قال رئيس حزب النهضة التونسي ورئيس البرلمان راشد الغنوشي إن "حزبه سينخرط بشجاعة في النقد الذاتي".
وفي مقابلة حصرية مع وكالة الأناضول، قال الغنوشي إن "حزبه منفتح على الانتقادات ومستعد لتقديم «تضحيات» من أجل إكمال المسار الديمقراطي في تونس".
وأضاف الغنوشي «الجميع يعلم أن حركتنا (النهضة) هي أحد الأحزاب الرئيسية التي تطبق النقد الذاتي»، مؤكدا أن أي سياسي «لا يستمع إلى شعبه متعجرف وأصم».
في 25 يوليو، أقال الرئيس التونسي قيس سعيد حكومة رئيس الوزراء هشام المشيشي، وعلق عمل البرلمان، وتولى السلطة التنفيذية وسط تصاعد الغضب العام من الركود الاقتصادي والشلل السياسي، ويصر الرئيس التونسي على أن «إجراءاته الاستثنائية» تهدف إلى «إنقاذ» البلاد بينما يتهمه منتقدوه بـ «تنظيم انقلاب».
وقال الغنوشي الذي يعد حزبه الأكبر في البرلمان «هناك غضب شعبي بين العديد من التونسيين بمن فيهم الشباب»، «هذا أمر مفهوم بسبب عدم وجود إنجازات تلبي طموحاتهم وتوقعاتهم، ولكن في نفس الوقت هناك مبالغة في هذه القضية».
لكن رئيس البرلمان أعرب عن ثقته في أن "الشعب التونسي لن يتراجع عن إنجازاته في الحرية والعدالة الاجتماعية".
الديمقراطية التونسية
وقال الغنوشي إن "هناك محاولات من قبل وسائل الإعلام العربية «لشيطنة» التجربة الديمقراطية التونسية لكنه قال إن محاولاتهم محكوم عليها بالفشل".
وأضاف الغنوشي «يكفي النظر إلى بعض القنوات العربية في تغطيتها للشؤون التونسية لملاحظة إصرارها على شيطنة الديمقراطية التونسية»، مضيفا أن هناك حالة من الغموض تسود تونس في أعقاب تحرك سعيد للإطاحة بالحكومة وتعليق أعمال المجلس".
وأوضح الغنوشي «تم اعتقال بعض البرلمانيين وفُرض على آخرين حظر من السفر وهذا ينتهك حرياتهم»، مضيفا أن "مثل هذه الأعمال تذكّر التونسيين بعهدهم الماضي، في إشارة إلى تونس قبل ثورة 2011 التي أطاحت بديكتاتور البلاد زين العابدين بن علي".
وبينما أقر الغنوشي بالغضب الشعبي فيما يتعلق بالظروف الاقتصادية والسياسية للبلاد، قال الغنوشي إن "الوضع لا يبرر التراجع عن الديمقراطية، مشددا على أن الديكتاتورية ليست حلا".
وأكد الغنوشي أنه "واثق من أن إرادة منظمات المجتمع المدني والنخبة السياسية ستساعد في استعادة الديمقراطية في تونس ومنع عودتها إلى الاستبداد".
وأشاد زعيم النهضة "بالجيش التونسي لابتعاده عن الخلافات السياسية، لكنه ذكّر الجيش بمهمته في حماية مؤسسات الدولة".
وتعليقا على دعواته للاستقالة من منصب زعيم حزب النهضة، قال الغنوشي «نستمع إلى الأصوات الناقدة والاحتجاجية من داخل الحزب وخارجه»، مضيفا «لكن للحزب هيئاته الخاصة التي تتخذ القرارات من خلال التزام جميع أعضاء الحزب، بمن فيهم رئيس الحزب».
ونوه الغنوشي إلى أن "مؤتمر النهضة سيعقد في وقت لاحق من هذا العام والذي سيقيّم أداء الحزب ويخرج بتوصيات لسياسات وخطط الحزب المستقبلية، مؤكدا أنه سيحترم اللوائح الداخلية للحزب التي تقصر رئاسة الحزب على فترتين فقط، مضيفا "على أي حال، تونس أغلى من أي شيء آخر. لقد كرّست حياتي لمصلحة بلدي، وأينما كانت مصلحة تونس، فهي مصلحة النهضة أيضا ".
العودة إلى الديمقراطية
وشدد الغنوشي على أن "حزب النهضة لا يحتكر الديمقراطية ولم يسعَ قط لمنع أي شخص من التعبير عن آرائه، "نحن مصممون على مشاركة أوسع لتحقيق أهداف شعبنا للعودة إلى الديمقراطية قريبا لكل فرد الحق في الدفاع عن رأيه، والديمقراطية محمية من قبل الشعب، وستثبت الأيام هذه الحقائق ".
وجدد الدعوة إلى الحوار باعتباره السبيل الوحيد للخروج من الأزمة التونسية، ودعا الرئيس التونسي إلى «الإعلان عن خارطة طريق تحدد رؤيته للخروج من الأزمة الحالية» والإشراف على النتائج مع حث جميع الأطراف على إظهار الالتزام قائلا«لا حل لتونس سوى الحوار والتعاون من أجل الحفاظ على شعلة الحرية والثورة والبناء على الإنجازات القائمة والتغلب على أوجه القصور التي شابت تجربتنا وتصحيحها».
وتابع الغنوشي «سندعمه [الرئيس] ونعمل على إنجاحه، مع الاستعداد للتضحية من أجل الحفاظ على استقرار بلادنا واستمرار ديمقراطيتنا»، وقال «نأمل أن يشمل هذا الحوار ملامح المرحلة المقبلة على مستوى الإصلاحات الاقتصادية والسياسية التي تحتاجها البلاد».
وأشار الغنوشي إلى أن "تونس بحاجة أيضا إلى الخروج من حالة تعطيل المؤسسات، سواء كانت تشريعية أو تنفيذية. «نحن بحاجة إلى وضع حد للإجراءات الاستثنائية حتى يكون لدينا حكومة شرعية وسلطة تشريعية تساهم مع السلطات الأخرى في البحث عن حلول والاستفادة من أخطاء الماضي بالتعاون مع بقية مؤسسات الدولة و قوى مجتمعنا».
وتعاني تونس من أزمة عميقة منذ 16 يناير كانون الثاني عندما أعلن المشيشي تعديلا وزاريا لكن سعيد رفض إقامة حفل لأداء اليمين للوزراء الجدد.
تواجه تونس أيضا انتشارا غير مسبوق لسلالات COVID-19 في معظم الولايات، مما تسبب في انتشار سريع للفيروس.
يُنظر إلى تونس على أنها الدولة العربية الوحيدة التي نجحت في تنفيذ انتقال ديمقراطي بين الدول العربية الأخرى التي شهدت أيضا ثورات شعبية أطاحت بالأنظمة الحاكمة، بما في ذلك مصر وليبيا واليمن.
