تحول تزوير الشهادات الجامعية إلى ظاهرة فى زمن الانقلاب بقيادة عبدالفتاح السيسي وأصبحت هناك مكاتب وصفحات على مواقع التواصل الاجتماعى تعلن للراغبين فى الحصول على شهادات تزعم أنها " معتمدة"، مثل الليسانس والبكالوريوس والدبلومات والماجستير والدكتوراه وذلك مقابل مبالغ يتم الاتفاق عليها .
وتروج هذه الصفحات بأن من يريد الحصول على مؤهل سيحصل عليه بسهولة سواء للعمل في القطاع الخاص أو الحكومي، وهو ما يمثل خطورة كبيرة تهدد المنظومة التعليمية والمهنية، وسط تزايد محاولات البعض للحصول على وظائف أو مناصب عبر تقديم مستندات تعليمية مزورة.
ويؤكد انتشار هذه الشهادات والكشف عن الكثير منها فى السنوات الآخيرة غياب الرقابة وتجاهل حكومة الانقلاب للكيانات الوهمية والمكاتب التى تمنح تلك الشهادات وهو ما يدفع الكثيرين للحصول عليها.
ضعاف النفوس
من جانبها أكدت الدكتورة ماجدة نصر نائب رئيس جامعة المنصورة السابق أن جرائم تزوير الشهادات الجامعية لا تزال موجودة بالفعل، وان كان قد تقلص انتشارها نسبياً في الوقت الراهن مقارنة بالأعوام الماضية، مشيرة إلى أن بعض ضعاف النفوس يلجأون إلى تلك الأساليب الاحتيالية من أجل تحقيق أرباح مالية طائلة.
وقالت د. ماجدة نصر فى تصريحات صحفية فوجئت أن شهادات بعض العائدين من أوكرانيا والسودان في أعقاب اندلاع حروب في البلدين، المقدمة منهم للجامعات المصرية من أجل الالتحاق بها مزورة وغير سليمة.
وشددت على ضرورة أن تنتبه وزارة التعليم العالي بحكومة الانقلاب والمجلس الأعلى للجامعات لتلك العمليات المشبوهة وأن يكون هناك رقابة شديدة، ومراجعة أوراق كل شخص بصفة مستمرة للتأكد من سلامتها وتشديد العقوبات القانونية في حال ارتكاب جرائم.
وأوضحت د. ماجدة نصر أن وجود قاعدة بيانات منضبطة تضم بيانات كل الخريجين ومؤهلاتهم وشهاداتهم الدراسية والجامعات التي التحقوا بها، تجعل من السهل التأكد من هوية أي شخص وحقيقة أوراقه.
وشددت على ضرورة وضع إجراءات صارمة لمواجهة تلك الوسائل الإجرامية، كاشفة عن تلقي الجامعات مخاطبات من شركات التوظيف ببعض البلدان العربية للتأكد من صحة وسلامة الشهادات الجامعية وعدم تزويرها قبل إلحاق الشاب الخريج بالوظيفة .
وأشارت د. ماجدة نصر إلى أن شركات التوظيف أصبحت تدرك ألاعيب مزوري الشهادات الجامعية، لذلك تتأكد من سلامة كل الأوراق من الجامعات نفسها.
علامات مائية
وحذر الدكتور وائل كامل الأستاذ بجامعة حلوان من أن قضايا تزوير الشهادات الجامعية أصبحت من أخطر القضايا التي تضر بالأمن القومي المصري، مشددا على ضرورة التصدي لهذه الكارثة.
وطالب كامل فى تصريحات صحفية وزارة التعليم العالي بحكومة الانقلاب بوضع علامة مائية على الشهادات الجامعية، لكي يصعب تزويرها أو التلاعب فيها، لافتا إلى أن المجلس الأعلى للجامعات قرر بالفعل وضع علامة مائية على شهادات التخرج وهذا سيقلص العمليات الاحتيالية.
كيانات وهمية
أكد الدكتور تامر شوقي أستاذ علم النفس التربوي بجامعة عين شمس ، أن الأشكال الاحتيالية في الشهادات الجامعية والمحررات الرسمية أخذت أشكالاً مختلفة خلال الأعوام الماضية، من بينها التلاعب في شهادات الماجستير والدكتوراه من خلال اللجوء لأكاديميات وكيانات وهمية غير معترف بها وليس لها وجود إلا على الإنترنت فقط، ويحصل منها الطالب على شهادات ليست معادلة من المجلس الأعلى للجامعات بغرض الوجاهة الاجتماعية .
وقال شوقى فى تصريحات صحفية : هناك شكل آخر وهو انتشار وقائع الغش عن طريق الذكاء الاصطناعي، مشيرا إلى أن الباحث أصبح بإمكانه إدخال متغيرات معينة على البحث العلمي لديه ليصعب اكتشاف التلاعب به، علاوة على أن هناك من يلجأون إلى مكاتب خارجية مختصة في إعداد الأبحاث العلمية مقابل دفع نفقات مالية باهظة وقد تكون بالعملة الصعبة أحياناً، ولا تُكتشف تلك الجريمة إلا في حال الاختبارات الشفهية للباحث فقط.
وأشار إلى إن الجامعات وضعت نظاماً يسمى بـ"كشف الانتحال من خلال وحدات نظم المعلومات" لاكتشاف تلك الجرائم وتقليص عمليات التلاعب والاحتيال.
تشكيلات عصابية
قال المحامي بالنقض عمرو عبدالسلام، إن تلك الجرائم تقع تحت طائلة التزوير في محررات رسمية وتخضع للمواد من "211 حتى 213" من قانون العقوبات العام، مشيراً إلى أنه تم اكتشاف تشكيلات عصابية خلال الفترة الماضية تقوم بتزوير الشهادات الجامعية من خلال تقليد أختام الجهات الصادرة منها الشهادة.
وأكد عبدالسلام فى تصريحات صحفية أن من يستخدم تلك الشهادات المزورة يقع تحت طائلة الاشتراك في جريمتين الأولى المشاركة في جريمة التزوير والأخرى استعمال محرر مزور لتقديمه إلى جهات أخرى لافتا إلى أن المادة (211) من قانون العقوبات تنص على أن "كل صاحب وظيفة عمومية ارتكب في أثناء تأدية وظيفته تزويراً في أحكام صادرة أو تقارير أو محاضر أو وثائق أو سجلات أو دفاتر، أو غيرها من السندات والأوراق الأميرية، سواء كان ذلك بوضع إمضاءات أو أختام مزورة أو بتغيير المحررات أو الأختام أو الإمضاءات، أو بزيادة كلمات أو بوضع أسماء، أو صور أشخاص آخرين مزورة، يعاقب بالسجن المشدد أو السجن".
وأشار إلى أن المادة (212) تنص على "كل شخص ليس من أرباب الوظائف العمومية ارتكب تزويراً مما هو مبين في المادة السابقة، يعاقب بالسجن المشدد أو بالسجن مدة أكثرها 10 أعوام". وتنص المادة (213) على أنه "يعاقب أيضاً بالسجن المشدد أو بالسجن كل موظف في مصلحة عمومية أو محكمة بقصد تزوير موضوع السندات، أو أحوالها في حال تحريرها المختص بوظيفته سواء كان ذلك بتغيير إقرار أولي الشأن، وكان الغرض من تحرير تلك السندات إدراجه بها أو بجعله واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة، مع علمه بتزويرها أو بجعله واقعة غير معترف بها في صورة واقعة معترف به".