مع المساعي الدولية لوقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل، تصر الأخيرة على المضي قدما في قتل المدنيين الأبرياء في الجانب اللبناني وتدمير المزيد من البنية التحتية قبل الدخول في مفاوضات وقف إطلاق النار.
وما يدلل على ذلك هو استمرار الجانب الصهيوني في قصف المدنيين وممتلكاتهم، حيث استهدفت غارة إسرائيلية جديدة الجمعة مدينة بعلبك شرقي لبنان، دون إنذار إسرائيلي مسبق للمنطقة التي تتعرض لغارات عنيفة خلال الأيام الأخيرة، بحسب وكالة الأنباء اللبنانية.
وقالت الوكالة: إن “الطيران المعادي شن غارة على حي الزهراء في مدينة بعلبك”.
يأتي ذلك بعد أن نفذت إسرائيل أكثر من عشر ضربات جوية على الأقل فجر وصباح الجمعة، استهدفت الضاحية الجنوبية لبيروت، لأول مرة منذ ما يقرب من أسبوع، وفق ما أعلنت وكالة رويترز.
يأتي ذلك بعد أن حذر الجيش الإسرائيلي على لسان المتحدث باسمه أفيخاي أدرعي قبل القصف، سكان منطقة الضاحية الجنوبية “في بعض المباني في حارة حريك، تحويطة الغدير، الغبيري، برج البراجنة، والنبطية” بضرورة الإخلاء والابتعاد عن تلك المناطق.
وأوضح أدرعي في تغريدة على منصة إكس، أن هذه الأهداف هي “منشآت ومصالح تابعة لحزب الله” حيث سيعمل الجيش الإسرائيلي ضدها على المدى الزمني القريب.
واستشهد ستة مسعفين على الأقل من هيئتين صحيتين تابعتين لحزب الله وحركة أمل الخميس، خلال غارات إسرائيلية استهدفت مناطق في جنوب لبنان، حسبما أفادت وزارة الصحة اللبنانية في بيانات منفصلة، ليرتفع بذلك عدد المسعفين القتلى منذ بدء التصعيد في لبنان إلى 178 شخصاً على الأقل.
وفي حصيلة جديدة، قالت وزارة الصحة اللبنانية: إن “إجمالي عدد القتلى جراء الغارات الإسرائيلية في لبنان وصل إلى 2867 شخصاً، بينما جرح حتى الآن 13047شخصاً منذ بدء العمليات الإسرائيلية”.
نتنياهو يصر على قتل المدنيين
وفي سياق ذلك، أكّد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الخميس، لمبعوثَين أمريكيين، أن أي اتفاق لوقف إطلاق النار مع حزب الله اللبناني يجب أن يضمن أمن بلاده.
وفي وقت لاحق قال نتنياهو خلال مراسم عسكرية في جنوب إسرائيل: “أقدّر بشدة الدعم الأمريكي، وسياستي بسيطة، وهي أنه عندما يكون الأمر ممكناً أقول نعم، ولكن عند الضرورة أقول لا”.
وأضاف “الجيوش الإرهابية لن تكون بعد الآن على حدودنا، حماس لن تسيطر بعد الآن على غزة، وحزب الله لن ينتشر على حدودنا الشمالية في مواقع تسمح له بغزو إسرائيل، على بعد أمتار من حدودنا”.
الموقف اللبناني
على الجانب الآخر قال مصدر سياسي لبناني كبير، ودبلوماسي رفيع المستوى: إن “المبعوث الأمريكي إلى لبنان آموس هوكشتاين طلب من لبنان، هذا الأسبوع، إعلان وقف إطلاق النار من جانب واحد مع إسرائيل، في إطار الجهود الرامية لدفع المفاوضات التي تهدف إلى حل الصراع المستمر منذ أكثر من عام”.
وقال المصدران: إن “هوكشتاين نقل المقترح لرئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي”.
واعتبر رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبناني نجيب ميقاتي، الجمعة، أن توسيع إسرائيل قصفها على لبنان مؤشرٌ على “رفضها” مساعي وقف إطلاق النار، بعد غارات إسرائيلية عنيفة على ضاحية بيروت الجنوبية فجراً.
