قال موقع “ميدل إيست آي” إن شركة مصرية تتقاضى 20 ألف دولار “رشوة” من الشاحنات الداخلة إلى غزة.وكشفت أن شركة “أبناء سيناء” ينظمون دخول الشاحنات رغم أن هذا الدور من المفترض أن يكون حكراً على “الهلال الأحمر”.
وأضافت أنه “تظل هذه الرسوم (غير القانونية) أحد أسباب ارتفاع أسعار السلع داخل القطاع، ما يجعل من الصعب على الأسر شراء الضروريات التي لا تغطيها المساعدات”.
احتكار العرجاني
وقال الموقع البريطاني للصحيفة إن الزعيم القبلي القوي إبراهيم العرجانى يواصل احتكار التصاريح للشاحنات التجارية والمساعدات على الرغم من اتفاق وقف إطلاق النار، مما يزيد من معاناة الفلسطينيين.
وأوضح أنه تزداد جهود إدخال المساعدات إلى غزة بعد وقف إطلاق النار تعقيدا بسبب الرسوم الباهظة المفروضة على دخول الشاحنات، والسلطة الممنوحة لشركات “العرجانى” لتحديد الشاحنات التي تدخل القطاع، وفقا لمصادر مصرية وفلسطينية.
وتحمل الشاحنات البضائع التجارية وهي ما يفرض عليها رسوما لا تقل عن 20 ألف دولار، في حين تتعرض شاحنات المساعدات أيضا للابتزاز قبل العبور إلى غزة.
وأبانت أنه بعد 16 شهراً من بدء الحرب، كشفت مصادر داخل معبر رفح الحدودي أن شركتين مرتبطتين بشركة “العرجانى” تولتا جميع العمليات المتعلقة بتسليم المساعدات، مما أدى إلى تهميش الهلال الأحمر المصري بشكل كامل.
الأولى هي شركة أبناء سيناء وهي شركة تجارة ومقاولات وهي جزء من مجموعة شركات العرجانى وهي مجموعة شركات يملكها العرجانى وابنه عصام.
الشركة الثانية هي شركة Golden Eagle، وهي الشركة الفرعية لأبناء سيناء والمكلفة بتسهيل الخدمات اللوجستية لتوصيل المساعدات.
ونقل موقع ميدل إيست آي عن مصدر في معبر رفح أن “شركة أو مجموعة أبناء سيناء تتولى تنظيم دخول الشاحنات، رغم أن هذا الدور من المفترض أن يكون حصرياً للهلال الأحمر. وقد فتح هذا الباب أمام الفساد والرشاوى، حيث يتم دفع الأموال لإعطاء الأولوية لمرور شاحنات معينة على أخرى”. مضيفا أنه “بالطبع فإن الهلال الأحمر لا يستطيع تحديهم، وأصبح وجوده رمزياً فقط”.
ونقلت عن مصدر ثان في سيناء، أن “الهلال الأحمر تعاقد مع مجموعة العرجاني (أبناء سيناء)، للقيام بعمليات لوجستية في مخازن مدينة العريش، ومطار العريش، وداخل المعبر”.
وأردفت أنه أوكلت للمجموعة المملوكة للعرجاني أداء المهام لشركة النسر الذهبي التي تستقبل المساعدات من المطار أو الشحنات الدولية أو المساعدات الداخلة إلى المخازن اللوجستية، وتحميلها في شاحنات وتعبئتها وفق المواصفات المقبولة في معبري إسرائيل نيتسانا وكرم أبو سالم، ومعبر رفح، موضحة أن ذلك يأتي بالتعاون مع أفراد الأمن التابعين لأبناء سيناء.
وتابع الموقع النقل عن “المصدر” أن هناك آلاف المتطوعين في الهلال الأحمر يقومون بهذه المهام، ويتقاضى كل منهم مكافأة رمزية قدرها 250 جنيها مصريا يوميا (نحو 5 دولارات)، فيما يتقاضى آخرون من القاهرة ضعف هذا المبلغ.
وأضاف أن “الهلال الأحمر تعاقد مع أبناء سيناء، وترك هذا الجيش من المتطوعين عاطلاً، يتقاضون رواتبهم دون أي عمل سوى تسجيل أعداد الشاحنات والكميات”.
وقالت “ميدل إيست آي” إنها اتصلت بالحكومة المصرية والهلال الأحمر المصري ومجموعة العرجانى للحصول على تعليق، لكنها لم تتلق أي رد حتى وقت نشر هذا التقرير.
نوع البضائع
قبل حرب أكتوبر 2023، كان قطاع غزة يحتاج إلى دخول ما لا يقل عن 500 شاحنة مساعدات يومياً لتلبية احتياجات 2.3 مليون نسمة يعيشون تحت الحصار “الإسرائيلي”، منذ عام 2007.
