صورة مرعبة لطفل فلسطيني مات جائعا.. شبح “الكفارنة” يطارد ملياري مسلم

- ‎فيتقارير

ارتقى اليوم الطفل يزن الكفارنة شهيدا بعد الجوع الذي تمكن منه حتى النخاع ولم يدع في جسده ذرة من صحة أو عافية يقوى بها على الاستمرار في الحياة، وانتهت أنفاسه البطيئة بعد أن توقفت أعضاء جسده عن العمل تماما عقب أيام طويلة من غياب الطعام والشراب عنه وعن أكثر من مليون ونصف مليون شخص ينتظرون نفس المصير بعد أن تنتهي مقاومتهم وتخور قواهم وتستسلم أجسادهم الهزيلة.

 

اللافت أن الجوع الذي تمكن من قتل “الكفارنة” تسلل إليه رغم أن 2 مليار مسلم يتابعون تطورات الأزمة بشكل لحظي ويعلمون أن أبناء غزة يواجهون أزمة غير مسبوقة في التعرض للقصف والقتل والقنص ومن نجا منهم من القتل افترسه الجوع الذي ساهمت الدول المحيطة بفلسطين بحصارها لقطاع غزة منذ 17 عاما وزاد الحصار في الشهور الخمسة الأخيرة لتساهم مع العدوان الصهيوني في قتل الفلسطينيين بكافة الوسائل.

 

وقبل أن يلفظ الطفل “يزن” أنفاسه الأخيرة صباح اليوم إثر تدهور وضعه الصحي بسبب سوء التغذية في قطاع غزة، حذر المكتب الإعلامي الحكومي بغزة من أن المجاعة تتعمّق في قطاع غزة وعمليات الإنزال الجوي للمساعدات غير مجدية، محملا المسؤولية للإدارة الأمريكية والمجتمع الدولي والاحتلال “الإسرائيلي”.

وأشار المكتب إلى أن 2 مليون و300 ألف شخص يعانون من النقص الحاد في الغذاء، وتتعمّق المجاعة بشكل أكبر في محافظتي شمال غزة وغزة، وهذه الكارثة بدأ يروح ضحيتها الأطفال، حيث ارتقى حتى الآن 15 طفلاً نتيجة الجوع وسوء التغذية والجفاف، وهذا يهدد حياة أكثر من 700,000 مواطن فلسطيني يعانون الجوع الشديد.

 

ولفت إلى أن بعض الدول اجتهدت حول فكرة إنزال المساعدات جوا عبر طائرات قليلة، ولكن الجميع يعلم بأنها ليست الطريقة الأمثل لتقديم المساعدات لأهالي قطاع غزة، مؤكدا أن هناك دولا نفّذت عمليات إنزال جوي للمساعدات وتحمل نوايا طيبة، وهناك دولاً نفّذت عمليات الإنزال ذات نوايا خبيثة والتفافية مثل الولايات المتحدة الأمريكية وغيرها حيث يشاركون فعلياً في الحرب ويمدون الاحتلال بالأسلحة ويمنحونه الضوء الأخضر لارتكاب المزيد من المجازر.

 

وأوضح أن إنزال المساعدات جواً يكون عرضة للتلف بسبب الظروف الجوية أو الحوادث الخطيرة في قطاع غزة، فمن المساعدات التي تم إنزالها وقعت في البحر ولم تصل إلى الناس، بينما النقل البري للمساعدات يصل بشكل آمن للمواطنين وللناس ولا يتعرض للتلف.

 

وأضاف أن سياسة إغلاق المعابر البرية أمام قوافل المساعدات الإغاثية والتموينية والغذائية تعدّ جريمة حرب مخالفة للقانون الدولي وللقانون الدولي الإنساني ولكل المواثيق الدولية، وهو ما يفعله الاحتلال ضد شعبنا الفلسطيني منذ بدء حرب الإبادة الجماعية.

