تزايدت أعداد المرضى النفسيين، وكذلك الذين فقدوا عقولهم، فى الشوارع خاصة فى القاهرة الكبرى ومدن المحافظات وهؤلاء يمثلون مصدر رعب للمارة خاصة الأطفال والفتيات والسيدات ..هذه الظاهرة الغربية أثارت الكثير من التساؤلات عن دور حكومة الانقلاب فى ايواء هؤلاء وعلاجهم وحل مشكلاتهم وعن دور الرعاية ومستشفيات ومراكز الصحة النفسية التى تزعم وزارة الصحة بحكومة الانقلاب أنها تخصص لها المليارات سنويا ؟
يُشار إلى أن بعض هؤلاء المرضى يرتكبون الكثير من الجرائم ويتخذون من مرضهم سندًا للبراءة، بينما لا احد يفكر فى محاسبة نظام الانقلاب على تجاهله لرعاية المرضى النفسيين خاصة أن أسرهم لا تستطيع تحمل تكلفة الرعاية والعلاج
تكاليف العلاج
حول المآسى التى يواجهها المرضى النفسيون قال سامح سعيد شاب أربعيني مريض نفسى وتعافى الان : كنت أهيم على وجهى فى الشوارع، وكنت بمثابة مصدر رعب للمارة، مشيرا إلى أنه ظل عدة سنوات يعانى من المرض النفسى.
وأضاف سعيد: الناس كانت مرعوبة منى لما بيشوفونى ومكنتش فاهم ليه ؟
وأشار إلى أنه لا يزال أعزب لعدم قدرته على الزواج، مؤكدا أن هذا الأمر تسبب فى تفاقم مرضه النفسي، وأوضح أنه كان يعانى ذهانا، وتظهر عليه أعراض هلاوس وضلالات .
وتابع سعيد : كنت أعيش مع والدتى ولم تكن تستطيع منعى من الخروج إلى الشوراع حيث كنت أجوب الشوارع لأيام طويلة.
وأوضح ان تكاليف العلاج تصل إلى1500 جنيه شهريًا، وهو ما تعجز عنه والدتى لظروفها الاقتصادية، كما يتكلف الطعام والشراب من 3 إلى 5 آلاف جنيه شهريًا وهو ما يتكفل به بعض أهل الخير .
جلسات نفسية
وقال رمضان حمدي، 44 عامًا، متزوج منذ سنوات ولم ينجب، انه مارس الكثير من المهن منها عامل فى فرن عيش وبائع فول وغيرها، وبدأت رحلة إصابتي بالمرض النفسى حينما أصبت بالفصام وكانت تظهر علي أعراض هلاوس.
وأشار « حمدي» إلى أنه عرض على طبيب نفسى لوصف الدواء المناسب لحالته وعمل جلسات نفسية لمعرفة نوعية الهلاوس التى يعانى منها، ومع الوقت شعر بالتحسن، وانخفضت حدة الأعراض بشكل ملحوظ ما سهل عليه التواصل مع من حوله والاندماج مع الآخرين.
وأكد أنه يعانى من التفكك الأسري، بسبب خلافات دائمة بينه وبين زوجته لعجزه المالي، لافتا إلى أن زوجته استولت على كل ممتلكاته بعد الطلاق.
وكشف « حمدي» أن نفقات علاجه تتراوح بين ٣ إلى ٥ آلاف شهريا، يتكفل بها أهل الخير .
الطب الشرعى
وقالت الخبيرة القانونية نهى الجندي، إن هناك فرقا أمام القانون بين الشخص المجنون، الذى يعانى والمريض النفسي، موضحة أن المجنون مغيب العقل دائمًا ومعفى من المسئولية القانونية حال اقدامه على جريمة ما، بينما المريض النفسى يتوقف على حالته حال إقدامه على الفعل وهنا تكون الكلمة للطب الشرعى.
