رغم مزاعم وزارة التربية والتعليم بحكومة الانقلاب بأنها تعمل على تطوير التعليم من أجل القضاء على الدروس الخصوصية التي تستنزف أولياء الأمور ويعجز الكثيرون منهم عن دفع فاتورتها الثقيلة ، إلا أنه بمجرد انتهاء امتحانات الثانوية العامة بدأت مافيا الدروس الخصوصية تتواصل مع الطلاب من أجل الحجز لعام جديد من الاستنزاف.
وقبل شهرين كاملين من موعد بدء العام الدراسي الجديد، انطلق ماراثون الدروس الخصوصية ثانوية 2023 ويتبعها مع مطلع الشهر القادم الدروس الخصوصية لجميع السنوات الدراسية ، ما يؤكد فشل حكومة الانقلاب وعدم قدرتها على مواجهة هذه المافيا ، حيث بدأ المدرسون وأصحاب السناتر من الآن في الإعلان عن انطلاق الدروس الخصوصية، وشرع أولياء الأمور في الحجز المبكر لأبنائهم في مجموعات الدروس، مع كبار المعلمين وأكثرهم شهرة .
كل هذا يؤكد أن وزارة تعليم الانقلاب فشلت في القضاء على ظاهرة الدروس الخصوصية، وفشلت أيضا في إيجاد بديل يقلل من الإقبال على تلك الدروس، رغم أنها زعمت حينما أطلقت منصة حصص مصر أن المنصة ستتيح للطلاب تجربة تعليمية فريدة، توجههم للتعلم من خلال التطبيق وممارسة المعرفة بدلا من الحفظ، كما ستزود الطلاب بالمهارات اللازمة للإجابة عن الاختبارات وفقا لنظام الامتحانات الجديد، من خلال مدرسين أكفاء معتمدين ومدربين على النظام الجديد لفهم المناهج والتعامل مع نظام التقييم الجديد وفق تعبيرها.
حجوزات السناتر
حول مارثون الدروس الخصوصية قال محسن شوقي 55 عاما – ميكانيكي من سكان إمبابة وأحد أولياء الأمور إن "لديه ابنتين في الثانوية العامة، رغم أن إحداهما أكبر من الأخرى بعام كامل، إحداهما خاضت امتحانات الثانوية العامة هذا العام، والأخرى في الصف الثاني الثانوي، وستكون في العام القادم بالصف الثالث الثانوي، وفؤجئت بها تخبرني أن مدرسي الدروس الخصوصية يتواصلون مع الطلاب هاتفيا لدعوتهم للتسجيل للعام الجديد 2023.
وأضاف شوقي في تصريحات صحفية ، الحجوزات بأحد سناتر منطقة حدائق القبة بالقاهرة للثانوية العامة للعام الدراسي الجديد 2022-2023 بمبلغ 250 جنيها جدية حجز للمادة الواحدة للمواد النظرية، و350 جنيها للمواد العملية، و500 جنيه لمادة الرياضيات والفيزياء .
وكشف أن هناك خدمة أخرى اتجه إليها بعض مدرسي مواد الثانوية العامة، وهي خدمة الدروس الخصوصية أونلاين دون مقابلة الطلاب أو أولياء الأمور مع دفع القيمة المالية عبر خدمة «الكاش» وإرسال الملازم إلكترونية للطلاب الذين يسددون المصروفات.
جمعيات
وقالت نرمين محمد 43 عاما من سكان الشرابية ربة منزل، إن "السناتر فتحت أبواب الحجز للعام الدراسي الجديد 2023، أثناء امتحانات طلاب الثانوية العامة لعام 2022 ، مشيرة إلى أن الكثير من الطلاب وأولياء الأمور يسارعون في تسجيل الحضور للمواد التعليمية للعام القادم، حتى يضمن الطالب الفوز بمقعد داخل السنتر، وإلا سيكون مجبرا على الوقوف طوال الدروس.