 

من جانبه أشار المتحدث الإعلامي باسم وزارة الصحة د. أشرف القدرة إلى أن سكان شمال غزة يصارعون الموت نتيجة المجاعة التي فاقت أي مستويات عالمية؛ نتيجة شح مياه الشرب وعدم توفر الطعام، وراح ضحيتها عشرات الأطفال والنساء والمسنين حتى اللحظة.

 

وأضاف أنه نتيجة الحرب وقيود إسرائيلية بات سكان القطاع لا سيما في محافظتي غزة والشمال في براثن المجاعة، في ظل شح شديد في إمدادات الغذاء والماء والدواء والوقود، مع نزوح نحو مليوني من السكان القطاع، البالغ عددهم حوالي 2.3 مليون، والذي تحاصره إسرائيل منذ 17 عاما.

 

ودعا القدرة الأمم المتحدة إلى “تفعيل القانون الدولي الإنساني لحماية المدنيين والمؤسسات والطواقم الصحية، وتوفير أسباب النجاة لسكان قطاع غزة لمنع الكارثة الإنسانية”.

 

من جانبها أشارت المديرة الإقليمية لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أديل خُضُر بأنّ “وفيات الأطفال التي كنّا نخشى حدوثها” في قطاع غزة صارت “حقيقة واقعة” الآن، مؤكدةً أنّ أطفال غزة يموتون ببطء تحت أنظار العالم.

 

وبينما أشارت خضر إلى أنّ 10 أطفال على أقلّ تقدير توفّوا في الأيام الأخيرة، بسبب سوء التغذية والتجفاف في مستشفى كمال عدوان الواقع شماليّ قطاع غزة بحسب تقارير، أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة استشهاد 15 طفلاً في هذا السياق، في مستشفى كمال عدوان الواقع في شمال القطاع المعزول عن باقي المناطق، وسط الحرب الإسرائيلية المتواصلة على الفلسطينيين في غزة وسوء التغذية الناجم عنها.

 

أضافت خضر أنّ من المرجّح أنّ يكون أطفال آخرون يقاتلون من أجل حياتهم في مكان ما، في أحد المستشفيات القليلة الباقية في قطاع غزة، وأنّ من المرجّح أنّ ثمّة أطفالاً آخرين في الشمال غير قادرين على الحصول على الرعاية مطلقاً.

 

وتابعت المديرة الإقليمية لمنظمة يونيسف في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، قائلةً إنّ “النقص واسع النطاق في الطعام المغذّي والمياه النظيفة والخدمات الطبية نتيجة مباشرة للعوائق التي تحول دون وصول المساعدات والمخاطر المتعدّدة التي تواجه عمليات الأمم المتحدة الإنسانية”، مبيّنة أنّ هذا النقص “يؤثّر في الأطفال وكذلك في الأمهات، معوِّقاً قدرتهنّ على إرضاع أولادهنّ رضاعة طبيعية، خصوصاً في شمال قطاع غزة”. وأكدت أنّ “الناس جياع ومرهقون ويعانون من الصدمة”.

 

وبحسب خضر، فإنّ “تفاوت الظروف ما بين الشمال (من قطاع غزة) والجنوب دليل واضح على أنّ القيود المفروضة على المساعدات في الشمال تكلّف أرواحاً. وقد وجدت فحوصات سوء التغذية التي أجرتها يونيسف وبرنامج الأغذية العالمي في الشمال، في يناير الماضي، أنّ نحو 16 في المائة” من الأطفال “يعانون من سوء التغذية الحاد”، وهو ما يعادل طفلاً واحداً من بين كلّ ستّة أطفال دون الثانية من العمر. أمّا في الجنوب حيث تتوافر المساعدات أكثر، تحديداً في رفح الواقعة في أقصى جنوب القطاع، فقد بيّنت “فحوصات مماثلة (…) أنّ خمسة في المائة من الأطفال دون سنّ الثانية يعانون من سوء التغذية الحاد”.