كتب سيد توكل:
«لا يمكن أن نتصور أن الشعب السوري الذي عجن عجنًا وطحن طحنًا يمكن أن يعتقد أن نظام الأسد هو مستقبله، وأن عائلته وابنه هو الذي سيحكم سوريا، هذه خرافة»، هذا ما أكده زعيم حركة النهضة التونسية الشيخ راشد الغنوشي، أمام ملامح الدور الإقليمي الجديد لإيران الذي بدأ بالظهور في المنطقة، وفي وقت سابق كان "رحيم صفوي"، المستشار العسكري للمرشد الإيراني "علي خامنئي"، قد صرح بالقول "إن القرن الحالي سيشهد تشكيل حكومة إسلامية عالمية تكون إيران مركزًا لها".
ورفض الغنوشي فكرة استمرار نظام بشار الأسد في سوريا، واصفا المشهد العربي بــ«المحزن»، والمنطقة محترقة وفي أسوأ أوضاعها مع تراخي عربي، وتستمر إيران في بسط نفوذها في المناطق التي تشهد صراعًا داخليًا كسوريا واليمن، وتجربتها في بعض الدول العربية في مناطق من لبنان وغزة في فلسطين، ومن خلال نفوذها، تسعى إلى تغيير الطابع الديني للمدن السنية، ومحاولة قلب وجهها الإسلامي إلى مكون شيعي، بحيث تصبح ممارستها الشعائرية الشيعية أمرًا مفروضًا يعتاد عليه السكان المحليين.
وبدءًا من سقوط حلب، ستكون الاستراتيجية الإيرانية قد حققت اختراقًا إضافيًا في المنطقة، ومع استمرارها في التوجه إلى طوق دمشق أي الريف المجاور للعاصمة، سيكون مشروعها قد دخل حيز التنفيذ في سوريا لبداية إحياء الإمبراطورية الفارسية التي تحدث عنها "رحيم صفوي" لكن بهوية شيعية.
استهداف العلويين والإسماعيليين
وفي السياق ذاته قال خبير شئون الجماعات الإسلامية الدكتور حسن أبوهنية: إن إيران غيرت استراتيجيتها في التحول إلى المذهب الشيعي خلال الثورة من السنة إلى الطوائف القريبة منها، التي توصف عمليات تحولهم بأنها ذات طابع عقائدي على عكس أهل السنة الذين يتم تحويلهم إلى المذهب الشيعي بطابع سياسي.
وأكد ذلك بناءً على دراسات أجراها الاتحاد الأوروبي، تشير إلى أن حوالى 90% من المتحولين إلى المذهب الشيعي هم من داخل الإطار الشيعي من العلويين والإسماعيليين والنصيريين، الذين يوشكون على الدخول في مذهب الشيعة الاثنا عشرية عقائديًا، منوهًا بأن عمليات التحول هذه تضاعف مع وجود بشار الأسد.
وأشار إلى أن 10 آلاف شخص من أصل 30 ألفا من سكان منطقة حطلة في دير الزور قد تم إدخالهم إلى المذهب الشيعي عقائديًا، حيث يمارسون الطقوس ذاتها ويدينون لهم بالولاء، الأمر الذي ساعد كتائب أبوالفضل العباس والكتائب المرتبطة بقاسم سليماني على الدخول إلى هذه المناطق وتجنيد عدد كبير منها بسهولة.
منهجية التغير الديمغرافي لإيران
وأكد المصدر بأن اللجان الشيعية المشكلة في الأحياء الدمشقية القديمة لحمياتها، باتت تمثل دورًا آخر، وهو حماية مواكب العزاء واللطيمات التي تقام في الشوارع، إضافة لمشاهدة كم هائل من اللافتات الشيعية التي تتوزع في شوارع دمشق، مشيرًا أن معظم الشيعة في المواكب التي تسير في شوارع دمشق قدموا من لبنان والعراق.
وقال جازمًا إن أغلبهم من العراق، وأن أكثر من ربع مليون شيعي أصبح الآن في قلب دمشق، مضيفًا بأن الشيعة القادمين من خارج سوريا، يستغلون الحاجة المادية للناس، والظروف الصعبة للسورين، ليندفعوا بحركات شراء كبيرة للممتلكات والعقارات والمحال والبيوت، خاصة في مناطق دمشق القديمة والقريبة من مسجد "بني أمية" وإشغالها بالشيعة القادمين من خارج دمشق كحال بعض المحال في سوق "الحميدية" الدمشقي.
