في خطوة جديدة تُعمّق معاناة المصريين البسطاء، قرر نظام المنقلب السفيه عبد الفتاح السيسي رفع أسعار الفائدة على التمويلات العقارية المخصصة لمحدودي ومتوسطي الدخل، في ضربة قاسية لفئة تمثل أكثر من 75% من المستفيدين من برامج الإسكان منخفض التكلفة، وفق ما كشفه مصدر بصندوق التمويل العقاري التابع لوزارة الإسكان.
القرار، الذي وافقت عليه حكومة الانقلاب مؤخرًا، رفع الفائدة لمحدودي الدخل من 3% إلى 8%، وللمتوسّطين من 8% إلى 12%، وهو ما يعني مضاعفة الأعباء الشهرية على مئات الآلاف من الأسر التي حلمت بمسكن بسيط ضمن مبادرات ما يُسمّى "سكن لكل المصريين"، في حين لم يُراعِ النظام أوضاع الملايين الذين تآكلت دخولهم بفعل الغلاء والتضخم غير المسبوق.
ووفق المصدر، فإن نحو 600 ألف مواطن يستفيدون سنويًا من مبادرات التمويل العقاري منخفض الفائدة، ما يجعل هذه الشريحة الأكثر تضررًا من القرار الجديد. ورغم محاولة الحكومة التخفيف من ردود الفعل الغاضبة عبر الإعلان عن "تثبيت الفائدة القديمة" على الإعلانات السابقة من المشروع، إلا أن ذلك لا يغيّر من واقع أن أي عقود جديدة ستخضع للفائدة المرتفعة، ما يغلق باب الأمل أمام آلاف الأسر الجديدة الباحثة عن سكن.
ويرى مراقبون أن هذه الخطوة تأتي في سياق سياسات اقتصادية قاسية ينتهجها السيسي ضد الفقراء منذ انقلابه، بداية من رفع الدعم عن الوقود والكهرباء، ومرورًا بتعويم الجنيه، وصولًا إلى تحميل المواطنين كلفة الفشل المالي للحكومة عبر القروض وضرائب الاستهلاك ورفع الفوائد.
وكانت مبادرة التمويل العقاري الميسر التي أُطلقت في 2021 بسعر فائدة 3% متناقصة، أحد آخر المتنفسات للفقراء، قبل أن يُنهيها النظام عمليًا بعد تعليمات من صندوق النقد الدولي بوقف دعم البنك المركزي لأي أنشطة تمويلية، لتتحمل الحكومة عبء فروق الفائدة — عبء لم يُترجم أبدًا إلى دعم فعلي للمواطنين.
وفي أكتوبر الماضي، عدّل وزير الإسكان حدود الدخل للمستفيدين من مبادرة "سكن لكل المصريين"، لتصبح فئة محدودي الدخل بين 3.5 آلاف و15 ألف جنيه للأسرة، بينما تُحدد فئة متوسطي الدخل بين 12 و25 ألف جنيه. وهي أرقام تعكس، بحسب خبراء اقتصاديين، انفصال النظام عن الواقع المعيشي المرير، إذ لم تعد هذه الدخول قادرة على تلبية أبسط متطلبات الحياة، فضلًا عن تحمّل أقساط سكن بفوائد مضاعفة.
وبينما يبرر النظام قراراته بأنها "تيسيرات"، يرى مراقبون أنها تأتي استمرارًا لنهج السيسي في تجويع الفقراء وتمكين طبقة المنتفعين والمقربين من ضباط الجيش ورجال الأعمال، الذين يجنون الأرباح من مشروعات الإسكان الفاخرة التي تُسوّقها الدولة تحت شعار التنمية.
بهذا، يتحول "سكن لكل المصريين" إلى شعار أجوف، بعدما صار الحلم بالسكن الملائم رفاهية لا يملكها محدودو الدخل في عهد السيسي، الذي أثبت مرة أخرى أن سياساته لا تعرف سوى طريق واحد: الانتقام من الفقراء لصالح نخبة النظام.
