صدمة وفزع بـ”الوكالة اليهودية” بسبب تآكل مشروع “إسرائيل”.. تفاصيل خطة المواجهة

- ‎فيتقارير

مع بدء أعمال مؤتمر الوكالة اليهودية الذي ينعقد حاليًا في مدينة القدس المحتلة، والذي بدأ من أيام، وقف يتسحاق هرتسوغ، رئيس الوكالة اليهودية، أمام المئات من قادتها صارخا: «إننا أمام خطة استراتيجية تاريخية غير مسبوقة منذ تأسيس إسرائيل قبل سبعين عاما، فالوكالة اليهودية أسست الدولة، وعملت على تهجير ثلاثة ملايين ونصف يهودي من دول العالم، وأقامت مئات الكيبوتسات الاستيطانية، واليوم تضع هذه الخطة لتحدد أجندتها القادمة للعقد المقبل من أجل مواجهة التحديات التي تقف أمام الشعب اليهودي”.

وبحسب الصحفي العبري “إيتمار آيخنر”، فإن “هذه الخطة احتاجت إلى اجتماع كبار قادة الوكالة اليهودية في القدس؛ من أجل إقرار خطة استراتيجية لمحاربة معاداة السامية المنتشرة ضد اليهود في العديد من البلدان، والموافقة على الخطة العشرية الجديدة للسنوات العشر القادمة، وهدفها توفير الإجابات المطلوبة للتحديات التي تواجه الشعب اليهودي في العصر الحديث”.

هذه الخطة هي الأولى من نوعها على صعيد الوكالة اليهودية منذ تأسيسها، وقد بدأت الوكالة بإعدادها وتصميمها خلال الشهور الماضية بإشراف رئيسها يتسحاق هرتسوغ، ورئيس مجلس أمنائها مايكل سيغال، ومديرتها العامة أميرة أرهونوفيتش، ومن المتوقع إقرار الخطة خلال هذه الأيام في الاجتماع الذي يضم مئات من زعماء اليهود حول العالم اجتمعوا في القدس.

تفاصيل هذا الاجتماع الذي ينعقد حاليًا بمدينة القدس المحتلة، تناولته صحيفة “يديعوت أحرونوت” والتي أكدت أن الوكالة اليهودية تستعد لتنظيم عمليات سرية لتشجيع الهجرات اليهودية من الخارج إلى “إسرائيل”، من خلال إشراك دور أكبر ليهود الشتات، في ظل الظروف الصعبة التي يواجهها اليهود في دول العالم”.

المؤتمر ناقش أيضًا الزيادة المضطردة بصورة ملحوظة في الظواهر المعادية لليهود حول العالم، ولذلك فإن الوكالةـ- بحسب يديعوت أحرونوت”- ستعمل على زيادة الإجراءات الأمنية لتأمين الجاليات اليهودية حول العالم، وخوض صراع مرير لمواجهة المظاهر المعادية للصهيونية، وستعمل الوكالة على تنفيذ الخطة بالتنسيق مع الحكومة الإسرائيلية والجاليات اليهودية والمنظمات العاملة في ثلاثة قطاعات أساسية”.

أول هذه القطاعات الثلاثة هو مجال السياسة، ويشمل الاتصالات بزعماء العالم والبرلمانيين والجهات التي تنفذ القانون في تلك الدول، والثاني هو المجال الأمني  عبر الانشغال بزيادة وسائل الحماية حول المؤسسات اليهودية المنتشرة في العديد من دول العالم، والثالث هو المجال المعرفي، وتسعى الوكالة من خلاله لاستئصال ظاهرة معاداة السامية من خلال الجهد البحثي الذي يشمل مئات المبعوثين الإسرائيليين، والعمل مع جهات بحثية محلية في دول العالم”.

وأشارت إلى أن “هدفا مهما وضعته الوكالة اليهودية نصب عينيها يتركز في تعزيز الهجرات اليهودية من العالم إلى إسرائيل، فبجانب المساعدات التي ستقدم لليهود المقيمين في دول العالم، ستقوم الوكالة بتنظيم حملات هجرة طارئة سرية، وإقامة جسور ودية بين يهود الشتات وإسرائيل، وجسر الفجوات المتزايدة بينهما في السنوات الأخيرة، وزيادة انتماء يهود العالم إلى إسرائيل، بزيادة انخراطهم في آليات اتخاذ القرار داخل الدولة”.

ويكشف التقرير أن “كبار القادة الإسرائيليين ألقوا خطابات في المؤتمر بينهم رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، وزعيم حزب أزرق-أبيض بيني غانتس، مع أن القمة تنعقد على خلفية نتائج أبحاث ميدانية أجريت في السنوات الأخيرة، وأشارت بصورة واضحة لزيادة مطردة في حوادث معاداة السامية ضد اليهود، زادت عن المئات من الحوادث وعرضت حياتهم للخطر”.

ومن أجل تحقيق مستهدفات الخطة، فمن المتوقع أن تزيد الوكالة اليهودية من أعداد مبعوثيها والعاملين فيها حول العالم، حيث يبلغ عددهم اليوم ألفي عامل ومبعوث، ومن المتوقع ان يرتفع عددهم استجابة للتحديات التي وضعتها الخطة، بجانب مشاركة عشرات الآلاف من التلاميذ والفتيان اليهود المشاركين في فعاليات يهودية حول العالم.

