كتب – يونس حمزاوي:
كشفت دراسة «إسرائيلية» ضمن التقرير الإستراتيجي السنوي لمركز أبحاث الأمن القومي في «إسرائيل»، عن بلوغ عمالة قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي للاحتلال إلى مستويات وصفتها بـ«المذهلة» رغم حرص القاهرة وتل أبيب على إبقاء ما وصفته بالتعاون الأمني بينهما خلف الأبواب الموصدة.
وذكرت الدراسة أن هناك دلائل على وصول هذا التعاون إلى "مستويات مذهلة" بعد وصول عبد الفتاح السيسي للحكم صيف 2013 بحسب الدراسة وليس منتصف 2014 كما يروج إعلام العسكر في تأكيد على أن حقيقة تفرد السيسي بالحكم منذ الانقلاب وأن عدلي منصور لم يكن سوى "صورة أو طرطور" بحسب نشطاء.
واستدلت الدراسة على صحة ما ذهبت إليه بسماح السيسي لإسرائيل بقصف أهداف تابعة للجهاديين بسيناء بطائرات إسرائيلية بدون طيار، والتعاون الاستخباري بين القاهرة وتل أبيب هو أحد الأوجه المكشوفة لهذا التعاون.
وانتهت الدراسة إلى أن «إسرائيل» حريصة على "الحفاظ" على نظام السيسي، وانطلاقا من هذا الحرص عملت منظمة "إيباك" (إحدى منظمات اللوبي اليهودي بالولايات المتحدة)، على تقديم الدعم الدبلوماسي للنظام المصري في الخارج، ونجحت في رفع تجميد بيع السلاح الأمريكي للقاهرة.
وأشارت الدراسة إلى أن السيسي متشككا إزاء التأييد الأمريكي، وذلك لسببين رئيسيين. الأول أن السيسي كان شاهدا على طلب واشنطن من حسني مبارك تقديم استقالته في ضوء احتجاجات "الربيع العربي" عام 2011، رغم العلاقات الوطيدة بين الإدارات الأمريكية ومبارك والتي امتدت ثلاثة عقود. من وجهة نظر القاهرة، فإن الرسالة وراء هذا الطلب هي أن النظام المصري لا يفترض أن يتوقع دعما أمريكيا في وقت الأزمة.
ثانيًا، بحسب الدراسة رد الولايات المتحدة على الانقلاب العسكري 2013 في مصر، الذي أطاح بـ"الإخوان المسلمين" ومهد الطريق لوصول السيسي للحكم، كان متحفظا. تجنبت الولايات المتحدة استخدام مصطلح "انقلاب" حيال الاستيلاء على السلطة على يد الجيش والإطاحة بنظام "الإخوان المسلمين" القمعي، الذي انتخب عبر انتخابات ديمقراطية.
وذكرت أن الولايات المتحدة لم تقلص المساعدات التي قدمتها لمصر، لكنها أبدت عدم رضا إزاء وصول نظام عسكري للحكم عبر عن نفسه في تجميد بيع أنظمة أسلحة متطورة لمصر، كطائرات F16 ومقاتلات الأباتشي.
حتى عندما أعلن الرئيس أوباما عن رفع هذا التجميد في 2015، فإن إعلانه عام 2018 كموعد لإنهاء العمل بآلية التمويل النقدي (cash-flow financing) لم يجد نفعا في إعادة ترميم العلاقات مع مصر بشكل كامل.
تكشف الدراسة أن تحفظ واشنطن في علاقتها مع القاهرة لم تدفع القاهرة نحو الاعتدال المنشود أمريكيا في الحقوق السياسية بل دفع السيسي نحو تنويع حلفائه حيث وقع اتفاقات لشراء مقاتلات من فرنسا، ومروحيات وأنظمة دفاع جوي من روسيا، بل كان على استعداد لتوطيد التعاون مع إسرائيل.
قواسم مشتركة
بحسب الدراسة فإن توسيع التعاون "العمالة" بين القاهرة والقدس "في إشارة إلى اعتبار القدس عاصمة أبدية للكيان الصهيوني".. يعتمد على مصالح إستراتيجية مشتركة- الحرب على تنظيم " ولاية سيناء" المنتمي لداعش ويعمل بسيناء، وحليفته الفعلية- مندوب "الإخوان المسلمين" في غزة- حماس.
من وجهة نظر إسرائيل، فإن التهديد الذي تشكله حماس وتنظيم "ولاية سيناء" على مصر، يهدد أيضا مصالح إسرائيل، في ظل احتمالات أن يؤدي لانهيار واحد من نظامين عربيين وحيدين وقعا على معاهدة سلام مع إسرائيل. انزلاق مصر للفوضى يعني أيضا ظهور دولة فاشلة بعدد سكان يصل إلى 90 مليون نسمة على الحدود الجنوبية لإسرائيل.
وتؤكد الدارسة «صحيح أن جزءا كبيرا من التحسن الذي شهده التعاون الأمني بين القدس والقاهرة يحدث خلف الأبواب الموصدة، لكن هناك أدلة على وصوله لمستويات مذهلة منذ وصول السيسي للحكم في 2013. أصبح التنسيق بين الدولتين وطيدا لدرجة أنه وبخلاف التعاون الاستخباري، نفذت إسرائيل هجمات بطائرات بدون طيار ضد مسلحي "سيناء" داخل الاراضي المصرية بناء على طلب القاهرة.
وفي إطار استراتيجية هزيمة التنظيمات الجهادية بسيناء، وافقت إسرائيل على زيادة عدد الجنود المصريين المنتشرين بشبه جزيرة سيناء ليتجاوز العدد المسموح به وفقا لمعاهدة السلام عام 1979.
وبشكل مواز، تعمل مصر بلا كلل على تدمير الأنفاق بين غزة وسيناء ، وصرح السيسي علانية أنه يجري "مكالمات كثيرة" مع رئيس الحكومة نتنياهو.
ومن أجل الحفاظ على النظام في القاهرة المتعاون مع إسرائيل والذي يواجه تحديات، تجندت منظمة "إيباك" الموالية لإسرائيل للقتال على الساحة الدبلوماسية لإلغاء مشروع قرار عام 2013 لوقف المساعدات الأمريكية لمصر، وعملت بعد ذلك بنجاح على إلغاء تجميد بيع أنظمة الأسلحة المتطورة للقاهرة.