تعديلات قانون الايجار القديم التى أعدتها حكومة الانقلاب ويناقشها حاليا مجلس نواب السيسي تكشف عن جرائم غير مسبوقة ترتكبها عصابة العسكر فى حق الشعب المصرى سواء الغلابة ممثلين فى المستأجرين أو أصحاب الأموال ممثلين فى ملاك العقارات .
ما يحدث ليس الهدف منه انصاف أصحاب العقارات ولا انتزاع حقوق من المستأجرين ولا تقديم حل عادل ومتوازن يرضى الطرفين وانما هو مشروع انقلابى لإعادة هيكلة الحيازة العقارية على حساب الفئات الأضعف. فبعد خمس سنوات، قد نجد المستأجر في الشارع، والمالك في المحاكم، بينما تُعلن شركات كبرى عن مشروعات عقارية فاخرة على أنقاض أحياء شعبية مثل شبرا أو الوايلي، في مشهد يُقصى فيه الفقراء باسم التطوير، وتُباع فيه الأرض لمن يملك النفوذ، لا لمن سكنها أو ورثها أو بنى فيها يومًا.
يُشار إلى أنه وفق الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء يبلغ إجمالي الوحدات السكنية المؤجرة بنظام الإيجار القديم 3 ملايين وأكثر من 19 ألف وحدة، ويبلغ عدد الأسر المقيمة في وحدات بنظام الإيجار القديم حوالي 1.642 مليون أسرة، ويُقدّر عدد الأفراد القاطنين فيها بأكثر من 6 ملايين شخص.
وتتركز النسبة الأكبر من هذه الوحدات في أربع محافظات رئيسية، القاهرة، الجيزة، الإسكندرية،القليوبية
تركة تشريعية قديمة
حول هذه الجرائم قال مهندس التخطيط المعماري والباحث في ملف الحق في السكن إبراهيم عز الدين إن المؤشرات الصادرة عن مشروع قانون حكومة الانقلاب بشأن الإيجار القديم تنذر بأزمة وشيكة قد تطال طرفي العلاقة؛ الملاك والمستأجرين، دون أن يحقق أي منهما مكاسب حقيقية. مشيرا إلى أنه بدلًا من تقديم حل عادل ومتوازن، يلوح في الأفق سيناريو معقد قد تنتج عنه أضرار اجتماعية واقتصادية جسيمة.
وأوضح عز الدين فى تصريحات صحفية أن نحو 1.5 مليون أسرة تقطن في وحدات خاضعة لقانون الإيجار القديم، مقابل 1.5 مليون مالك يعانون من عدم قدرتهم على الانتفاع الكامل بممتلكاتهم. لافتا الى أن هذه ليست مسئولية الأفراد، بل نتاج تركة تشريعية قديمة فرضتها دولة العسكر لعقود، ولا تزال تبعاتها قائمة دون تدخل جذري لمعالجتها.
وشدد على أن الحل العادل ينبغي أن يراعي حقوق الطرفين: فمن حق المستأجر العيش في سكن مستقر بتكلفة تتناسب مع دخله، كما من حق المالك الاستفادة من ممتلكاته بشكل منصف. مطالبا دولة العسكر باعتبارها من وضعت الإطار القانوني السابق، أن تتحمل مسئولية إصلاح الخلل التاريخي دون تحميله للمواطنين.
وانتقد عز الدين مقترح حكومة الانقلاب بمنح المستأجرين مهلة مدتها خمس سنوات، وبعدها يصبح من حق المالك اللجوء إلى القضاء لطردهم. في المقابل، تُمنح الأسر وحدات من هيئة المجتمعات العمرانية إما بالتمليك أو بالإيجار. لكن تلك الوحدات عادةً ما تكون باهظة الثمن وبعيدة جغرافيًا عن محيط حياة السكان، دون أي خطة واقعية لضمان التسكين البديل أو العدالة الاجتماعية..
