القذرة لهذه الشركة الأمنية التي تعمل بسرية بالغة، فيرجع لأن مثل هذه الشركات ومرتزقتها لا تتحمل أي عواقب أو متابعات قانونية إذا ما اكتشف عملها الإجرامي، وسيسهل على أمريكا نفي صلتها بهذه الأعمال والزعم أنها من قبل إرهابيين.
وعندما أسس إيريك برنس شركة بلاك ووتر، مستفيدا من جمعه بين خبرات سياسية ودينية وعسكرية، ضم معه عدة رجال من القوات الخاصة السابقين من ذات اليمين المسيحي المتطرف، بهدف بيع الخدمات الأمنية والتدريب العسكري ، ولهذا نجحت علاقات غالبية هؤلاء المتعاونين معه ومع إدارة الرئيس السابق بوش اليمينية في تأمين عمل ضخم لهذه الشركة، جعلها من كبرى شركات المرتزقة رغم أنها ليست الأولى العاملة في هذا لمجال .
فمن المتنفذين الأقوياء في شركة بلاك ووتر شخص اسمه “جاي كوفر بلاك” الذي عمل كمسئول كبير في إدارة بوش وعمل سابقا لمدة ثلاثين عاما في جهاز المخابرات المركزية الأمريكية.
وكان كوفر بلاك أحد مسئولي المخابرات المركزية الرئيسين في أفريقيا خلال العقدين السابع والثامن من القرن الماضي ووصل إلى السودان في أوائل التسعينيات، متنكرا تحت غطاء دبلوماسي لمتابعة فعاليات واصطياد الإرهابي العالمي ” كارلوس ” .
بعدها انتقل كوفر بلاك للعمل في أمريكا اللاتينية، ولكن قبل أحداث 11/9/2001 أعيد إلى الولايات المتحدة وعين ليرأس مركز مكافحة الإرهاب التابع لوكالة المخابرات المركزية.
وكوفر بلاك أيضا مسؤول عن النشاط السري “إكسترا أوردينيري ريندشن” الذي تقوم به وكالة المخابرات المركزية، وهو اختطاف ونقل السجناء العرب والمسلمين من دول ونقلهم إلى سجون سرية في دول أخرى في أوروبا الشرقية وبعض الدول العربية والأفريقية لتعذيبهم والحصول منهم على معلومات استخباراتية تحت التعذيب.
ومن مخضرمي شركة المرتزقة “بلاك ووتر” أيضا “روبوت ريتشر” وهو عضو في وكالة المخابرات المركزية الأمريكية أيضا، وبمساعدة إيرك برنس أسسا شركة جديدة ضمن بلاك ووتر تدعى “توتال إنتيليجينس سوليوشن” لخصخصة الحصول على المعلومات الإستخبارية.
وتمتلك شركة بلاك ووتر أسطولا جويا مكونا من أكثر من 20 طائرة نقل، قسم منها مشابه للطائرات التي استعملت في عملية الـ “إكسترا أوردينيري ريندشن” وطائرات عمودية تعمل في العراق أيضا لنقل الجنود والمرتزقة والقيام بعمليات عسكرية وأمنية لقتل العراقيين خارج نطاق فعاليات الجيش النظامي الأمريكي، وبعيدا عن النظم والقوانين التي تتحكم بالعمليات العسكرية النظامية أو حتى المدنية منها .
وقد أهلت هذه العلاقات بين مسئولي الشركة والإدارة والمخابرات الأمريكية، شركة بلاك ووتر للحصول على عقود بأرقام وهمية للجيش الأمريكي بشكل مباشر، وكذا عقود مع وزارة الخارجية الأمريكية .
وشأنها شأن بقية شركات المرتزقة التي تتهرب من العدالة الدولية ، تعمل بلاك ووتر منذ عام 2004 على وضع مرتزقتها وقواتها تحت مجموعة القوانين الموحدة للعدالة أو القضاء العسكري، المعروفة باسم نظام المجلس العسكري ، وتستفيد من تصنيفات سابقة ذكرها وزير الدفاع الأمريكي السابق دونالد رامسفيلد لمرتزقتها باعتبارهم ضمن تعداد القوات الأمريكية في العراق التي تقول الإدارة الأمريكية إنهم فوق المساءلة القانونية.
وقد ارتفعت حصيلة العدوان على غزة إلى 5300 شهيدا بينهم أكثر من 2055 طفلا و1119 امرأة، بالإضافة إلى 18 ألف مصاب، و1500 مفقود تحت الأنقاض، بينهم 830 طفلا.
في المقابل، قُتل أكثر من 1400 إسرائيلي في عملية طوفان الأقصى، بينهم 308 عسكريين، ويوجد أكثر من 200 أسير تحتفظ بهم المقاومة داخل قطاع غزة.
وفي الضفة الغربية، ارتفع إلى 94 عدد الشهداء منذ عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر الجاري، وذلك بعد استشهاد 6 فلسطينيين برصاص قوات الاحتلال في جنين ونابلس والخليل.
