واصلت قوات الاحتلال غاراتها المكثفة والعنيفة على قطاع غزة المحاصر منذ نحو 16 عاما، رغم تحذير الناطق باسم كتائب عز الدين القسام الذراع العسكرية لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، أبو عبيدة، من أن استمرار استهداف العائلات الفلسطينية بأطنان المواد المتفجرة التي تطلقها مدفعية الاحتلال وترميها في آن سلاحهم الجوي يعني قتل رهينة من الأسرى الذين تمتلكهم حركة المقاومة الإسلامية حماس بوفرة تحت أيديها.
وأسفر القصف الصهيوني عن تدمير واسع في قطاع غزة، كما استشهد على إثره 830 فلسطينيا وأصيب 4250 حتى مساء الثلاثاء، فيما استمر القصف الحمساوي على بلدة عسقلان بالصواريخ وسط تأكيدات بأن القصف سوف يستمر حتى تهجير أهالي المدينة ثم التحول إلى أخرى.
كما استمر قصف تل أبيب، كما أعلنت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس)، أنها ستبدأ في إعدام أسير مدني صهيوني مقابل أي قصف إسرائيلي جديد لمنازل المدنيين دون سابق إنذار.
وقال أبو عبيدة، المتحدث باسم كتائب الشهيد عز الدين القسام: “نعلن بأن كل استهداف لأبناء شعبنا الآمنين في بيوتهم دون سابق إنذار سنقابله آسفين بإعدام رهينة من رهائن العدو المدنيين لدينا وسنبث ذلك مضطرين بالصوت والصورة”.
ويبدو أن الصهاينة لا يعبأون بأسراهم فواصلوا القصف، وقبل عصر الاثنين 9 أكتوبر، قال الناطق باسم كتائب عز الدين القسام أبو عبيدة: إن “قصف الاحتلال على غزة أدى لمقتل 4 من أسرى العدو واستشهاد آسريهم”.
ولم تعلن حركة حماس بعد عن عدد الأسرى الإسرائيليين خلال الهجوم، لكن تقديرات إسرائيلية أشارت إلى أسر أعداد كبيرة من مواطنيها.
بروتوكول “هانيبال”
ويبدو أن جيش الاحتلال بدأ تطبيق بروتوكول “هانيبال” بالفعل في الحرب الأخيرة على غزة والتي سميت “السيوف الحديدية” وذلك عقب صدمة “طوفان الأقصى” الذي أسفر عن مقتل وجرح وأسر آلاف الإسرائيليين.
وقال “أبو عبيدة” الناطق الرسمي باسم كتائب القسام: إن “العدو قتل عددا من جنوده بعد أن أسرهم القسام” وقبل أبو عبيدة، كان قد شهد شاهد من أهلهم.
وقبل يومين، كشف المراسل العسكري لإذاعة جيش الاحتلال، دورون كادوش، أن سلاح الجو شن هجوما غير عادي استهدف موقع “إيريز” العسكري شمال قطاع غزة، بعد اشتباكات دامية شهدها الموقع بين مقاتلي القسام وجنود الاحتلال في المنطقة.
ولكن كادوش لم يبين أسباب هذا القصف، ولكنه من الواضح أن القصف الجوي الذي قد يؤدي إلى سقوط قتلى من جيش الاحتلال، يهدف لمنع تعرض جنود آخرين للأسر وبالتالي زيادة غلة المقاومة من الأسرى العسكريين، أي بكلام غير مباشر تفعيل “بروتوكول هانيبال”.
كما طرحت صحيفة “إسرائيل اليوم” الصهيونية العودة لاستخدام بروتوكول أو توجيه أو إجراء “هانيبال” الذي يعتمد في جوهره على سياسة الأرض المحروقة ومفهوم جندي قتيل أفضل منه أسيرا.
ودعت الصحيفة إلى إعادة غزة إلى العصر الحجري، وعلى الكيان أن يختطف كبار مسؤولي حماس وعائلاتهم، وتدمر منازلهم والمباني الشاهقة والمطاعم والمنتزهات فيها”، بحسب الصحيفة.
العصر الحجري
وتابعت: “علينا سحقهم وجعلهم يركعون على ركبهم حتى يصرخوا بما فيه الكفاية، وضربهم بلا رحمة”.