الهجرة المعاكسة

وكان الباحث عبد الحليم غانم في كتابه «الهجرة المعاكسة وتداعياتها على الكيان الصهيوني» والصادر في 2019 عن الهيئة السورية العامة للكتاب، قد تناول الهجرة المعاكسة من الكيان الصهيوني إلى دول العالم الأخرى، حيث كشف عن أن الولايات المتحدة الأمريكية تستقطب أكبر عدد من المستوطنين المغادرين للكيان، لا سيما من ذوي الكفاءات العلمية، إذ يعتبرها الشبان الصهاينة “أرض الميعاد الجديدة”، وتعد الولايات المتحدة الأمريكية أكبر بلد في العالم يضم مجموعات يهودية، إذ بلغت نسبة اليهود فيها من مجموع اليهود في العالم (40.1%) سنة 2013م. وقد أصبحت كل من الولايات المتحدة الأمريكية، وأوروبا الغربية، وكندا، وأستراليا، حلم الصهيونيين للهجرة إليها، وليس إقامة “الدولة اليهودية”، الأمر الذي بات يقلق صانعي السياسة الصهيونية، إذ إن نسبة كبيرة من اليهود الأوروبيين يمرون في عملية تحول عن اليهودية، حتى إن ربع هؤلاء المهاجرين يتزوجون من بنات غير يهوديات.

ويعزو الكتاب أسباب هذه الهجرة العكسية إلى تداعيات الأزمة المالية العالمية على الاقتصاد الإسرائيلي، بخلاف أن الاقتصاد الإسرائيلي مرتبط بنيويًا بالاقتصاد الأمريكي. أضف إلى ذلك سياسات الخصخصة التي تصب في صالح القطاع الخاص وكبار المستثمرين، وثالثا الأزمة المتعلقة بالهوية؛ نظرا لتنوع واختلاف البيئات التي قدم منها المهاجرون اليهود إلى فلسطين، وكان لهذه الأزمات أثرها في دفع المستوطنين الصهيونيين نحو الهجرة المعاكسة، وتجسد ذلك في تراجع تمسك المستوطنين بالبقاء في الكيان الصهيوني.

تآكل اليهودية أيضا

وكشفت وزارة استيعاب المهاجرين الجدد في إسرائيل، عشية الذكرى الستين لتأسيس الكيان الصهيوني  في حملة واسعة لإعادة أكبر عدد ممكن من الإسرائيليين الذين غادروا فلسطين المحتلة وأقاموا في بلدان الغرب ويبلغ عددهم 700 ألف نسمة. ولفتت الوزارة إلى أن الإسرائيليين المقيمين في الولايات المتحدة وأوروبا وأستراليا غادروا بحثًا عن مستوى معيشة أفضل، وأشارت إلى صعوبة إقناعهم بالعودة منوهة إلى عودة خمسة آلاف منهم كل عام مقابل مغادرة  نحو 20 ألف إسرائيلي كل عام.

و”أوضح تقرير الجهاز المركزي الفلسطيني للإحصاء بداية العام 2016م، أن المعطيات الإحصائية تظهر أن عدد الفلسطينيين عام 1948م بلغ 1.4 مليون نسمة، في حين قدر عددهم نهاية 2015م في العالم حوالي 12.37 مليون فلسطيني، أي تضاعفوا ما يقارب التسع مرات، ويبلغ إجمالي عدد الفلسطينيين المقيمين في فلسطين ـ وفق التقرير ـ نهاية عام 2015م حوالي 6.22 مليون، مقابل ما يقارب 5.46 مليون في الدول العربية وحوالي 685 ألف في الدول الأجنبية، أي أن نسبة اللاجئين الفلسطينيين خارج أرض فلسطين المحتلة تصل إلى حوالي 49.7%.

وأثار البحث الذي أعده معهد “هيبرو يونيون كوليج” بالتعاون مع جامعة “كاليفورنيا ديفيس”، وأشرف عليه تسفيان كوهين وأري كلمان، قلقا شديدا في إسرائيل، لأنه بين أنه كلما كان عمر الشباب اليهودي في البلدان الغربية أصغر، تراجعت نسبة الشعور بالانتماء لإسرائيل ورؤيتها وأهميتها. فهناك 52% من يهود أمريكا غير مبالين بإبادة إسرائيل، فيما لا تتجاوز نسبة الشبان الذين يشعرون بارتياح لوجود إسرائيل 54.%

ويقول المشرفان على البحث، إن نسبة التراجع المتواصل بالشعور بالانتماء إلى إسرائيل لدى الأجيال الناشئة تدل على أن الجمهور اليهودي في الولايات المتحدة الأمريكية يتجه نحو الاضمحلال. وحسب مدير عام “مركز تخطيط سياسات الشعب اليهودي”، نحمان شاي، فإنَّ “نحو 50 يهوديا في الولايات المتحدة يتحولون عن اليهودية يوميا”.