مخاطر ضم إسرائيل الضفة الغربية وسط تطبيع عربي مجاني

- ‎فيتقارير

في ظل حالة التشرذم العربي والانهيار القومي بزمن التطبيع المجاني، شرع وزير الدفاع الصهيوني، نفتالي بينيت، في حملة لتكريس الضم الفعلي لمنطقة “ج” التي تشكِّل أكثر من 60% من الضفة الغربية لصالح الكيان الصهيوني.

حيث كشفت صحيفة “هآرتس”، في عددها الصادر اليوم الخميس، عن أن “بينيت” أعلن، مساء أمس الأربعاء، عن تشكيل جهاز أطلق عليه “المنتدى المسئول عن الحرب على مستقبل منطقة ج”، والذي سيكون مسئولًا عن منح المستوطنين تراخيص لشراء أراض في المنطقة بشكل خاص، وربط النقاط الاستيطانية التي دشنت من دون إذن الحكومة بشبكتي الكهرباء والمياه، وعدم السماح بإخلاء المستوطنين من الأراضي الفلسطينية الخاصة التي سيطروا عليها.

وأوضحت الصحيفة أن السماح للمستوطنين بشراء أراضٍ في مناطق “ج” بشكل خاص ودون وساطة شركات يمثل تحولاً في المكانة القانونية لهذه الأراضي، مشيرة إلى أن هذا التحول يساعد على السيطرة على أكبر مساحة من الأراضي الفلسطينية.

ولفتت الصحيفة إلى أن المنتدى الجديد سيعمل على إضفاء شرعية على وجود 30 مزرعة ماشية يملكها المستوطنون في مناطق “ج”، ودشنوها على أراض فلسطينية خاصة من دون الحصول على إذن جيش الاحتلال.

ونقلت الصحيفة عن مصادر قضائية إسرائيلية قولها، إن التجسيد الفعلي لبعض القرارات التي سيتخذها المنتدى الجديد يعني أن إسرائيل شرعت عمليًّا في ضم مناطق “ج” لإسرائيل.

وأشارت إلى أن بينيت أكد، أمس، عند إعلانه عن تشكيل المنتدى، أن “مناطق (ج) تتبع إسرائيل وقد أبلغت الجهات المختصة منذ شهر أن السياسة الرسمية التي اعتمدها المستوى السياسي تتمثل في وجوب تمكين اليهود من البناء فيها”.

وأضاف بينيت أن تشكيل المنتدى يمثل تحولا استراتيجيًّا على السياسات الإسرائيلية تجاه مناطق “ج”، مشددًا على أنه يتوجب ضمان نجاح عمل المنتدى.

ولفتت الصحيفة إلى أنه على الرغم من أن بينيت قد أعلن، مساء أمس، عن تشكيل المنتدى إلا أن الجسم الجديد شرع في العمل منذ أسابيع عدّة وعقد اجتماعات، منوها إلى أن الهدف من تكثيف اجتماعات المنتدى يتمثل في إنجاز مشاريع لتغيير الواقع في منطقة “ج” في وقت قصير.

ولفتت الصحيفة إلى أن إيتي هوركفيتش، مدير ديوان الوزير بينيت هو الذي يتولى إدارة المنتدى، مشيرًا إلى أن المداولات والقرارات التي يتخذها الجسم الجديد تتم بالتشاور مع قادة المستوطنات في الضفة.

وأشارت إلى أن هوركيفتس يعقد جلسة للمنتدى بمعدل كل أسبوع، منوهة إلى أن قيادات في المؤسسة العسكرية تشارك في اجتماعات المنتدى.

ولفتت إلى أن بينيت ينوي تعيين كوبي إليرز، مساعده لشئون الاستيطان، رئيسًا دائما للمنتدى، مشيرة إلى أنه تقرر تعيين مستشارين قضائيين لمواجهة أية التماسات يقدمها الفلسطينيون من أصحاب الأراضي التي تمت السيطرة عليها من قبل المستوطنين.

غور الأردن

يذكر أن كلا من رئيس الحكومة الصهيونية بنيامين نتنياهو وبينيت قد توعّدا بضم منطقة “غور الأردن” والمناطق المقامة عليها المستوطنات بعد الانتخابات المقبلة التي ستنظم في الثاني من مارس المقبل.

ويذكر أن قناة التلفزة الإسرائيلية (13) قد كشفت، الليلة قبل الماضية، النقاب عن أن قادة تحالف “كحول لڤَان” (أزرق أبيض) المعارض يخشون أن يكون الرئيس الأمريكي دونالد ترامب معنيًا بتحسين فرص نتنياهو بالفوز بالانتخابات القادمة عبر الإعلان عن الخطة الأمريكية لتصفية القضية الفلسطينية المعروفة بـ”صفقة القرن” قبل الانتخابات، بحيث تتضمن اعترافا أميركياً بحق إسرائيل بضم “غور الأردن” والمستوطنات.