وانخفض عدد الشاحنات الداخلة إلى غزة بشكل كبير بعد الهجوم والحصار الشامل الذي فرضته إسرائيل منذ 9 أكتوبر 2023.
بعد الاتفاق على وقف إطلاق النار في 19 يناير، دفعت الأمم المتحدة باتجاه دخول 600 شاحنة يوميا في الأسابيع الستة الأولى كمتطلب عاجل لتخفيف الأزمة الإنسانية.
تهديد حماس
ومع إعلان حركة حماس، الاثنين، أنها ستعلق تسليم الأسرى الإسرائيليين احتجاجا على عدم كفاية كميات المساعدات التي تدخل قطاع غزة، والتي كانت أقل بكثير من شروط الاتفاق، سمحت “إسرائيل” الأربعاء بدخول ما لا يقل عن 801 شاحنة، بحسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا).
وفي وقت لاحق، أعلنت حماس يوم الخميس أن اتفاق وقف إطلاق النار عاد إلى مساره، والتزمت بالإفراج عن المزيد من الأسرى “الإسرائيليين” السبت كما تم الاتفاق، بعد أن بدأت الشاحنات التي تحمل الضروريات، بما في ذلك الخيام والمعدات الطبية والوقود، في دخول القطاع.
لكن الشاحنات التي تحمل المنازل الجاهزة (كرفانات) والمعدات الثقيلة لا تزال تنتظر في طوابير على الحدود ولم تحصل بعد على إذن من “إسرائيل” لدخول غزة، حسبما قال المصدر في معبر رفح لـ”ميدل إيست آي”، مصححاً تقارير إعلامية أشارت إلى العكس.
وقال الموقع إن الفلسطينيين في غزة في حاجة ماسة إلى الغذاء والمأوى والمعدات الطبية. وأولئك الذين عادوا إلى الشمال في أمس الحاجة إلى مأوى يحميهم من برد الشتاء القارس بعد أن تحولت أجزاء كبيرة من المنطقة إلى أنقاض بفعل القصف “الإسرائيلي”.
وقال إسماعيل ثوابتة، مدير مكتب الإعلام الحكومي الفلسطيني في غزة، لـ”ميدل إيست آي”، إن عدد الشاحنات الإنسانية والتجارية التي دخلت غزة منذ دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ قبل 23 يوماً بلغ نحو 9 آلاف شاحنة. مضيفا أن هذا أقل بكثير من الحد الأدنى المطلوب لكي تدخل شروط الصفقة حيز التنفيذ.
وأوضح أن هذه الكمية تكفي فقط خمسة في المائة من سكان غزة، وأن مئات الشاحنات من هذه المواد تحمل مواد غير أساسية أو ثانوية.
وقال إن هناك خللاً في نوعية البضائع الواردة إلى القطاع.
وأضاف أنه “بدلاً من الدقيق والسمن والزيت والأرز وغيرها من المواد الأساسية، وكذلك خزانات الأكسجين اللازمة لغرف العمليات أو معدات توليد الكهرباء، نجد عشرات الشاحنات تحمل سلعاً غير ضرورية على الإطلاق مثل الشوكولاتة ورقائق البطاطس والنسكافيه والمشروبات الغازية”.
وأضاف ثوابتة أن أهالي غزة يحتاجون بشكل عاجل إلى مواد البناء ومعدات إزالة الأنقاض للبدء بإعادة الإعمار، بالإضافة إلى البيوت المتنقلة والخيام.
“وهناك أيضًا حاجة ماسة إلى الإمدادات الطبية، بما في ذلك الأدوية والمعدات الطبية، والأدوات اللازمة لتحسين خدمات المياه والصرف الصحي لمنع انتشار الأمراض.”
رشاوى على الشاحنات التجارية
ومنذ غزو “إسرائيل” لمعبر رفح في مايو 2024 وإغلاقه لاحقا، توقفت أرباح شركة العرجانى من إجلاء المسافرين الفلسطينيين.
ولكن في الأشهر التي تلت إغلاق المعبر، استمر (العرجاني) في فرض رسوم غير رسمية تصل إلى 60 ألف دولار على الشاحنات التجارية لمغادرة البلاد عبر معابر أخرى، بما في ذلك معبري نيتسانا وكرم أبو سالم. وقد ساهمت هذه الرسوم في ارتفاع أسعار المواد الأساسية في غزة، بحسب ما ذكرته مصادر فلسطينية لموقع (ميدل إيست آي).
