” الثانوية العامة”بزمن الانقلاب .. تغيير بلا دراسة وطلاب دفعة 2025 ضحية جديدة و”البكالوريا المصرية” ورطة كبيرة !

- ‎فيتقارير

 

في خطوة جديدة تكرّس الفوضى في منظومة التعليم، يواصل نظام المنقلب  عبد الفتاح السيسي إجراء تعديلات جذرية على نظام الثانوية العامة دون أي سند تربوي أو تشاور مجتمعي حقيقي، وسط اتهامات متصاعدة بتهميش الطلاب وأولياء الأمور وإقصاء الخبراء من دائرة صنع القرار.

فبعد سلسلة من "الإصلاحات" المتلاحقة التي طالت البنية التعليمية منذ الانقلاب العسكري في 2013، كشفت وزارة التربية والتعليم – بدعم مباشر من السيسي – عن تطبيق نظام جديد للثانوية العامة في العام الدراسي 2024-2025، أثار موجة من الجدل والاستياء الواسع.

من أبرز هذه التعديلات، تقليص عدد المواد الدراسية في الشعبة الأدبية إلى خمس فقط، مع إلغاء مواد محورية مثل "العلوم الفلسفية"، في مقابل إضافة مادة إحصاء تنتمي للعلوم الطبيعية، وهو ما اعتبره تربويون خلطًا غير مبرر بين التخصصات، يفتقر إلى أبسط قواعد التخطيط التربوي.

كما تم إلغاء اللغة الأجنبية الثانية كمادة تدخل في المجموع، لتحوَّل إلى مجرد مادة نجاح ورسوب، رغم أنها كانت تمثل فرصة لتحسين المجاميع وتوسيع الخيارات الجامعية، ما يعني تقليص فرص الطلاب المجتهدين في التفوق لصالح نظام عقيم يحدّ من طموحاتهم.

وزادت الأزمة تعقيدًا مع قرار تخفيض المجموع الكلي من 410 إلى 320 درجة فقط، ما يجعل تأثير أي خطأ بسيط في الامتحانات مضاعفًا ويقلل من فرص التمايز بين الطلاب، على عكس ما يحصل في الشهادات الدولية كالأمريكية والبريطانية والألمانية، التي تمنح الطلاب مرونة في عدد الفرص وجودة التقييم، وسط تسهيلات شبه مفتوحة، تُثار الشبهات حول تعمد توجيه الطلاب نحوها.

ويتهم معارضون وزير التعليم الحالي، محمد عبد اللطيف، بالانحياز الصارخ إلى المدارس الخاصة والدولية التي يملك بعضها، على حساب طلاب التعليم العام، ما يمثل تضارب مصالح فاضح، في ظل غياب المساءلة وانعدام الشفافية.

وفي السياق نفسه، يُسلق حاليًا مشروع تطبيق شهادة "البكالوريا المصرية" لتكون بديلاً للثانوية العامة، رغم عدم جاهزية المدارس الحكومية لا من حيث عدد المعلمين ولا من حيث البنية التحتية أو الموارد التكنولوجية، ما يجعل المشروع حبرًا على ورق أو بابًا جديدًا لفرض رسوم على الطلاب دون مقابل فعلي.

وبرغم كل الاعتراضات، وافق مجلس الوزراء على المشروع مطلع العام الجاري، وأحاله البرلمان مؤخرًا إلى لجنة مشتركة لدراسته، حيث ينص على إمكانية استحداث برامج بديلة للثانوية العامة بمسميات جديدة مثل "البكالوريا"، مقابل رسوم تصل إلى 1000 جنيه، مع مضاعفة قيمة الرسوم حال الإعادة.

وتنص التعديلات كذلك على إنشاء مدارس تكنولوجية ومهنية بنظام السنوات الثلاث والخمس، مع فرض رسوم امتحانات إضافية قد تصل إلى 2000 جنيه، وهو ما يثقل كاهل الأسر، خاصة في ظل الانهيار الاقتصادي وغلاء المعيشة.

آراء تربوية:

يرى الدكتور كمال مغيث، الخبير بالمركز القومي للبحوث التربوية، أن "ما يحدث في ملف التعليم هو تجريب مستمر على جثث الطلبة، دون خطة قومية واضحة، وبعقلية أمنية ترى في كل تطوير تهديدًا، فتُقصي المجتمع التربوي وتستبدل الحوار بفرض الأمر الواقع".

فيما اعتبر الدكتور محمد رفعت، أستاذ المناهج، أن "نظام البكالوريا لا يناسب مصر حاليًا، بسبب النقص الكبير في المعلمين، وتدني مستوى البنية التحتية للمدارس الحكومية، مقارنة بما يتطلبه النظام من تقنيات ومشروعات بحثية وتقييمات متقدمة".

جدول زمني لأبرز تغييرات الثانوية العامة في عهد السيسي:

العام

التغيير الأساسي

2014

دمج نظام الثانوية العامة في عام واحد فقط

2017

إدخال التابلت دون بنية تحتية كافية

2019

تجريب نظام التقييم الجديد دون تدريب كاف للمعلمين

2020

محاولة تطبيق الثانوية التراكمية – فشل المشروع بعد رفض برلماني

2021

مقترح المسارات ونظام الفرص المتعددة – لم يُطبق

2024

تقليص المواد وإلغاء الفلسفة واللغة الثانية من المجموع

2025

طرح نظام البكالوريا المصرية وتعديل نظام الامتحانات والمصروفات

 

فشل متلاحق بزمن السيسي

منذ تولي السيسي السلطة، يشهد نظام التعليم المصري، ولا سيما الثانوية العامة، موجات متلاحقة من القرارات المرتجلة، التي غالبًا ما تفتقر إلى دراسة أو توافق مجتمعي، وتُنفذ بمنهج "الصدمات" لا الإصلاح. ويخشى خبراء ومراقبون أن يكون الهدف من هذه التعديلات هو دفع المصريين دفعًا نحو التعليم الخاص والدولي، في ظل نظام لا يكترث إلا بحماية الطبقات التي تحمي سلطته، ويواصل سحق أحلام الفقراء ومحدودي الدخل.