من الأمثلة الحقيقية على ذلك في دمشق حي "الشاغور" الدمشقي القديم، حيث تتم في الحي عملية تغير ديمغرافي، بدأت بتمكين "لجان شيعية" مختلفة التسميات في الحي، تهدف للسيطرة عليه، وتقتسم النفوذ بينها، والقيام بعملية ممنهجة تتضمن المضايقات على الحواجز المؤدية للحي، وفرض أتاوات على دخول البضائع والتضيق على أهله، والتعامل بصيغة طائفية مع المواطنين هناك، لإرغامهم على الهروب إلى خارجه، وترك منازلهم ومحالهم لقمة سائغة للشيعة.
وما يخشى منه حتى المؤيدون النشاط الذي تقوم به حملات "التبشير الشيعية"، وخاصة بين العلويين في دمشق والساحل وريفه، يقول في ذلك الناشط مهند صالح: "بحكم الصلة ببعض العلويين، منهم من يصرح بأنهم "باتوا يخافون من هذا الأمر وخوفهم على هويتهم من أن تطمس بعد هذا التاريخ، ونتحول إلى ملحقين بالولي الفقيه في إيران".
تطاول إيران في مناطق النظام
وأكد "الصالح" بأن هذه المواكب والممارسات الشيعية ليست حكرًا على دمشق وحدها، إنما هي في اللاذقية وطرطوس وحمص وحلب، وأن تطور النفوذ الإيراني في الساحل السوري والذي يعتبر معقل العلويين الأساسي في سوريا بات واضحًا، فلم يقتصر النشاط الإيراني في سوريا على النطاق العسكري فقط، وإنما تعمل إيران على الدور الثقافي والديني والمجتمعي في المناطق العلوية لزرع الطائفية، وتعزيز فكرة "الأمة العلوية حسينية البقاء وجعفرية النهج ومهدوية الولاء" بحسب ما صرح به ما يسمى العميد "محمد جابر" قائد ميلشيات ما يعرف باسم "صقور الصحراء" التابعة للدفاع الوطني في اللاذقية والتي يشرف عليها ضباط من الحرس الثوري الإيراني.
إيران ودسها في الساحل السوري
كما تعمل إيران على استقطاب أجيال ناشئة لتعزز فكرتها المهدية والطائفية من خلال عدة نشاطات تشرف عليها إيران في مدن وقرى الساحل السوري، وأكبر مثال على ذلك مدارس وثانويات "الرسول الأعظم" في اللاذقية، والتي تمثل دعامة للمشروع الإيراني الشيعي في المنطقة، تأسست هذه المدرسة في قرية رأس العين التابعة لمدينة جبلة بمحافظة اللاذقية، وتقوم المدرسة بتدريس تعاليم المذهب الشيعي الجعفري، وهي المدرسة الأولى من نوعها في سوريا، تتبع بشكل مباشر لوزارة الأوقاف، كما أنها ترتبط بجامع الرسول الأعظم الموجود في اللاذقية والذي يعتبر من أكبر الجوامع الشيعية، والذي يشجع على التشيع، وتعتبر هذه الثانويات من أصناف حملات التبشير الشيعية، وتخرج أجيالاً نشأت على فكرة شيعية إيرانية في سوريا، خصوصًا أن رئيس مجمع الرسول الأعظم في اللاذقية، ويدعى الدكتور أيمن زيتون، هو من خريجي قم الإيرانية، وسبق له أن ولّي إدارة إحدى الجامعات الدينية الإيرانية، وهو ينحدر في الأصل، من مدينة "الفوعة" في محافظة إدلب.
إيران في مؤسسات الدولة
وأكد لنا مصدر قريب من مراكز القرار في إحدى مؤسسات الدولة (رفض الكشف عن اسمه الصريح) أن إيران تسعى الآن لزيادة وجوها ونفوذها في وزارة الأوقاف السورية، وربما تصبح بعد فترة وجيزة صاحبة الكلمة فيها، فقد وصل قرار فجائي يحمل في محتواه فتح مكتب لدولة إيران في الوزارة ومكاتبها الفرعية في المحافظات ويتميز هذا المكتب بالصلاحيات التامة وله اليد في اتخاذ أي قرار، أو الموافقة عليه.
مشيرًا أنه يخشى حال تمكين هذه المكاتب الإيرانية تبديل في المناهج الدراسية الدينية داخل المعاهد الدينية التي تشرف عليها وزارة الأوقاف، مما يكون "دسا للسم في العسل"، عبر اعتماد مناهج تأخذ على عاتقها تبديل بطيء لرواد هذه المعاهد باتجاه التشيع ومن ثم التبشير به.