دلالات زيارة الرئيس التركي باكستان في هذا التوقيت

- ‎فيعربي ودولي

استقبل رئيس الوزراء الباكستاني “عمران خان”، في “إسلام آباد” الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان”، ضمن أعمال مجلس التعاون الاستراتيجي بين البلدين.

وكان عمران خان قد اعتذر عن عدم حضوره قمة كوالالمبور الإسلامية المصغرة، نهاية العام الماضي، جراء ما قال إنها ضغوط سعودية وإماراتية.

ما دلالات استقبال إسلام آباد الرئيس التركي في هذا التوقيت؟ وما الرسالة التي تبعثها هذه الخطوة؟ وما هي خيارات باكستان لإدارة علاقاتها الخارجية والحفاظ على توازنها بما يحقق مصالحها في المرحلة المقبلة؟

وبحسب تقرير بثته قناة “الجزيرة”، بعد نحو أسبوع من زيارته كوالالمبور التي تخلَّف عن قمتها في ديسمبر الماضي، استقبل رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان في إسلام آباد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أحد أبرز المشاركين في قمة كوالالمبور الإسلامية المصغرة.

حرارة الاستقبال والبرنامج الحافل بإشارات التكريم في زيارة أردوغان التي تستمر يومين تحمل كثيرا من الدلالات، خصوصا بعد تصريحات عمران خان في ماليزيا عن خيبة أمله من رفض الرياض إدراج قضية كشمير في اجتماع منظمة التعاون الإسلامي، وإقراره بالتعرض لضغوط ممن سماهم أصدقاء لمنعه من حضور قمة كوالالمبور.

الرئيس التركي ترك وراءه جبهات ملتهبة لزيارة إسلام آباد، وتلك زيارة مقررة وإن تزامنت مع ملفات تزداد تعقيدا على طاولة أردوغان، لكن ما هو راهن من تحديات طرأت لا يقل أهمية، وربما لا ينفصل عما هو استراتيجي في حرب المحاور التي تعتبر أنقرة في خضمها.

هنا رئيس وزراء يجذب إلى محور يناصب تركيا العداء، وربما كانت زيارة أردوغان إشارة إلى رجوع رئيس الوزراء إلى محور آخر أو ربما محاولة لذلك.

الاقتصاد قد يكون وسيلة، ما يفسر اصطحاب الرئيس التركي وفدًا كبيرًا من رجال الأعمال ورؤساء الشركات، فإلى أين سيتجه ويتوجه عمران خان؟ .

في ديسمبر الماضي، اضطر لأن يخلف خان وعده بحضور قمة إسلامية مصغرة في ماليزيا، عقدت القمة بحضور الرئيسين الإيراني والتركي وأمير دولة قطر ورئيس وزراء ماليزيا مهاتير محمد، وتخلف عنها خان، وأرجع أردوغان سبب ذلك حينها إلى تهديدات من الرياض بسحب الودائع السعودية من البنك المركزي الباكستاني، وطرد نحو 4 ملايين عامل باكستاني، ولاحقا تحدث عمران خان عن أسباب إضافية.

يلتقي مهاتير محمد، الأسبوع الماضي، فيبدأ بكشف ما خفي واستتر، بعض الأصدقاء ضللني ولم أحضر قمة كوالالمبور؛ لأنهم رأوا أن حضوري لها سيؤدي إلى تقسيم الأمة، على أن الضرر بحسب البعض في إسلام آباد وقع لا على الدول المشاركة بقمة كوالالمبور، بل على باكستان قبل غيرها، فقد وعد خان بأن تبحث منظمة التعاون الإسلامي ومقرها الرياض قضية كشمير، وكان ذلك الوعد متزامنا مع الضغوط التي مورست على خان لعدم حضور قمة كوالالمبور، لكن “خان” ما إن استجاب للضغط حتى خذل.

فقد استبقت السعودية عقد الاجتماع الوزاري لمنظمة التعاون الإسلامي بالقول، إنه لن يبحث قضية كشمير، بل إن الرياض فعلت قبل ذلك ما اعتبر أسوأ بالنسبة لإسلام آباد، فقد التقى ولي عهدها رئيس الوزراء الهندي، ووقّع معه اتفاقية شراكة اقتصادية تجعل نيودلهي الشريك الرابع عالميًّا للمملكة، وبذلك على الأقل من وجهة النظر الباكستانية كوفئ من ضم كشمير، لا من استجاب للرياض ولم يحضر قمة منظمة التعاون.

ولم يجد ولي عهد أبو ظبي، شريك الأمير محمد بن سلمان، حرجا في تقليد رئيس وزراء الهند قلادة رفيعة المستوى بُعيد قرار ضم كشمير، ما جعل ظهر باكستان مكشوفا في واحد من أهم ملفات أمنها القومي .

ذاك ربما دفع إسلام آباد للتساؤل عن جدوى الرهان على الرياض وأبو ظبي في ملفات إسلامية خالصة، كما دفعهم للتساؤل بأثر رجعي عن جدوى التغيب عن قمة كوالالمبور، وما إذا كان على إسلام آباد أن تخوض معارك الرياض، بينما تُخذل وترى نفسها وحيدة أمام خطط الهند، ذاك وسواه ربما دفع إسلام آباد إلى استقبال أردوغان وبحفاوة لإعادة ضبط التحالفات في الإقليم، وفقا لأجندة دولها وبما يخدم ويلبي مصالحها.