مخاطر ضم الضفة

يشار إلى أنه في مايو الماضي، وقع 200 مسئول أمني إسرائيلي سابق على عريضة موجهة إلى رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، طالبوه فيها بالالتزام بإجراء استفتاء شعبي قبل أن يتخذ قرارا بفرض القانون الإسرائيلي على مناطق في الضفة الغربية المحتلة.

جاءت الخطوة في أعقاب التصريحات المكثفة التي أطلقها نتنياهو وقادة أحزاب مرشحة للانضمام إلى حكومته الجديدة حول “ضم” المنطقة C، التي تشكل أكثر من 60% من مساحة الضفة، عشية الانتخابات العامة للكنيست، التي جرت أبريل الماضي، واحتمال شمل هذا الأمر في الاتفاقيات الائتلافية.

وحذَّر الموقعون على العريضة، وهم مسئولون سابقون في الجيش الإسرائيلي والشاباك والموساد والشرطة، من أن ضم مناطق في الضفة لإسرائيل سيؤدي إلى وقف السلطة الفلسطينية للتنسيق الأمني مع إسرائيل، وسينشئ فراغًا أمنيًا تدخل إليه حركة حماس وفصائل فلسطينية مسلحة أخرى.

وقالت العريضة إن “فرض القانون الإسرائيلي على مناطق يهودا والسامرة وليس في إطار اتفاق سياسي، سيقود إلى ردات فعل متسلسلة ستمس كثيرا بأمن الدولة واقتصادها ومكانتها الإقليمية والدولية”، وشددت على أن “ضمًّا من دون اتفاق سيشكل خطرًا على أمن إسرائيل وحياة سكانها”.

وأضافت العريضة أن خطوة إسرائيلية كهذه ستضطر الجيش الإسرائيلي والشاباك إلى السيطرة على الضفة الغربية، وأن تدير وتمول إسرائيل حياة ملايين الفلسطينيين من استراتيجية للخروج من وضع كهذا.

وأكدت العريضة أن ضم الضفة يعني القضاء على احتمال التسوية السياسية، وأنه “لن يكون بإمكان قرار تتخذه الكنيست بتمرير تشريع ضم، مهما كان جزئيا، أن يفسر من جانب السلطة الفلسطينية ودول المنطقة والعالم، إلا أن يفسر بأنه سدّ الباب أمام تسوية سياسية مستقبلية”.

كذلك حذرت العريضة من الأضرار الاقتصادية البالغة من خطوة كهذه، “منذ بدء تدهور خطوة الضم الجزئي إلى سيطرة كاملة على المنطقة كلها، ستضطر دولة إسرائيل إلى إدارة حياة 2.6 مليون فلسطيني”، وأن تكلفة هذه الخطوة ستبلغ 52 مليار شيكل سنويا.

وختم المسئولون الأمنيون عريضتهم بأن “هذه خطوة غير مسبوقة من حيث تبعاتها الهدامة على أمن إسرائيل”.

نهاية استقرار الأردن

وكانت مجلة “فورين بوليسي” قد نشرت مقالا لعميد كلية الدراسات الدولية في الجامعة الأمريكية في دهوك في العراق، ألبرت بي وولف، يقول فيه إن نتنياهو وعد في الانتخابات السابقة، التي جرت في أبريل، بضم المستوطنات في الضفة الغربية رسميا، وجعلها جزءا من إسرائيل.

مشيرا إلى أن ضم أي جزء من الضفة الغربية سيكون مضرا بالأمن القومي الإسرائيلي؛ لأنه قد يؤدي إلى مرحلة من العزلة للدولة اليهودية لم تشهدها منذ إقامتها عام 1948.

ويلفت وولف إلى أن “التداعيين الواضحين لضم الضفة الغربية أو أي جزء منها، هما نهاية عملية السلام ونهاية إسرائيل بصفتها دولة ذات أكثرية يهودية، إلا أن هناك للضم أيضا مخاطر أخرى تم التغاضي عنها، أو أهملت دراستها بشكل جيد، ابتداء من زعزعة الاستقرار في الأردن”.

ويقول الكاتب: “عدا عن التغييرات الحدودية الطفيفة التي كانت جزءا من اتفاقية السلام بين الأردن وإسرائيل عام 1994، فإن كل تغيير لحدود الأركان يهدد بزعزعة الاستقرار في جارة إسرائيل الشرقية”.