وأضافت نرمين محمد في تصريحات صحفية ، لا توجد أماكن إضافية في السناتر، وكل عام يزداد عدد الطلاب المقبلين عليها، ولمواجهة ذلك يكون لكل طالبين كرسي واحد فقط بالتبادل، وأحيانا يكون لكل ثلاثة طلاب كرسي واحد بالتبادل، ولا يوجد رادع ضد السناتر من الأفعال الاستغلالية التي تحدث تجاه الطلاب وأولياء الأمور .
وأشارت إلى أن مصروفات السناتر تتخطى الـ20 ألف جنيه في العام الواحد، مؤكدة أنها لا تستطيع سداد تكاليف الدروس الخصوصية لأبنائها إلا عن طريق الدخول في جمعيات .
موقع الإنترنت
ونصحت ابتسام محمد ولية أمر طلاب الثانوية العامة بعدم اللجوء للدروس الخصوصية، وقالت ابتسام محمد في تصريحات صحفية "أنصح الجميع بالاكتفاء بمشاهدة المراجعات على اليوتيوب" .
وأضافت ، في العام الماضي كانت لي ابنة في الثانوية العامة، وفي العام الحالي لي ابن في الثانوية العامة، ولمست بنفسى أن متابعة الشرح والمراجعات، في مواقع الإنترنت أفضل كثيرا من حضور الدروس الخصوصية في السناتر.
رحلة عذاب
ووصف محمد محمود طالب في الصف الثاني الثانوي، الدروس الخصوصية بأنها رحلة عذاب يعيشها طلاب الثانوية العامة.
وقال محمود في تصريحات صحفية "أغلب مدرسي السناتر ليس لهم علاقة بالتعليم، ولكن زاد من شهرتهم ومن إقبال الطلاب عليهم، أن بعض أسئلة امتحانات نهاية العام، تتداول في السناتر".
وأضاف ، انطلاق الدروس الخصوصية في وسط إجازة الصيف وقبل شهرين كاملين من بدء الدراسة تحرم طلاب الثانوية العامة، من الاستمتاع بالإجازة الصيفية، وتزيد من الضغوط النفسية والتعليمية عليهم .
العملية التعليمية
وقالت الخبيرة التربوية الدكتورة بثينة عبدالرؤوف إن "سناتر ومدرسي مرحلة الثانوية العامة على مدار السنوات السابقة، يعلنون عن بدء حجز الدروس الخصوصية للعام الجديد قبل بدء العام الدراسي بشهور، مؤكدة أن الطلاب المتأخرين عن الحجز قبل شهر أغسطس لا يتوفر لهم مكان داخل السناتر".
وأضافت بثينة عبدالرؤوف في تصريحات صحفية أن هناك سببين في الصراع على التسجيل في الدروس الخصوصية، أولهما عدم وجود قناعة مجتمعية بما تقدمه المدارس، كما أنه لا يوجد انتظام بالعملية التعليمية فمعظم المدارس تعاني من عجز ملحوظ في مدرسي المواد الأساسية؛ مثل الرياضيات والفيزياء والكيمياء، لافتة إلى أن أولياء الامور يعتقدون أن الدروس الخصوصية هي مصدر التعلم الوحيد والوسيلة الوحيدة للحصول على درجات عليا.
وتابعت ، الدروس الأونلاين لا تخلو من مشاكل، فبعض الحصص تتخطى الـ8 ساعات متواصلة، والميزة الوحيدة فيها أنها توفر الوقت وتكاليف أجرة المواصلات، وتوفير عنصر الاطمئنان على الأبناء بسبب حضور الطالب الدروس داخل منزله الخاص لكن في المقابل «مش كل المواد بتقدر تسجلها عن طريق الأونلاين ومش كل المعلمين شاطرين في الأونلاين ومش في كل المواد ينفع أنك تأخدها أونلاين».