وتؤكد مصادر في معبري رفح وكرم أبو سالم، وكذلك في مدينة رفح المصرية وميناء العريش، أن شركة أبناء سيناء هي الشركة الوحيدة المخولة بنقل وإدخال البضائع التجارية من مصر إلى قطاع غزة مقابل رسوم.
وقال مصدر في معبر رفح لـ”ميدل إيست آي” إن “الرسوم المدفوعة لأبناء سيناء انخفضت منذ دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، من 60 ألف دولار لكل شاحنة إلى 20 ألف دولار لكل شاحنة”.
“ولكن هذه الرسوم (التي هي في الحقيقة رشاوى غير قانونية وغير رسمية) تظل أحد أسباب ارتفاع أسعار السلع داخل القطاع، ما يجعل من الصعب على الأسر شراء الضروريات التي لا تغطيها المساعدات”.
وأضاف المصدر أن بعض التجار في المقابل يدفعون رشاوى إضافية لإدخال بعض السلع مثل السجائر.
وتقوم “أبناء سيناء” بمصادرة السجائر من الشاحنات التجارية أثناء التفتيش وتمنع دخولها، حيث تمتلك الحق الحصري في إدخال السجائر إلى غزة، وفق ما علم موقع “ميدل إيست آي”.
وقال مصدر فلسطيني داخل غزة إن “احتكار السجائر أدى إلى ارتفاع أسعارها إلى مستويات جنونية، فالصندوق الذي يبلغ سعره 40 ألف جنيه مصري (أقل من 8 آلاف دولار) يباع في بعض الأحيان بـ 250 ألف دولار في غزة”.
شركة “الأقصى”!
وتسيطر مجموعة العرجانى، إضافة لشركة أبناء سيناء، على شركة أخرى تدعى “الأقصى”، على شاحنات النقل، مما يجعلها أكبر وسيط للشاحنات في مصر، حيث تقدم الشركة خدمات نقل البضائع من مصر إلى التجار داخل غزة مقابل رسوم إضافية تضاف إلى مبلغ 20 ألف دولار الذي تتقاضاه جمعية أبناء سيناء.
وتحدث الموقع مع تاجرين قائلين: “أصبح من الصعب ترتيب نقل البضائع دون المرور عبر الأقصى، الذي أصبح «احتكاراً تقريباً» في السوق”.
وقال ثوابتة ل “ميدل إيست آي”، إن “الحكومة الفلسطينية في غزة لا تحصل أي رسوم على الشاحنات على الإطلاق”. مضيفا، “بعض الشركات المسؤولة عن نقل البضائع تفرض رسوماً إضافية على الشاحنات المنتظرة للعبور، ما يزيد من تكلفة النقل”.
وقال الموقع إن الرسوم الإضافية تؤثر سلباً على أسعار السلع داخل القطاع، حيث يضطر التجار إلى رفع الأسعار لتغطية التكاليف المرتفعة، الأمر الذي يزيد من معاناة الفلسطينيين في غزة.
وانسحبت “إسرائيل” من معبر رفح في 31 يناير الماضي، ومنذ ذلك الحين، أصبح المعبر تحت إدارة فلسطينيين تابعين للسلطة الفلسطينية وموظفين آخرين من غزة غير تابعين لحماس، بحسب مصدر داخل المعبر، ونشرت قوة مدنية من موظفي الاتحاد الأوروبي على معبر الحدود في غزة للمساعدة في إجلاء الجرحى، ومن المقرر أن تنهي مهمتها بحلول نهاية المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار في الأسبوع الأول من شهر مارس.
كيف سيعمل الحزب السياسي الجديد في مصر على تعميق القمع الذي تمارسه الدولة
وكشف موقع “ميدل إيست آي” أن العرجانى رجل أعمال وسياسي وزعيم قبلي من سيناء متحالف مع عبد الفتاح السيسي. وأصبح اسم العرجاني مرادفًا للأرباح غير الرسمية التي تجنيها مصر من الحصار الخانق المفروض على غزة، وخاصة من الفلسطينيين اليائسين الذين يحاولون الفرار من القتال.
العام الماضي، قال موقع “ميدل إيست آي” إن شركة العرجانى كانت تجني ما لا يقل عن مليوني دولار يومياً من الفلسطينيين الذين يغادرون قطاع غزة عبر معبر الحدود مع مصر، وهو المعبر الوحيد الذي لا تسيطر عليه إسرائيل بشكل مباشر في ذلك الوقت. وكشف تقرير آخر أن شركات أورجاني كانت تتقاضى 5000 دولار من شاحنات المساعدات لدخول غزة.
https://www.middleeasteye.net/news/egypt-organi-firms-add-gaza-woes-charging-trucks-thousands-bribes