أكد تقرير نشرته وكالة “بلومبرج” الأمريكية مؤخرا، أن الانتخابات الرئاسية المقررة بمصر في ديسمبر المقبل ستزيد من الدراما المتعلقة باتفاق صندوق النقد الدولي مع البلاد والدخول في خفض جديد ومرتقب للعملة المحلية، مشددا على أن وتيرة برنامج صندوق النقد الدولي تبدو بمثابة مؤشر لقدرة مصر على الخروج من أسوأ أزماتها منذ سنوات، وكشفت أن مصر لا تملك الوسائل اللازمة للحفاظ على الوضع الراهن لفترة أطول.
وقالت “بلومبرج”: إنه “حتى موعد التصويت المحدد في 10 إلى 12 ديسمبر، من غير المرجح أن تمارس سلطات الانقلاب المزيد من الضغوط على المستهلكين الذين يعانون من ضائقة مالية من خلال خفض قيمة الجنيه في الفترة التي تسبق الانتخابات، مما يترك توقيت أي اتفاق نهائي في الهواء”.
وبشكل آخر، أوضحت أنه مع ارتفاع التضخم بالفعل إلى مستوى قياسي، من غير المرجح أن تخفض مصر قيمة العملة قبل الانتخابات الرئاسية في ديسمبر.
وأضافت أنه بعد التصويت، إما أن تسمح السلطات للجنيه بالضعف، أو تفرض قيودا صارمة على الاستيراد، وفقا لتوقعات “بلومبرج إيكونوميكس”.
وأشار التقرير إلى أن تأخر مراجعة الصندوق بسبب الانتخابات يعني تضييق نافذة الفرص لتحقيق اختراق هذا العام، موضحا أن الاتفاق الذي يشكل أهمية بالغة لاستعادة ثقة المستثمرين في الاقتصاد الذي تبلغ قيمته 470 مليار دولار، والذي لا يزال عالقا في أزمة العملة الأجنبية المنهكة بعد عام تقريبا من توصل صندوق النقد الدولي ومصر إلى اتفاقهما، أصبح على المحك.
وأضافت “بلومبرج” أنه من شأن المراجعة الناجحة أن تطلق نحو 700 مليون دولار من شرائح القروض المؤجلة، وتسمح بالوصول إلى صندوق المرونة بقيمة 1.3 مليار دولار، وربما تحفز استثمارات خليجية كبيرة، كما يقول التقرير.
وبحسب مصادر بلومبرج إيكونوميكس فإن حكومة السيسي وصندوق النقد الدولي يناقشان الخيارات، ويحرص الجانبان على مواصلة الحوار لإرسال إشارة إيجابية إلى السوق.
وقال المسؤولون المصريون لـ”بلومبرج”: إنهم “واثقون من إمكانية إحراز تقدم في المراجعة هذا العام، إلا أنهم لم يحددوا ما إذا كان سيتم السماح للجنيه بالانخفاض”.
وخفضت حكومة السيسي قيمة العملة ثلاث مرات وفقدت نصف قيمتها منذ أوائل عام 2022، مما أدى إلى ارتفاع معدل التضخم السنوي إلى مستوى قياسي بلغ 37.4%.
وأعلنت حكومة السيسي الالتزام بالانتقال إلى نظام سعر صرف مرن بشكل دائم، ورغم ذلك تداول الجنيه عند مستوى مستقر في البنوك المحلية عند حوالي 30.9 للدولار خلال الأشهر الستة الماضية، بحسب الوكالة.
وتتطلع سلطات الانقلاب إلى بناء احتياطيات كبيرة من النقد الأجنبي قبل تخفيض قيمة العملة، مما سيسمح لها بتصفية طلبات العملة المتراكمة والقضاء على السوق السوداء، حيث يتوفر الجنيه بحوالي 40 جنيها للدولار.
الموظفون وبيع الأصول
وعن الاقتراحات لتفادي تباطؤ المفاوضات، أوضحت أن المحادثات الأخيرة شملت توصل مصر وصندوق النقد الدولي إلى اتفاق على مستوى الموظفين بشأن المراجعة، وهي الخطوة الأولى في العملية، مما يشير إلى حدوث تحرك، وفقا لما ذكره مصدران.
وثانيا، كان إصلاح العملة الذي سيتم بعد التصويت في الانتخابات، وهو ما يمهد الطريق لموافقة مجلس إدارة صندوق النقد الدولي على المراجعة ومن ثم صرف شرائح القرض.
وثالثا، أشارت إلى اعتقاد صندوق النقد الدولي أن السلطات أكثر جدية بشأن تنفيذ عملية بيع طموحة لأصول الدولة بعد عدد من الصفقات البارزة، حسبما قال الأشخاص الذين تحدثوا بشرط عدم الكشف عن هويتهم لأن المداولات لم يتم الإعلان عنها.
وفي يوليو قالت حكومة السيسي: إنها “ستبيع أصولا بقيمة 1.9 مليار دولار لشركات محلية وصندوق أبو ظبي للثروة (ADQ)، رغم أنها لم تحصل بعد على جميع الأموال، وفي وقت سابق من سبتمبر، باعت 30% من أكبر شركة سجائر في مصر إلى مستثمر إماراتي مقابل 625 مليون دولار”.
رأي خبير
ونقلت بلومبرج عن خبراء اعتقادهم أنه مع عدم احتمال ضعف العملة قبل الانتخابات؛ أن التأخير “قد يدفع صندوق النقد الدولي إلى الجمع بين المراجعات الأولى والثانية والثالثة في الربع الأول من عام 2024″، نقلا عن لجان ميشيل صليبا، الخبير الاقتصادي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في بنك أوف بنك.
وأضاف “هناك احتمال أن تقوم بعثة من صندوق النقد الدولي بزيارة القاهرة في منتصف أكتوبر/تشرين الأول المقبل، كجزء من مشاورات المادة الرابعة “ولطمأنة الأسواق بشأن استمرار الحوار مع السلطات”.
واستدرك أن هناك موعدا نهائيا آخر وشيكا لمصر يأتي من وكالة “موديز” لخدمات المستثمرين ومراجعتها لشهر نوفمبر لتصنيف ديون البلاد، والذي هو بالفعل عند B3 أو ست خطوات أقل من الدرجة الاستثمارية.
وأوضح “صليبا” أن السلطات ستبذل جهودا جادة لتجنب خفض
التصنيف إلى ما يعادل منطقة CCC – وهي خطوة قد تؤدي إلى البيع القسري في أسواق السندات بالعملة الصعبة.
