تناول المتحدث الإعلامي لجماعة الإخوان المسلمين، د. طلعت فهمي، في مقال له بعنوان "الإخوان والإرهاب"، قضية تصنيف الجماعة كتنظيم إرهابي وما يرتبط بذلك من جدل سياسي وفكري على المستويين الدولي والإقليمي.
واستهل فهمي مقاله باستحضار شهادة المؤرخ د. أحمد شلبي، الذي أكد أن الإخوان المسلمين تُعد أهم حركة إسلامية في العصر الحديث، وقد أثرت منذ تأسيسها عام 1928 على يد الإمام حسن البنا في العالمين العربي والإسلامي، وفي الجاليات المسلمة في الغرب. هذا التأثير الواسع جعلها محل اهتمام دائم من القوى الدولية والإقليمية.
وأشار فهمي إلى ما ذكرته الخبيرة الصهيونية شيمريت مائير، من أن المساعي الأمريكية لتصنيف الإخوان كتنظيم إرهابي ينبغي قراءتها في ضوء أن الجماعة أنجبت الرئيس المصري الراحل د. محمد مرسي خلال الربيع العربي، وأنها قادرة على الفوز في أي انتخابات تشارك فيها، فضلًا عن اقترابها من الفئات الاجتماعية المهمّشة وتقديم حلول لمشكلاتهم. ولذلك ترى السلطات المصرية الحالية أنها تمثّل تهديدًا قويًا رغم ما اتخذته ضدها من إجراءات.
في المقابل، يرى د. إيميل نخلة، الضابط السابق في وكالة الاستخبارات الأمريكية، أن قرار الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بتصنيف الإخوان منظمة إرهابية يعكس جهلًا بتاريخها وأيديولوجيتها وجذورها في العالم الإسلامي.
كما رفض وزير الخارجية الأمريكي الأسبق ريكس تيلرسون هذا التصنيف، مشيرًا إلى أن الجماعة تضم ملايين الأعضاء ولها امتدادات سياسية واجتماعية وعلمية واسعة حول العالم. وأكد تقرير للمخابرات الأمريكية عام 2017 أن الجماعة عارضت تنظيمي القاعدة وداعش. ووصف المحامي الدولي أرسلان افتخار الإخوان بأنها جزء من الحياة المدنية الإسلامية وليست جماعة إرهابية.
وفي السياق ذاته، اعتبر تقرير لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان البريطاني عام 2017 أن الإسلاميين السياسيين، ومنهم الإخوان، يشكّلون جدار حماية ضد التطرف العنيف، مؤكدًا أهمية التواصل معهم سواء كانوا في السلطة أم خارجها.
لماذا يصرّ الانقلاب على التصنيف؟
طرح المقال سؤالًا محوريًا: لماذا تصرّ السلطات المصرية على تصنيف الإخوان كتنظيم إرهابي وتضغط لإقناع دول أخرى بهذا الموقف؟ ويجيب بأربعة أسباب رئيسية:
-
استرضاء الكيان الصهيوني: إذ أن للإخوان تاريخًا في مقاومة إسرائيل ورفض الاعتراف بها، وهو ما دفع اللوبي الصهيوني لدعم قرار ترامب بحظر الجماعة، وقد شكر بنيامين نتنياهو ترامب علنًا على ذلك.
-
شعبية الجماعة: التي تركز على الحريات واحترام الإنسان والانتخابات الديمقراطية، ما يجعلها على خلاف واضح مع الأنظمة الاستبدادية والجماعات العنيفة. وقد أكدت تقارير أمريكية وبريطانية أن الإخوان يمثّلون الإسلام المدني ويقدمون خدمات فشلت الدولة في توفيرها، الأمر الذي زاد من شعبيتهم.