وأضافت نهى الجندي فى تصريحات صحفية أن قانون العقوبات ينص أنه لا عقاب لمن فقد الشعور والاختيار لحظة ارتكاب الجريمة لجنون أو لإعاقة فى العقل أو اضراب نفسي، مؤكدة أن الكثير من الأطباء وعلماء النفس يرون أنه مجرد خلل، ولهذا الطب الشرعى هو من يحسم هذا الأمر وما إذا كان الامر تلاعبا من المحامى لكى ينقذ موكله من جريمة أم بالفعل هو مريض نفسى وأقدم على الفعل حال غيابه عن الوعي.
وأكدت أنه فى حال إقدام المريض النفسى على تعاطى المخدرات بكامل إرادته وارتكاب جريمة هنا تقع عليه المسئولية الجنائية وتهمة القتل مع سبق الإصرار والترصد، مشيرة إلى أن نص المادة 62، فقرة واحد من قانون العقوبات المستبدلة بالقانون رقم 71 لسنة 2009، بشأن رعاية المريض النفسي، تضمن نصا مستحدثا، بإضافة الاضطراب النفسى للمتهم إذا ما فقد الإدراك وقت ارتكاب الجريمة واعتباره سببا للإعفاء من المسئولية الجنائية.
وتابعت نهى الجندي: استقرت محكمة النقض على أن تقدير حالة المتهم العقلية أو النفسية من المسائل التى تختص المحكمة بالفصل فيها، فالمادة 338 نصت على أنه إذا استدعى الأمر فحص حالة اضطراب المتهم، يجوز لقاضى التحقيق أو الجزئي، أن يأمر بوضع المتهم اذا كان محبوسا احتياطيا تحت الملاحظة فى إحدى المنشآت الصحية الحكومية لمدة لا تزيد على 45 يوما بعد سماع أقوال النيابة العامة.
وأشارت إلى أن تحديد سن المتهم ضرورى وإذا كان طفلًا، فى هذه الحالة تُسأل أسرته جنائيًا عن هذا الفعل، إما اذا كان شابًا وكانت الأسرة عاجزة عن علاجه فطردته، فإن حكومة الانقلاب هى المسئولة عن رعايته .
خيانة مجتمعية
وقالت استشارى العلاقات الأسرية الدكتورة نادية جمال، إن هناك دلالات تؤكد وجود شخص مريض نفسى داخل الأسرة، عن طريق الملاحظة فإذا وجدنا أحد أفراد الأسرة ينعزل كثيرًا على غير العادة، ويدخل فى نوبات من الضحك الهستيرى بدون مناسبة أو البكاء بدون سبب، وغير ذلك من الإقبال على الطعام بشراهة أو فقدان تام للشهية كل هذا دلالات تؤكد إصابته بالمرض النفسي.
وأضافت نادية جمال فى تصريحات صحفية : من ضمن المؤشرات التى تؤكد وجود مريض نفسى داخل الأسرة، أن يكون الشخص غير قادر على النوم لفترات طويلة، ويعانى كوابيس، وسيطرة الأفكار السلبية عليه بشكل مبالغ فيه.
وطالبت الأسرة بضرورة احتواء الشخص المريض والصبر عليه حال خروجه عن المألوف فى تصرفاته، والمرونة فى التعامل فلا يتم تعنيفه على أى سلوك، ونمده بالشعور بالدفء الأسرى والإكثار من جلسات العائلة بوجوده، بشرط أن تكون الحالة قابلة للتغيير ولم تصل لحد العنف المضر لنفسه وللغير، مشددة على أنه فى هذه الحالة لا بد من عرضه على طبيب نفسى واذا كانت الأسرة عاجزة اقتصاديا فعليها تسليمه لأى جهة حكومية مختصة لعلاج المرضى النفسيين.
وأكدت نادية جمال أن القاء المرضى النفسيين فى الشوارع يعد تجاوزا إنسانيا غير مقبول بالمرة، محذرة من أن المريض سيتعلم العنف والعداونية مع النفس والغير ويصبح مصدر خطر على المواطنين لشعوره بالحقد والغل والكراهية تجاه كل فرد يمر فى الشارع.
وأوضحت أن المريض النفسى الذى يلقى فى الشارع يشعر بالخيانة المجتمعية بدءًا من أسرته.. وبالتالى يريد الانتقام من الجميع ولهذا يكون الكثير من المرضى النفسيين فى صورة عدوانية مبالغ فيها فى الشوارع .