أزمة سكنية حادة
وأضاف : معنى ذلك أنه بعد انقضاء الفترة الانتقالية، ستواجه آلاف الأسر خطر التشريد، في ظل غياب آليات واضحة تحمي السكن أو توفر بدائل مناسبة. ما يُنذر بانفجار أزمة سكنية واجتماعية حادة لا تمتلك دولة العسكر حتى الآن تصورات واضحة لتفاديها.
وأشار عز الدين إلى أن أغلب العقارات الواقعة تحت مظلة الإيجار القديم تقع في مناطق مثل شبرا، الوايلي، الدويقة، والساحل، وهي ضمن نطاق خطة “تطوير القاهرة 2052”. ومع انتهاء العلاقة الإيجارية، يزول العائق القانوني أمام نزع الملكية، ما يفتح الباب أمام تدخل دولة العسكر وهيئة المجتمعات العمرانية، وقد يجد المالك نفسه فجأة مطالبًا بإخلاء العقار أو الدخول في نزاع قضائي للتعويض.
وكشف أن هناك في الكواليس، من يخطط لامتلاك هذه العقارات أو السيطرة على مواقعها الاستراتيجية. مستثمرون محليون وإقليميون، وشركات عقارية ضخمة، يترقبون لحظة انتهاء العلاقة بين المالك والمستأجر. لا المالك سيحصل على ملكه كاملاً، ولا المستأجر سيحافظ على سكنه. بل تتحول العقارات إلى أصول استثمارية مربحة تُمنح لمن كان ينتظر من بعيد.
وأكد عز الدين أن أزمة الإيجار القديم لا يمكن تفكيكها دون التوقف أمام الخلل الأوسع في السياسات الإسكانية لدولة العسكر مشددا على أن أول خطوة مطلوبة هي ضبط السوق العقاري، من خلال أدوات ضريبية عادلة تحد من المضاربة، وتجبر رءوس الأموال على التوجه نحو مشروعات الإسكان الاجتماعي لا الربحي فقط. وطالب دولة العسكر باستعادة دورها المباشر في بناء مساكن لذوي الدخل المحدود والمتوسط، مؤكدًا أن الاكتفاء بمشروعات استثمارية مرتفعة العائد يزيد من تفاقم الأزمة.
عبث صريح
ووصف الباحث الاقتصادي زهدي الشامي مشروع تعديل قانون الإيجار القديم بأنه “عبث صريح بالأمن الاجتماعي”، محذرًا من تمريره دون دراسة اجتماعية واقتصادية شاملة.
وأكد الشامي فى تصريحات صحفية أن المشروع المطروح يخالف أحكام المحكمة الدستورية والدستور ، ويحمل في طياته تهديدًا صريحًا للسلم المجتمعي، محذرا من أن القانون كما قُدم سيشعل فتنة داخلية بين ملايين المواطنين، ويقوّض استقرار فئات سكنية واقتصادية هشّة .
واعتبر أن إنهاء حكومة الانقلاب العلاقة الإيجارية خلال خمس سنوات فقط، دون توفير بدائل واقعية، هى محاولة لتهجير المواطنين من مساكنهم، بمن فيهم كبار السن وأصحاب المعاشات الذين يعيشون وسط أزمة اقتصادية خانقة وتضخم غير مسبوق .
وقال الشامي: لا يمكن ببساطة إنهاء علاقة تخص مليون منشأة اقتصادية تعمل وتخدم المواطنين بأسعار مقبولة. من يتحمل فوضى كهذه؟ ومن يسيطر على الارتفاع الجنوني المتوقع في أسعار السلع والخدمات إذا طُبّق هذا القانون؟ .
وانتقد مغازلة حكومة الانقلاب لفئة من المستثمرين وأصحاب الأملاك الذين سبق أن حصلوا على مقابل مالي عند تأجير هذه الوحدات، بل واستفادوا من تسهيلات ودعم حكومي في البناء حينها، مؤكدًا أن حكومة الانقلاب كان من الأولى بها أن تواجه الانفلات في سوق العقارات، حيث بلغت أسعار الشقق والإيجارات أرقامًا خيالية، بدلًا من التضييق على المواطنين البسطاء .