رأت تحليلات، تبناها البعض، أنه علينا ألا ننخدع باعترافات الدول الأوربية المتلاحقة بدولة فلسطين معتبرينها مناورة لتهدئة الرأي العام في أوروبا. وقالوا إن مثل هذا الاعتراف ليس انتصاراً للمقاومة وضد "إسرائيل" وإنما هو لمحمود عباس وعصابة ضباط رام الله لخنق المقاومة ونزع سلاحها تاليا بقرار أممي.
الناشط هاني صبحي Hany Sobhy قال: "عزيزتي بريطانيا، كندا، أستراليا، فرنسا .. ميرسي لذوقكم على الاعتراف بدولة فلسطين.. احنا مش عارفين من غير اعترافكم ده كنا هنعمل ايه.. بس الاعتراف بدولة لازم يتبعه وفورا وقف التعاون العسكري وتصدير السلاح اللي بيقتل أهل الدولة اللي أنتم معترفين بيها..".
وأضاف، "قطع العلاقات الدبلوماسية.. قطع المعونات.. فرض العقوبات على الكيان الإرهابي اللي بيبيد أهل الدولة اللي أنتم معترفين بيها.. وقف الإبادة الجماعية والتهجير القسري والتجويع لأهل الدولة اللي أنتم معترفين بيها.. غير كده مرقعة وهجايص وأم اعترافكم المتأخر ده ملوش عازة ..هي بيكم ومن غيركم كانت وهتفضل فلسطين من البحر الى النهر وعاصمتها القدس..
الأكاديمية د. أميرة أبو الفتوح كتبت عبر فيسبوك كلاما مشابها ، "الاعتراف الدولي بدولة فلسطين دون آليات تنفيذية لتطبيقها ، هي والعدم سواء، هناك العديد من القرارات الأممية فى أدراج الأمم المتحدة منذ قرار التقسيم عام 1947، وبعد حرب عام 1967 كلها تقر بإقامة دولة فلسطينية ولكن لم يتم تنفيذها فما الجديد اليوم فى اعتراف بعض الدول الأوربية بإقامة دولة فلسطينية، انها ذر الرماد فى العيون لا أكثر لإبعاد المقاومة حماس عن المشهد الفلسطيني وللأسف البعض يهلل ويعتبره انتصارا وانه نتاج عملية طوفان الأقصي!!".
فصول المؤامرة الكبرى
الباحث محمد الطاهر (المتخصص فى التخطيط الاستراتيجي والتحليل بالسيناريوهات) وتحت عنوان "ماذا وراء موجة الاعتراف بدولة فلسطين؟" رأى أن "الاعتراف أحد فصول المؤامرة الكبرى على فلسطين". وأضاف أن: "هذا الاعتراف هو خطه وسيناريو "إسرائيلى" تمهيدا لاستصدار قرار ملزم من مجلس الأمن بتسليم سلاح المقاومة إلى حكومة محمود عباس مثلما حدث فى لبنان مع حزب الله، كما أن الاعتراف بحل الدولتين هو بمثابة إعلان قيام دولة "إسرائيل" من جديد بمساحة أوسع تشمل المستوطنات الجديده وقد تمتد إلى خارج فلسطين لتضم مساحات من دول الجوار".
وأوضح " أنه منذ ثلاثه شهور وفى يوم 29 مايو 2025 أصدر المؤتمر الدولى بالامم المتحده قرارا لمطالبة المقاومة تسليم سلاحها تمهيدا للتصديق عليه فى المستقبل من مجلس الأمن حتى يكون إلزاميا.. وفى يوم 12 سبتمبر 2025 صدر قرار الجمعيه الجمعيه العامه للامم المتحده بالاعتراف بدوله فلسطين باغلبية 142 دوله تمهيدا للقرار المرتقب من مجلس الأمن بتسليم سلاح المقاومة..
وفى الأيام المقبله سوف تتبنى جامعه الدول العربيه ومنظمة الدول الاسلاميه قرار الامم المتحده الذى يعترف بدوله فلسطين بشكل عاجل.
ورجح أن الخطوه التاليه يصدر قرار إلزامى من مجلس الأمن بتسليم سلاح المقاومة!
تصريحات دالة
ونقل الباحث "الطاهر" مجموعة تصريحات فور صدور قرار الاعتراف بدوله فلسطين:
١. صرح عباس بأنه لا يريد دوله مسلحه وعلى المقاومة تسليم سلاحها.
٢. صرح رئيس فرنسا بأنه سيتعاون مع السعوديه من أجل تطبيق قرار الاعتراف بفلسطين بشكل عاجل كما صرح بأن الدولة الفلسطينيه التى سوف تعترف بها فرنسا هى دولة منزوعة السلاح.
٣. صرح أحمد أبو الغيط أمين جامعة الدول العربية بأن دمار غزة حدث بسبب 7 اكتوبر وأنه يجب عمل مصالحة فلسطينية والاتفاق على أن يكون منهجهم هو نفس نهج منظمة التحرير بالسعى للسلام مع إسرائيل بدلا من المواجهة المسلحة.
٤. كما أعلن الثلاثى الدولى بريطانيا وكندا واستراليا الاعتراف بدولة فلسطين وستتوالى باقى الدول اتخاذ نفس الموقف وكل ذلك تمهيدا لاستصدار قرار ملزم من مجلس الأمن بتسليم المقاومة سلاحها لحكومه عباس حيث أصبحت فلسطين دوله معترفا بها ويجب حصر السلاح فى يد الدولة.
وعلق "لو استيقظنا لدقيقة واحده لوجدنا أن بريطانيا هذه هى التى مكنت قيام دولة "اسرائيل" واعترفت بها. فهل تحول الذئب إلى حمل أم أنه مخطط مخادع لخدمة "إسرائيل"؟!!.
