أثبتت تصريحات مسئول أمريكي كبير، الخميس، بأن الولايات المتحدة لا تستبعد شن ضربات عسكرية في سوريا، بعد اتهامات بحصول هجمات كيماوية جديدة في البلاد، أن أمريكا تتجه فعليا لقرار جديد بالذهاب إلى الحرب في سوريا لتنال نصيبها من الكعكة السورية.
وقال المسئول الأمريكي إن نظام بشار الأسد وتنظيم “الدولة الإسلامية” “يواصلان استخدام الأسلحة الكيماوية”، فيما قال مسئول ثانٍ إن الرئيس الأمريكي “لا يستبعد أي خيار”، وإن “استخدام القوة العسكرية يتم بحثه على الدوام”.
وتأتي هذه التصريحات في أعقاب تقارير عن هجمات جديدة بالسارين والكلور، بينها معلومات لم يتم التأكد منها حتى الآن، عن هجوم كيماوي على مدينة دوما المحاصرة في شرق دمشق.
وقال مسئول أمريكي نقلا عن “رويترز”: “الأسلحة الكيميائية السورية قد تصل إلى أمريكا.. الهجمات الكيماوية الأخيرة في سوريا تشير إلى أن نظام الأسد يطور أسلحة جديدة”.
النواب والخارجية
وفي تقرير لصفحة “الشارع السياسي” لفتت إلى أنه في أواخر العام 2017، ذكر “جون ماكين” قول السيناتور الأمريكي في مقال له أنه ليس على الولايات المتحدة أن تترك الساحة السورية، حتى لا يصبح مستقبل سوريا بعيدا عن سيطرة أمريكية، إذ رأى أن إيران تتوغل بشكل كبير في المنطقة، مما يهدد الاستقرار وحرية الملاحة وأراضي حلفاء أمريكا بالمنطقة في المستقبل، ذلك بالإضافة إلى سعي روسيا لتأسيس نفسها كوسيط في نزاعات المنطقة.
وكشف خطاب “ريكس تيلرسون” وزير الخارجية الأمريكي الذي أذيع قبل أيام بجامعة ستانفورد، بما يشير لاستراتيجية ترامب الجديدة في سوريا، ويعيد تعريف مهمة الجيش الأمريكي في سوريا، بعد أن كان يستهدف مكافحة داعش، إذ أكد “تيلرسون” أن الولايات المتحدة ستحتفظ بوجود عسكري في سوريا يركز على ضمان عدم عودة ظهور داعش، وفي نفس الوقت أكد على أن ابتعاد الولايات المتحدة عن سوريا سيتيح لإيران الفرصة لتعزيز موقفها هناك.

مسمار داعش
وقال مقال تحليلي إن “تيلرسون” قدم لمهمة أمريكية موسعة انطلاقا من حديثه عن أن الولايات المتحدة قامت بإخلاء مبكر لقواتها في العراق قبل عدة سنوات، لكنه لم يذكر أن المجموعة التي أصبحت داعش لم تكن موجودة قبل دخول القوات الأمريكية للعراق، أو أنها ظهرت كنتيجة مباشرة للغزو الأمريكي، ولم يتطرق أيضا إلى أن وجود قوات أمريكية قليلة كان يمكنها فعل ما لم يفعله الوجود العسكري الأمريكي السابق في العراق والبالغ 160 ألف جندي، ولم يتطرق إلى أن إدارة جورج دبليو بوش التي تفاوضت على اتفاق سحب القوات كان بإمكانها فعل شئ مختلف لتوسيع الوجود العسكري.
في سوريا، لم يكن وجود الجيش الأمريكي هناك بناء على موافقة من الحكومة الحالية، وهذا ما يجعله مختلفا عن الوجود الروسي والإيراني.
وخلص التحليل إلى أن “تيلرسون” حاول أن يستند على داعش لتوسيع الوجود الأمريكي، وذلك عبر ربط النظام السوري بالمجموعة التي تحاربه، حتى وإن كان النظام السوري في بداية الحرب السورية يقاتل ضد داعش بشكل أقل مما كان يقاتل فيه الجماعات السورية المعارضة، لكن اختلف الوضع حاليا، وأصبح نظام الأسد وداعش على طرفي نقيض لأي طيف سياسي أو ديني يمكن تخيله.
أهداف أمريكية
وتهدف الحملة العسكرية الأمريكية الآن في سوريا -وفقا لتيلرسون- إلى ثلاثة أهداف أخرى غير محاربة داعش والإرهاب، الأول تغيير فكرة استمرار نظام الأسد، حين قال أن الاستقرار في سوريا يتطلب قيادة ما بعد الأسد، وأن الولايات المتحدة ستثني كل دولة أخرى عن إقامة أي علاقة اقتصادية مع سوريا التي مزقتها الحروب حتى يذهب الأسد. لم يفسر الوزير لماذا أصبح نظام الأسد الذي استمر فيه حافظ وبشار لمدة 48 عاما هدفا أمريكيا، ولم يوضح أيضا كيفية صعود موقف نظام الأسد بمساعدة مؤيديه الروس والإيرانيين. فما يصفه تيلرسون يعني أي شئ آخر بخلاف عدم الاستقرار والمواجهة في سوريا.
أم ثاني الأمور فهو: كلما تحدثت إدارة ترامب عن الشرق الأوسط، يجب أن تُذكر إيران، إذ يتم وصفها بشكل عام بالازدواجية، ووصفها تيلرسون في خطابه بـ”الخبيثة”، حين ذكر أن موقف إيران في سوريا يهدد أي مصالح أمريكية، هنا يظهر عدم الاتساق في تبرير التدخل العسكري الأمريكي الذي من المفترض يهاجم داعش، والحديث عن خباثة قوة إقليمية كانت أساسا تعارض في العراق وسوريا.
وثالثا، عندما تذكر الولايات المتحدة إيران، فلا يمكن استبعاد إسرائيل عن الأمر، فقد قال “تيلرسون” أن إيران تسعى للهيمنة في الشرق الأوسط وتدمير إسرائيل حليف الولايات المتحدة، وتتيح سوريا الفرصة لإيران لتهديد إسرائيل. من ناحية، لا توجد معاهدة أمنية بين الولايات المتحدة وإسرائيل، ومن ناحية أخرى لم يقترح تيلرسون عما ستخرج به الولايات المتحدة من القيام بما تريده إسرائيل في سوريا. ولم يشر إلى امتلاك إسرائيل لأقوى العسكريين في الشرق الأوسط، أو إلى أن أي تفكير إيراني بتدمير إسرائيل عبر سوريا أو عبر أي مكان آخر هو شئ يجمع بين الحماقة والخيال.