-
ترسيخ صورة ذهنية سلبية: إذ تسعى الأنظمة الاستبدادية عبر الإعلام والاتهامات المتواصلة إلى زرع صورة مشوهة عن الجماعة لتفكيك حاضنتها الشعبية، رغم أن هذه الحاضنة هي التي أوصلت مرسي إلى الرئاسة رغم كونه مرشحًا احتياطيًا. يقوم مشروع الإخوان على إصلاح الفرد والأسرة والمجتمع والحكومات، وهو ما تخشاه الأنظمة.
-
تنشيط التطرف والعنف: حيث يرى محللون أن حظر الإخوان لا يقضي على التطرف بل يغذّيه، كما قال الصحفي البريطاني ديفيد هيرست، الذي وصف القرار بأنه بمثابة "إبرة منشطة" لتنظيمي القاعدة وداعش. وأكدت تقارير استخباراتية أمريكية أن حظر الجماعة يساعد على نمو التطرف.
المشروع الإصلاحي للإخوان يقوم على:
-
استعادة الفرد لدوره في صناعة الحياة.
-
قيام الأسرة بواجباتها.
-
تقوية المجتمع لنشر الفضيلة ومحاربة الرذيلة.
-
تحرير الأوطان من الاستعمار والظلم.
-
إصلاح الحكومات لتكون خادمة للأمة.
ولهذا تخشى الأنظمة الاستبدادية من الحاضنة الشعبية الواسعة التي تؤمن بهذا المشروع، والتي تظهر في كل الاستحقاقات الانتخابية.
الموقف الدولي
في عام 2017، اعترض مسؤولون في البنتاغون ووزارة الخارجية الأمريكية على قرار ترامب، مؤكدين أن الجماعة لا ينطبق عليها تعريف الإرهاب، وأنها شجبت العنف مرارًا.
كما استعرض المقال مواقف دولية رافضة لتصنيف الإخوان كتنظيم إرهابي، مشيرًا إلى تقرير نيويورك تايمز الذي أكد أن الجماعة فازت بأغلبية ساحقة في أول انتخابات برلمانية حرة بعد سقوط مبارك، وأن الرئيس مرسي فاز بأول انتخابات رئاسية حرة، قبل أن ينقلب عليه الجيش ويحل البرلمان عام 2012.
ويشير المؤرخون إلى عدم وجود دليل على تورط الإخوان في أعمال عنف، وأن الجماعة كانت في خلاف مع التنظيمات المتبنية للعنف، بينما تميزت بدعم العملية الديمقراطية. وقد جعلها هذا الموقف دائمًا في مواجهة الأنظمة الاستبدادية التي تخشى من شعبيتها وقدرتها على الحشد.
ويؤكد طلعت فهمي أن تصنيف الإخوان كتنظيم إرهابي لا يستند إلى حقائق موضوعية، بل إلى اعتبارات سياسية تتعلق باسترضاء إسرائيل، والخوف من شعبيتهم، والسعي لتشويه صورتهم، وتنشيط التطرف كوسيلة لإدامة حكم الأنظمة المستبدة.
وفي الختام، يشدد المقال على أن هذا التصنيف لا يقوم على أسس واقعية، وأن الإخوان، رغم ما تعرضوا له، ما زالوا يمثلون تيارًا فكريًا واسعًا في العالم الإسلامي، وأن مشروعهم الإصلاحي المتدرج ما يزال قائمًا، وأن محاولات شيطنتهم لم تنجح في القضاء على حضورهم الشعبي والفكري الممتد في أكثر من 90 دولة.
{وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ}
رابط المقال الأصلي:
(وفق المنشور على صفحة د. طلعت فهمي)
https://www.facebook.com/d.tl.t.fhmy/posts/pfbid01Rb9FgHS1TgkqiKhAwa3CxrBRXu1VDEsYLsTz1SQSTqp1wE4zxxM5bQQbeWYhgpyl https://www.facebook.com/d.tl.t.fhmy/posts/pfbid01Rb9FgHS1TgkqiKhAwa3CxrBRXu1VDEsYLsTz1SQSTqp1wE4zxxM5bQQbeWYhgpyl
