تُراوح أزمة سدّ النهضة عامها الثامن ولا يبدو أنها تقترب من مساومة ما؛ ففي الوقت الذي بدت فيه بوادر انفراجة، منتصف 2018، بعد لقاء عبثي عقده جنرال إسرائيل السفيه عبد الفتاح السيسي برئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، والدخول في سلسلة لقاءات للتفاوض، توقفت المحادثات بداية الشهر الجاري، حينما أعلن العسكر عن وصولها إلى “طريق مسدود”، ولا يخفى رغبة العسكر في وصول مياه النيل لإسرائيل.
وخلال أيام قليلة، تطوّرت الأزمة وهدأت قليلاً بعد أن أكد السيسي اتفاقه مع آبي أحمد على إعادة محاولة تسوية الملف على هامش القمة الروسية الإفريقية في مدينة سوتشي الروسية، لتعود للاشتعال مرّة أخرى بعد تلويح الجانب الإثيوبي بالحرب، وقول آبي أحمد إن بلاده مستعدة “لحشد مليون شخص”، وإنه “لا يمكن لأي قوة أن تمنع إثيوبيا من بناء السد”.
رسالة الجزمة
وبعدما رشح من مباحثات سوتشي، الخميس الماضي، عن إعادة مسار المفاوضات، يطرح عدد من التساؤلات، سواء حول جدية لجوء أيّ من الجانبين إلى خيار الحرب، أو فيما يمكن أن تقدمه عروض الوساطة سواء من الجانب الروسي أو الأمريكي.
وأحدثت صورة جمعت السفيه السيسي ورئيس وزراء إثيوبيا، آبي أحمد، ضجة على مواقع التواصل الاجتماعي، والتقطت الصورة على هامش اجتماعات القمة الروسية الإفريقية، وقد أحدثت جدلا على مواقع التواصل، خاصة بعدما ظهر فيها رئيس وزراء إثيوبيا وهو يضع “قدما على قدم” ويجلس السفيه السيسي في ذلة ومهانة.
وأوضح نشطاء أن تلك الصورة تعكس التوتر بين مصر وإثيوبيا، على خلفية أزمة “سد النهضة”، وفي الأسبوع الماضي، أكدت إثيوبيا موقفها الرافض لعدم قبول أي وساطة غير المشاورات الثلاثية بشأن السد.
وقال آبي أحمد، إنه إذا اضطرت بلاده إلى خوض حرب بشأن سد النهضة، فيمكن لها أن تحشد الملايين من أجل المواجهة، وجاءت تصريحات آبي أحمد، خلال جلسة استجواب في البرلمان الإثيوبي، بشأن أزمة سد النهضة، ونقلتها وكالة “أسوشيتد برس” الأمريكية.
ومعلوم أن مصر تستمد كل إمداداتها من المياه العذبة تقريبا من نهر النيل، وتواجه ندرة متفاقمة في المياه اللازمة لسكانها البالغ عددهم زهاء 100 مليون نسمة. وتقول إنها تعمل على خفض كمية المياه التي تُستخدم في الزراعة.
وقد انهارت المحادثات بين عسكر الانقلاب وإثيوبيا بخصوص سد النهضة، وهو أكبر سد في إفريقيا كلف أكثر من 5 مليارات دولار، في وقت سابق من هذا الشهر، وقد اكتمل بناء 70% بالفعل من هذا السد، وتقول إثيوبيا إنه من المتوقع أن يوفر السد الكهرباء لـ100 مليون شخص في إثيوبيا.
لن يغامر بالحرب
اللافت للنظر- بحسب سياسيين ومراقبين- هو التعامل بـ”السهوكة والحنية” من طرف العسكر تجاه إثيوبيا، وهم الذين اعتادوا على نبرة الغطرسة والتلويح بالقوة والقتل طوال سنوات الانقلاب مع الشعب المصري، حتى بعد أن رفع آبي أحمد “الجزمة” في وجه السفيه السيسي، عاد الأخير وصرح بأن آبي أحمد “بتاع سلام”!.
وقالت خارجية الانقلاب- في بيان مُشبع بالسهوكة- إن “مصر تتابع بقلق بالغ وأسف شديد التصريحات التي نُقلت إعلاميا ومنسوبة لرئيس الوزراء آبي أحمد أمام البرلمان الإثيوبي”.
كما أعرب بيان خارجية الانقلاب، الذي يشبه رغبة المطلقة في العودة لزوجها، عن “دهشة مصر من تلك التصريحات، والتي تأتي بعد أيام من حصول رئيس الوزراء الإثيوبي على جائزة نوبل للسلام، وحفاوتنا جميعا بهًا”.
وبحسب مراقبين، فإن حنية وسهوكة السفيه السيسي نوعان: داخلية وخارجية، أما الخارجية فهي عبارة عن تملق وذل وخوف من أسياده الدوليين، وأما الداخلية فهي عبارة عن تطاول وكذب وقسوة وقصف، وهو في حقيقة الأمر لا يهمه المصريين لأنه ليس منهم، وما يهمه إرضاء شركاء وممولي ومباركي انقلاب 30 يونيو 2013، ولذلك لن يضحى السفيه بدخول أي حرب مهما كانت الأسباب، لأنها قد تتسبب فى إنهاء حكم العسكر المطمئن والمستقر إذا فشلت الحرب، وضياع مميزات ومكتسبات لم يكن يحلم بها السفيه هو وجنرالاته.
