إسرائيل تقطع الغاز.. ومصانع مصر تتوقف: كيف فرّط السيسي في غاز المتوسط؟

- ‎فيتقارير

تواجه مصر حالياً أزمة طاقة متفاقمة بعد خفض إسرائيل إمدادات الغاز بنحو 60%، ما تسبب في تعطل عدد من مصانع الأسمدة والبتروكيماويات، وسط مخاوف من عودة انقطاعات الكهرباء خلال الصيف، الأزمة كشفت مجدداً عن كُلْفَةِ التفريط الذي مارسه نظام المنقلب السفيه  عبد الفتاح السيسي في حقوق مصر في غاز المتوسط لصالح إسرائيل، وهو ما يطرح تساؤلات عن المسؤولية السياسية والجنائية لهذا التفريط.

تفريط السيسي في ثروات مصر
رغم امتلاك مصر لاحتياطات ضخمة من الغاز في شرق المتوسط، وعلى رأسها حقل ظهر، فإن النظام المصري اختار توقيع اتفاقات طويلة الأجل مع إسرائيل لاستيراد الغاز منها، صفقة وُقِّعَتْ عام 2018 بقيمة 15 مليار دولار، سمحت لتل أبيب بتصدير الغاز المصري المسروق – حسب توصيف خبراء – عبر الأنابيب المصرية إلى أوروبا، بينما باتت القاهرة في موقف المستورد التابع.

خبراء: ما جرى خيانة عظمى
يقول الخبير الاقتصادي ممدوح الولي: إن "التفريط في حقوق مصر البحرية في المتوسط، بما فيها مناطق غنية بالغاز، لصالح قبرص واليونان وإسرائيل، ثم استيراد الغاز من تلك الدول، يمثل جريمة اقتصادية وسياسية لا تسقط بالتقادم".

ويضيف الولي: "اليوم نشهد كيف يُعاقب الشعب المصري على هذا التفريط؛ مصانع تتعطل، وانقطاعات كهرباء مرتقبة، رغم أن الغاز يُضخّ من أرضنا ولا نستفيد به".

ويرى الاقتصادي عبد الخالق فاروق المعتقل بسجون السيسي في تصريحات صحفية سابقة ، أن ما فعله السيسي "يندرج تحت خانة الخيانة العظمى"، إذ تنازل عن حقوق سيادية وثروات استراتيجية لصالح دولة احتلال، مقابل مكاسب سياسية ضيقة"، كما يقول.

أزمة الغاز تضرب الصناعة
مع بداية الأسبوع الجاري، تلقت مصر إخطاراً من الشركات الإسرائيلية بتقليص الإمدادات اليومية من الغاز بنحو 60%، بسبب أعمال صيانة، ووفق بيانات رسمية، فقد تم خفض الإمداد لمصانع الأسمدة والميثانول بنسبة 50% لمدة 15 يوماً، ومن المتوقع أن تتوقف بعض خطوط الإنتاج نهائياً إن طال أمد التوقف، ما يعرض آلاف فرص العمل للخطر.

مصير الكهرباء… غامض
التخوّف الأكبر يتمثل في انقطاع الكهرباء مجدداً خلال الصيف، خاصة أن أكثر من 81% من الكهرباء المنتَجة تعتمد على الغاز الطبيعي، ومع خفض الإمدادات الإسرائيلية، بدأت الحكومة فعلياً في استخدام المازوت والسولار بكميات أكبر، ما يهدد بارتفاع تكلفة الإنتاج وزيادة عجز الموازنة، وتتحدث مصادر بوزارة الكهرباء عن توفير نحو 25 ألف طن مازوت يومياً لتفادي الانقطاعات، في مشهد يُعيد إلى الأذهان أزمات عهد مبارك.

لماذا تعتمد مصر على الغاز الإسرائيلي أصلاً؟
رغم امتلاك مصر لاحتياطيات ضخمة، إلا أن سنوات من تصدير الغاز المُسال، وتقاعس عن تطوير حقول محلية، بالإضافة إلى تعاقدات مُلزِمة مع دول أجنبية، دفعت القاهرة إلى الاعتماد على استيراد الغاز من إسرائيل، لتغطية النقص المحلي، ومع مطالبة تل أبيب بزيادة الأسعار بنسبة 25%، فإن القاهرة تجد نفسها محاصرة اقتصادياً وسياسياً، وغير قادرة على التحرر من ابتزاز الاحتلال.

مصر تبحث عن بدائل… متأخرة
بدأت الحكومة المصرية البحث عن بدائل متأخرة، عبر استيراد شحنات غاز مسال من دول مثل قطر والجزائر، وتشغيل وحدات تغويز إضافية في العين السخنة والعقبة، كما تسعى "إيجاس" إلى شراء 14 شحنة من السوق الفورية، وهي خطوة باهظة التكاليف مقارنة باستغلال الغاز المحلي.

الإنفوغرافيك: فجوة الغاز في مصر

يمكن عرض الفجوة بين الاستهلاك والإنتاج المحلي في إنفوغرافيك توضيحي كما يلي:

البيان

القيمة (مليار قدم مكعب يومياً)

الاستهلاك الفعلي

6.5

الإنتاج المحلي الحالي

4.7

الوارد من إسرائيل (قبل التخفيض)

0.9

الوارد من إسرائيل (بعد التخفيض)

0.3

الفجوة اليومية المتوقعة

1.5 – 2 مليار قدم مكعب

خاتمة:
ما تشهده مصر اليوم من نقص في الغاز وانقطاع مُحتملٌ للكهرباء وتعطل للمصانع ليس أزمة عابرة، بل نتيجة مباشرة لسياسات نظام عبد الفتاح السيسي، الذي فرّط في ثروات البلاد الطبيعية لصالح إسرائيل.

ويتساءل مراقبون: ألم يحنِ الوقت لمحاسبة هذا النظام على ما ارتكبه من جرائم في حق الاقتصاد القومي، وعلى رأسها التفريط في غاز المتوسط؟.