وأضافت: “علينا تجاهل أحكام المحكمة العليا ودعوات منظمة (بتسيلم)، لن يكون هناك حدود لتدخلنا ومن دون رحمة، وإذا كنا قلقين بشأن ما تقوله محكمة العدل الدولية في لاهاي، فهناك ما يكفي من المتطوعين الذين سيقومون بهذه المهمة”.
ومضت في مخططها أنه “يجب عدم إعادة توصيل الكهرباء حتى عودة آخر أفراد شعبنا، وجنود جيش الدفاع جيش الإحتلال الصهيوني أورون شاؤول وهدار غولدين، وإذا لم يساعد ذلك، فلا بد من قصف محطة الطاقة الموجودة في غزة أيضا”.
ولم تأخذ الصحيفة بعين الاعتبار في مخططها ومقالها أن هناك عشرات أو حتى مئات الأسرى الإسرائيليين في غزة، فرفعت شعار “اضرب ودمر واقتل دون رحمة”، وهذه دعوة غير مباشرة لتفعيل بروتوكول “هانيبال”.
وتوجيه” هنيبال” هو إجراء يستخدمه جيش الاحتلال (الوحيد بين جيوش العالم) لمحاولة منع أسر جنوده، وكانت الصيغة الأولية تفيد أن عملية الاختطاف يجب أن تتوقف بكل الوسائل، حتى لو كان ذلك على حساب ضرب قواتنا.
و”بروتوكول هانيبال” أدخله جيش الاحتلال عام 2001، حيث كشف ضباط إسرائيليون متقاعدون ووسائل إعلام محلية أن البروتوكول صيغ منذ إبرام صفقة الأسرى الأولى بين إسرائيل والجبهة الشعبية القيادة العامة بقيادة أحمد جبريل في العام 1985.
ومن بين 11 إسرائيليا طُبق عليهم البروتوكول في 7 بلاغات، لم ينج سوى جندي واحد وهو جلعاد شاليط، نظرا لأن إعلان تطبيق التوجيه جاء متأخرا بحيث لا يكون له أي تأثير على سبب الأحداث.
وفي 1 أغسطس 2014 أو ما يعرف بيوم “الجمعة الأسود”، فقد جيش الاحتلال التواصل مع أحد ضباطه وهو هدار غولدين، وفعل بروتوكول “هانيبال”، ودمر رفح عن بكرة أبيها، وارتكب المجازر بحق المدنيين مخلفا مئات القتلى والجرحى في ساعات معدودات، فأسقط نحو 150 شهيدا فلسطينيا غالبيتهم من المدنيين عبر تفعيل “إجراء هانيبال” المتبع لمنع أسر الجنود والذي يسمح بتعريض حياة الجندي المخطوف للخطر بهدف منع أسره.
كان المحلل العسكري “الإسرائيلي” إيال عاليمه، قال للجزيرة نت -قبل فترة- إن “الخطة الجديدة لبروتوكول هانيبال أكثر صرامة، حيث تطالب الجيش باستخدام كل قدراته حتى القوة العنيفة لمنع وقوع عملية الأسر ، حتى وإن استدعى الأمر إطلاق النار وبكثافة باتجاه الأراضي الإسرائيلية إن وقع الأسر بها وليس فقط بمناطق العدو الفلسطيني”.
وتابع أن “تفاصيل كثيرة خاصة بالأمر العسكري لم تعرف حتى للجنود، وإن الأمر يكتنفه الغموض والضبابية، حيث إن الجيش يتعامل حتى اللحظة بالأمر الذي يبدو أنه أعد له من فترة طويلة بسرية كاملة”.
يذكر أن هانيبال بنْ حَملقار برقا هو قائد عسكري قرطاجي ينتمي إلى عائلة برقا البونيقية العريقة، ويُنسب إليه اختراع عدة تكتيكات حربية في المعارك لا تزال معتمدة حتى اليوم.
غير أن قتل اليهود أنفسهم سبق وأن نفذوه من قبل وذكر الله ذلك في سورة البقرة في الآية 85 ((ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم وتخرجون فريقا منكم من ديارهم …)) الآية.
