“فورين بوليسي”: تونس على حد السكين بين الإصلاح والاستبداد

- ‎فيعربي ودولي
TOPSHOT - Tunisian army barricade the parliament building in the capital Tunis on July 26, 2021, after the president dismissed the prime minister and ordered parliament closed for 30 days. - Tunisian President Kais Saied sacked the defence minister, a day after ousting the prime minister and suspending parliament, plunging the young democracy into constitutional crisis in the midst of a pandemic. (Photo by Yassine MAHJOUB / AFP) (Photo by YASSINE MAHJOUB/AFP via Getty Images)

نشرت مجلة "فورين بوليسي" تقريرا سلطت خلاله الضوء على تطورات الأوضاع في تونس عقب انقلاب الرئيس التونسي قيس سعيد على المسار الديمقراطي والمؤسسات الدستورية.

وقالت المجلة في تقريرها، الذي ترجمته "بوابة الحرية والعدالة"، إن "الرئيس التونسي قيس سعيد قام في 25 يوليو، بخطوة استثنائية، فبعد يوم من الاحتجاجات في مختلف أنحاء البلاد، التي كانت عنيفة بعض الشيء، أقال رئيس الوزراء، ورفع الحصانة التي يتمتع بها الساسة من الملاحقة الجنائية، وعلق البرلمان لمدة شهر كامل، والآن، في منتصف فترة ال 30 يوما تلك، لا تزال البلاد تنتظر معرفة من قد يكون رئيس الوزراء الجديد أو ما هي خطة الرئيس لإخراج البلاد من أزماتها السياسية المباشرة وضائقتها الاقتصادية على المدى الطويل؟".

وأضاف التقرير أنه "يمكن اعتبار تدخل سعيد من نواح عديدة أمرا وشيكا، وعلى الرغم من الفساد، وتدهور الاقتصاد، والبطالة المتجذرة، والغضب الشعبي المتنامي، واصل البرلمان التونسي وضع النزاعات التافهة فوق رفاهية البلاد. ويتمثل مصدر توتر خاص في التنافس بين سعيد وحزب النهضة، الذي يسيطر على البرلمان، وحتى الوباء، الذي أدى إلى سقوط قتلى خارج نطاق السيطرة، لم يمنع السياسيين من الدخول في مشاجرات وحروب طائفية".

 

مخاطر الانقلاب

وأوضح التقرير أنه "بالنسبة للمنطقة والعالم الأوسع، تعد الاضطرابات في تونس تهديدا وفرصة على حد سواء، بالنسبة إلى العديد من المراقبين من الولايات المتحدة، المستعدين بالفعل لتحديد التهديدات الوجودية للديمقراطية بعد انتفاضة يناير، كان مصير مؤسسات ما بعد الثورة التونسية مدعاة للانزعاج، وبالنسبة للاتحاد الأوروبي، الذي يستعد لموجات إضافية من الهجرة، فإن المخاطر تصبح أقرب إلى الديار، وبالنسبة للتونسيين، ولاسيما قطاعات واسعة من المجتمع المدني التونسي، فإن التهديد بات فوريا، حيث تخضع كل خطوة من خطوات سعيد لرقابة مشددة، فيما تبقى المكاسب السياسية والخراب الاقتصادي في السنوات العشر الأخيرة في الميزان".

وأشار التقرير إلى أنه "من الأمثلة على عدم كفاءة البرلمان، هناك الكثير من النواب الذين استخدموا حصانتهم للجوء إليها، بدءا من الاعتصامات والاعتداءات وصولا إلى القائمة الطويلة من التهم الجنائية، ولكن الاستجابة غير الموفقة للوباء، والتي أدت إلى أيام التطعيم المفتوحة الفوضوية خلال عيد الأضحى، عندما ترك تُرك الطامحون للقاح يقفون في حرارة شديدة في طوابير طويلة تنتهي غالبا بصراعات قليلة ولكن خيبة أمل، هي التي دفعت صبر الجمهور إلى نقطة الانهيار".

لم يكن هناك شيء مفتعل في الاحتفالات الجماهيرية التي استقبلت تدخل سعيد؛ وفي مختلف أنحاء البلاد، تدفق التونسيون إلى الشارع للاحتفال بما بدا وكأنه فسحة من الطبقة السياسية التي تخدم مصالح ذاتية والتي بدا لها لسنوات أنها تعمل بعيدا كل البعد عن جولات الوحشية والإذلال التي لا تنتهي والتي يتعرض لها عامة الناس يوميا.

وتابع التقرير"لكن في الوقت الراهن، هناك القليل من الأمور المؤكدة التي تفوق الدعم الشعبي الهائل الذي يتمتع به الرئيس، والذي تعزز بفضل النجاح الهائل ليوم التطعيم المفتوح الثاني في 8 أغسطس، والذي شهد تطعيم أكثر من نصف مليون تونسي. فقد أظهر استطلاع للرأي أُجري بعد أيام فقط من تدخل الرئيس أن 87 في المئة من البلاد أيدته، في حين عارضه 3 في المئة فقط، ومع التجوال في العاصمة، وخاصة المناطق الأكثر فقرا، يبدو الدعم عالميا".

 

ماذا بعد القرارات؟

ولكن الآن يأتي القرار ففي غضون 15 يوما، يمكن لسعيد إما العودة إلى البرلمان المنقسم في البلاد، أو تأجيج الاتهامات المحلية والدولية بالسلطوية عبر تمديد فترة التعليق الحالية.

واستطرد التقرير"الواقع هو، لا أحد يعرف ما سيفعله، وكان استحضار سعيد لسلطاته الطارئة التي منحها الدستور سببا في وقوع البلاد في "خطر وشيك"، وهذا الخطر إما نابع من المخاطر التي يفرضها الوباء العالمي أو الشارع، بيد أن النهضة دعا صراحة إلى الحوار حول النزاع، نافيا أي تهديد من الشارع، علاوة على ذلك، فإن نجاح حملات التطعيم في حد ذاته يقلل أيضا من الخطر الذي يشكله الوباء، حيث ينتقص من أسس سلطات الرئيس الطارئة، وهذه مشكلة لأن الجزء الأكبر من المجتمع المدني في تونس، وخاصة اللجنة الرباعية للحوار الوطني الحائزة على جائزة نوبل، التي تضم نقابيين، رابطة حقوق الإنسان، ونقابة المحامين، اشترطت أن يظل سعيد ضمن الحدود المنصوص عليها دستوريا".

وأِار التقرير إلى أنه قد يكون للمجتمع المدني التونسي هواجس بشأن البرلمان وحزبه الأكثر نجاحا، النهضة – خاصة أولئك الذين يشعرون بالتهديد من صعود الحزب الإسلامي السريع إلى القمة – ولكن قلة من التونسيين من المرجح أن يتنازلوا عن أي حاكم مستبد طموح.

وقال أويم الشتاوي، وهو ناشط وباحث تونسي "من المؤكد أن المجتمع المدني يدرك مخاطر اللحظة"، "ليس هناك إيمان أعمى بقيس سعيد، أو توقع مطلق لما قد يستطيع أو لا يستطيع تحقيقه"، وإلى أن يقدم الرئيس المزيد من الضمانات بشأن توجهه المستقبلي، فإن الاحتجاج يظل احتمالا قائما".

 

 

Tunisia’s on a Knife-Edge Between Reform and Autocracy