خسارة مصرية فادحة
وتمثل قناة السويس المصدر الثالث أو الرابع للدخل القومي المصري، بالتبادل مع النفط، وبعد تحويلات المصريين في الخارج وإيرادات السياحة، ومع غلق مضيق باب المندب ستخسر مصر 5 مليارات دولار على الأقل من عائدات القناة السنوية، وربما أدى ذلك على المدى الطويل إلى إيجاد ترتيبات لوجيستية للتجارة البحرية العالمية بعيداً عن المنطقة المضطربة، لا سيما بالنظر إلى الخشية السعودية من القدرات المتزايدة للحوثيين، وهو ما يعني أن المزيد من الدول والشركات الكبرى قد تتوقف عن استخدام ممر السويس الملاحي.
وبذلك تكون مصر الخاسر الأكبر من تضرر قناة السويس، وليس السعودية، فمن ناحية، يعني إغلاق «باب المندب» غياب قرابة 3.8 مليون برميل من النفط والمنتجات النفطية المكررة والتي تمر يومياً عبر المضيق إلى أوروبا وآسيا والولايات المتحدة، وهي نسبة تتجاوز 6% من إجمالي تجارة النفط العالمية. هذا سيؤدي -بلا شك- إلى ازدياد سريع في أسعار النفط ما لم تجد الدول المصدِّرة للنفط حلاً بديلاً، وما إذا أرادت السعودية السيطرة على الأسعار. فبإمكان الرياض استخدام أنابيبها النفطية التي تربط بين منابع النفط في المنطقة الشرقية، وميناء ينبع على البحر الأحمر، وهو ما قد يقلل الحاجة بشكل كبير لاستخدام مضيق باب المندب، أو على الأقل سيكون لاستخدامه دور في التقليل من الأضرار المتوقعة من غلق المضيق، وسيسمح لجزء كبير من تجارة النفط باستمرار السريان عبر قناة السويس وخط أنابيب سوميد الذي يربط بين السويس والبحر المتوسط.
مصر تدفع فاتورة مضاعفة
إلا أن الخسارة الاكبر لمصر ستكون في ارتفاع فاتورة النفط التي سيدفعها المصريون لا الحكومة، وإذا كان المصريون لن يشعروا بالضرر المباشر من انخفاض إيرادات قناة السويس، فإنهم بالتأكيد سيكونون أمام معضلة حقيقية إذا زاد سعر النفط. فقد حددت الحكومة المصرية سعر النفط عند حد 67 دولاراً للبرميل في موازنة البلاد، ووصل سعر البرميل في الوقت الحالي إلى حدود 75 دولاراً. وبالبحث في الموازنة، وقيمة الدعم، فإن ارتفاع سعر النفط دولاراً واحداً يزيد الضغط على الخزانة العامة لمصر بـ4 مليارات جنيه دفعة واحدة، أو ما يمثل نحو 0.08% من الناتج الإجمالي، وفقاً لتقديرات وزارة المالية. إرباك سوق النفط قد يكون هدفاً سعودياً عاماً؛ للإضرار بإيران وللدفع نحو مزيد من التصعيد للحسم في اليمن، لكن رصاصة الإرباك هذه ستصل إلى المصريين قبل أن تصل إلى الحوثيين في اليمن.
واتجهت سلطات الانقلاب إلى رفع الدعم عن المحروقات؛ ولذلك فإن زيادة أسعار النفط ستعني على المدى المتوسط، وربما القصير، تحمُّل المواطن المصري أعباء إضافية مع المزيد من رفع الأسعار المتوقع من أجل التخفيف عن الموازنة، وهي الزيادة التي لن تُوجَّه لسوق المحروقات فحسب، ولكن أيضاً ستشمل السلع كافة تقريباً، التزاماً بخطط صندوق النقد الدولي.
وبالرغم من أن السعودية مولت شراء مصر حاملتي طائرات هليكوبتر من طراز «ميسترال» الفرنسية، حيث كانت مصادر فرنسية قد أكدت أن السعودية ودول الخليج الأخرى ساعدت مصر بوقت سابق في الحصول على معدات عسكري فرنسية، شملت مقاتلات «رافال» التي وُقِّع عقدها في فبراير من عام 2015. وهو الوقت نفسه الذي تحدث فيه قادة الانقلاب بمصر عن تجهيزهم لحملة بحرية في حال أُغلقت المضايق، إلا أنه لم يتم أي رد فعل على التهيدات الحوثية والإيرانية حتى الآن.
