في ظل انشغال داخلية الانقلاب في حماية نظام المنقلب السفيه السيسى ، وغياب الأمن العام عن البلاد ، شهدت العديد من المحافظات وقوع أربع جرائم مروعة حظيت باهتمام واسع في الفترة الماضية، بين القتل والتعذيب ومحاولات الانتحار، واتسمت جميعها بدرجة عاليةمن العنف والبشاعة التي أثارت صدمة واسعة في المجتمع.
وكان أبرزها ما وقع في منطقة أبو الجود بمحافظة الأقصر في صعيد مصر، حيث قام شخص، بسبب خلاف عادي، بذبح جاره بطريقة وحشية ونهش جسده بشكل همجي، ثم تجول في الشارع حاملاً رأسه وسكينه التي ارتكب الجريمة بها.
وفي محافظة الفيوم، قتل مواطن يبلغ من العمر 36 عاماً عقيد شرطة داخل فرع بنك مصر، وأصاب ثلاثة آخرين بجروح. وتبين أن الجاني حاول الاعتداء على مدير الفرع بعد مشادة مع الموظفين، حيث كان يطالب بصرففوائد حسابه قبل موعدها المحدد.
وفي محافظة القاهرة، وقبل أيام قليلة من هذه الحادثة، قتل متسول أمين شرطة في منطقة عابدين، بعد أن حاول الأخير إيقاظه من النوم. أما رابع هذه الوقائع، وهي أيضاً تتسم بالغرابة، فتمثلت في تحرير الأمن لسيدة في منطقة البدرشين بمحافظة الجيزة، بناءً على بلاغ من والدتها. وتبين أنأفراد عائلتها، بما في ذلك والدها المتوفى وعمها وشقيقها، قاموا بحبسها وربطها بالسلاسل في غرفة مظلمة لمدة ست سنوات بعد طلاقها من زوجها.
ولم يكن أبناء الذوات أو قاطنو المناطقالراقية بعيدين عن حوادث العنف، إذ شهدت منطقة التجمع الخامس بشرق القاهرة مشاجرة
عنيفة بين مجموعة من الفتيات داخل مدرسة دولية، كانت ضحيتها طالبة بالمرحلةالابتدائية (الصف السادس)، تعرضت للإصابة بكسور في الأنف وكدمات بالوجه، استدعت نقلها إلى المستشفى لتلقي العلاج اللازم.
ويرى مختصون أن تفاقم الأوضاع الاقتصادية والنفسية قد يكون أحد العوامل الرئيسية التي تدفع بعض الأفراد إلى اللجوء للعنف، سواء بدافع الجريمة أو كرد فعل على ضغوط المعيشة.
كما أثارت وقائع العنف المتكررة في مختلف المناطق والطبقات الاجتماعية جدلًا واسعًا حول النتائج المترتبة على انتشار مثل هذه الجرائم، في ظل غياب حلول فعالة للحد منها.
ووفقًا لمؤشر قياس الجريمة في قاعدةالبيانات العالمية (نامبيو)، بلغت نقاط مصر في مؤشر الجريمة 47.3 نقطة في عام
2024، ما جعلها تحتل المركز السادس عربيًا بعد دول مثل سوريا، اليمن، والصومال،التي تعاني من نزاعات عنيفة.
وجاءت مصر في المركز الثامن عشر على المستوى الإفريقي، من حيث معدلات الجريمة، كما احتلت المرتبة الخامسة والستين عالميًا، وذلك نتيجة ارتفاع معدلات ارتكاب الجرائم بأنواعها المختلفة.
ورصد مرصد العنف، في تقريره الشهري الصادر عن مركز التنمية والدعم والإعلام، 143 حالة عنف خلال شهر يناير 2025، منها46 جريمة قتل بطرق عنيفة ووحشية، من بينها 18 واقعة في المجال الخاص بالأسرة.
وتلك الأرقام ليست حصراً متكاملاً بكل وقائع العنف، بل هي عينة لكشف الواقع في المحافظات، وهو عنف اقتصادي دليل على تأثرالمجتمع بالأوضاع الاقتصادية المتدنية، حيث تسبب الضغط المادي والخلافات المالية
داخل الأسرة الواحدة، وعدم قدرة الأزواج على الإنفاق، في انتشار العنف بين شركاء الحياة.
تأخر العدالة
ووفق تصنيف موسوعة قاعدة البيانات العالمية (NUMBEO)، التي تهتم بتقييم مستوى الجريمة ودرجةالأمان في دول العالم، ارتفع معدل الجريمة في مصر إلى 60.64% خلال السنوات الثلاث
الماضية، وتشير الإحصاءات إلى أن ما يقرب من ثمانية ملايين امرأة وفتاة تتعرضن للعنف سنوياً في مصر.
نسبة كبيرة من هذا الإحصاء تقع تحت بند العنف الأسري، بينما تدخل النسبة الأخرى في إطار العنف المجتمعي، ويُظهر المسحالصحي للأسرة المصرية، الصادر عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في عام
2022، أن نحو ثلث السيدات اللاتي سبق لهن الزواج في الفئة العمرية 15-49 عاماً قدتعرضن لصورة من صور العنف من قبل الزوج.
الملفت بعد تلك التقارير والإحصائيات أن الرواية الرسمية تقول إن معدل الجريمة في مصر انخفض، وفي تصريحات جاءت احتفالاً بعيد الشرطة الـ73 العام الماضي، أكد وزير الداخلية محمود توفيق انخفاض معدل الجريمة بنسبة 14% عن العام الذي سبقه.
وفقاً للتقرير السنوي لمؤشر سيادةالقانون، الصادر عن مؤسسة “مشروع العدالة العالمية”، تحتل مصر المركز
136 من أصل 142 دولة، مما يجعلها من بين آخر ست دول في العالم تتذيل القائمة منحيث سيادة القانون.
وفقاً لتقرير صادر عن وزارة الصحة في 2018، يعاني 25% من المصريين من مشكلات نفسية، وهي قضية ترتبط بشكل مباشر بالوضع العام.