وجاء، في بيان صادر عن مكتبه، أن ميقاتي قال، خلال لقائه القائد العام لقوة الأمم المتحدة في جنوب لبنان: إن “توسيع العدو الإسرائيلي مجدداً نطاق عدوانه على المناطق اللبنانية واستهداف الضاحية الجنوبية لبيروت مجدداً بغارات تدميرية، كلّها مؤشرات تؤكد رفض العدو الإسرائيلي كل المساعي التي تبذل لوقف إطلاق النار، تمهيداً لتطبيق القرار 1701 كاملاً”.
الخسائر الصهيونية
أعلن حزب الله في بيان له فجر الجمعة، أن “الحصيلة التراكمية لخسائر الجيش الإسرائيلي منذ بدء العملية البرية في جنوب لبنان بلغت أكثر من 95 قتيلاً و900 جريح”.
من جانها أكدت وسائل إعلام إسرائيلية أن حصيلة القتلى بين جنود الجيش الإسرائيلي وصلت إلى 37 جندياً، خلال المعارك المستمرة في جنوب لبنان وعلى الحدود الشمالية لإسرائيل.
وأشار حزب الله إلى أنه استطاع تدمير “42 دبابة ميركافا وعدد من الناقلات العسكرية والمدرعة، بالإضافة إلى إسقاط 5 طائرات مسيّرة”، مشيراً إلى أن هذه الحصيلة لا تتضمن “خسائر الجيش الإسرائيلي في القواعد والثكنات العسكرية والبلدات والمدن الإسرائيلية”.
وكان الحزب قد أعلن الخميس، تنفيذ 25 عملية عسكرية ضد الجيش الإسرائيلي تضمنت التصدي لمحاولات تقدم واستهداف مواقع وقواعد عسكرية.
وقال الجيش الإسرائيلي صباح الجمعة: إنه “رصد حوالي 10 صواريخ أطلقت من لبنان نحو إسرائيل، مشيراً إلى أنه تم اعتراض بعضها وسقطت أخرى في مناطق مفتوحة”.
كما أعلن الجيش الإسرائيلي الليلة الماضية أن سلاح الجو اعترض طائرتين دون طيار قادمتين من الشرق في منطقة البحر الأحمر قبل دخولها المجال الإسرائيلي، واعترض طائرة أخرى دون طيار في الأجواء السورية، بالإضافة إلى طائرة أخرى قادمة من لبنان إلى منطقة الجليل الأوسط شمالي إسرائيل.
الخسائر اللبنانية
تعرض ما يقرب من ربع المباني في 25 مدينة وقرية في لبنان بالقرب من الحدود مع إسرائيل لأضرار أو دمرت حتى اليوم (الجمعة)، وفقا لتحليل بيانات الأقمار الصناعية الذي أجرته صحيفة واشنطن بوست.
وتعرض ما لا يقل عن 5,868 مبنى للأضرار أو التدمير، بما في ذلك ما يقرب من نصف المباني في المنطقتين الأكثر تضرراً، عيتا الشعب وكفركلا. الغالبية العظمى من الأضرار، حوالي 80%، حدثت منذ 2 أكتوبر، أي اليوم التالي لشن إسرائيل العملية البرية.
ومنذ ذلك الحين، استمر الدمار بوتيرة سريعة، حيث تضاعف تقريباً كل أسبوعين، حتى مع إشارة المسؤولين الإسرائيليين إلى استعدادهم لبدء المفاوضات لإنهاء الحرب.
وذكرت صحيفة واشنطن بوست أيضًا أن الحرب الآخذة في التوسع طالت جميع أنحاء لبنان تقريبًا وأجبرت حوالي 1 من كل 5 أشخاص على إخلاء منازلهم.
ومنذ بدأ حزب الله إطلاق الصواريخ على إسرائيل تضامنا مع غزة بعد السابع من أكتوبر، نزح أكثر من 834 ألف شخص من منازلهم معظمهم من ثلاث مناطق في جنوب البلاد، وفقا للمنظمة الدولية لدعم اللاجئين.