٥. يتم تنفيذ سيناريو خداع الاستراتيجى مثلما خدعت أمريكا إيران بالمفاوضات وضربت المفاعلات الايرانيه حيث تلعب "إسرائيل" وأمريكا دور الشرطى الشرير الذى يرفض الاعتراف بدولة فلسطين بينما بريطانيا وباقى الدول دور الشرطى الطيب الذى يعترف بدولة فلسطين والكل فى النهاية يصب فى مخطط "إسرائيل" المتمثل فى استصدار قرار ملزم من مجلس الأمن بتسليم سلاح المقاومة لحكومة عباس.
٦. مخطط الشرق الأوسط الجديد بزعامة "إسرائيل" واتفاق "ابراهام" لم يعد يقف فى وجهه سوى المقاومة الفلسطينية وسلاحها.
٧. الاعتراف بحل الدولتين وهو بمثابة إعلان لقيام دولة "إسرائيل" من جديد بحدود جديدة أكثر اتساعا وقد تتسع لتضم مساحات خارج فلسطين مساحات من دول الجوار الفلسطينى.
رؤية صهيونية
وبمناسبة توالي الاعترافات بالدولة الفلسطينية أوروبياً، نشر جدعون ليفي في هآرتس في أغسطس الماضي مقالا اعتبر أن "الاعتراف الدولي بدولة فلسطينية يُعتبر بمثابة مكافأة لـ"إسرائيل". ؟!
وأوضح "كان ينبغي على "إسرائيل" أن تشكر كل دولة تعترف بها، إذ إن هذا الاعتراف جاء كبديل مخادع للخطوة الحقيقية التي كان لا بد من اتخاذها الآن — العقوبات".
واعتبر ان "الاعتراف مجرد بديل شكلي للمقاطعات والعقوبات التي يجب أن تُفرض على دولة ترتكب إبادة جماعية. إنه مجرد كلام اجوف تتبناه حكومات أوروبا المترددة والضعيفة، لتُظهِر لجماهيرها الغاضبة أنها ليست صامتة. لكن الاعتراف بدولة فلسطينية غير موجودة، والتي على الأرجح لن تقوم في القريب العاجل، وربما لن تقوم أبداً، هو في جوهره صمت قاتل يعمّق الجرح".
وأضاف، "في غزة يعاني الناس من الجوع، وأوروبا تعترف بدولة فلسطين. هل سينقذ هذا جياع غزة؟ يمكن لـ"إسرائيل" أن تتجاهل هذه التصريحات طالما أن الولايات المتحدة تقف إلى جانبها. هذا يشبه الحديث عن "تسونامي" مع العلم أنه لن يغمر شواطئ "إسرائيل"، طالما أن الاعتراف لا يصاحبه تحميل ثمن جريمة الإبادة الجماعية.
وتابع: "ذهب رئيس وزراء بريطانيا، كير ستارمر، إلى أبعد حدّ، فكان من أوائل من أطلقوا الاعتراف بدولة فلسطينية في الموجة الأخيرة، بعد رئيس فرنسا الذي سرعان ما حاول تغليف هذه الخطوة كـ"عقوبة موقوفة التنفيذ" لـ"إسرائيل"، ليفلت من مسئوليته الظاهرة. ووعد ستارمر بأنه إذا "تصرفت "إسرائيل" بشكل جيد"، فسيسحب تهديد العقوبات.
وسأله "ليفي": "كيف يكون هذا عقابًا، أيها السيد رئيس الوزراء؟ إذا كان الاعتراف بدولة فلسطينية خطوة نحو حل وفق رؤيتك، فلماذا تحاول تصويره كعقوبة؟ وإذا كنت تصفه عقوبة، فأين هي؟ هذه هي الحقيقة المرّة: أوروبا مشلولة برعبها من دونالد ترامب، وخائفة من عواقب فرض عقوبات على "إسرائيل" مضيفا "العالم يختار حتى الآن الصمت فقط، ويلجأ إلى العقوبات فقط ضد الغزوات الروسية، لا ضد الجرائم "الإسرائيلية".
دولة فرضية
واعتبر أن "خطوة ستارمر حفزت دولًا عديدة أخرى على التحرك، وما يُعرض في إسرائيل على أنه انهيار سياسي أو تسونامي سياسي، لن يوقف الإبادة الجماعية. هذا الأمر لن يتحقق بدون اتخاذ إجراءات دولية فعلية وعاجلة، خصوصًا مع استمرار القتل والجوع بوتيرة متصاعدة في غزة. الاعتراف بدولة فلسطينية لن يُفضي إلى قيام دولة فعلية. كما قالت دانييلا فايس (مستوطنة شديدة التطرف) بعد موجة سابقة من الاعترافات: "أفتح نافذة بيتي ولا أرى دولة فلسطينية"، وعلى الأرجح لن تراها في المستقبل القريب.".
فوائد الكيان من الاعتراف
وأشار إلى أنه "على المدى القصير، تستفيد "إسرائيل" من موجة الاعتراف الدولية بدولة فلسطينية، حيث يُنظر إليها كبديل للعقوبات التي تستحقها. أما على المدى البعيد، فقد يحمل الاعتراف بدولة وهمية بعض الفائدة، إذ يسلط الضوء على ضرورة إيجاد حل سياسي، لكن التفاؤل والسذاجة مطلوبان بشدة لمن يعتقدون أن هذا الاعتراف ذا جدوى فعلية، خاصة في ظل توقيت يعاني من أسوأ الظروف. الاعتراف الحالي لا يعدو كونه صوتًا صامتًا في الظلام".