كشفت لجنة القضاء بمجلس الشيوخ عن وثيقة تُظهر أن مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) استهدف هواتف تسعة من أعضاء الكونجرس الجمهوريين، بينهم ثمانية أعضاء حاليين في مجلس الشيوخ، وذلك ضمن تحقيق سري أطلق عليه اسم "الصقيع القطبي" (Arctic Frost).
هذا الكشف الذى جاء بإيعاز من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أثار موجة من الانتقادات والاتهامات بتجاوزات قانونية، وأعاد إلى الأذهان فضيحة "ووترجيت" الشهيرة.
انتخابات عام 2020
بدأ التحقيق "الصقيع القطبي" في عام 2022 تحت إشراف المحقق الخاص جاك سميث، وكان يهدف في البداية إلى التحقيق في مزاعم التدخل في الانتخابات الرئاسية لعام 2020.
ومع مرور الوقت، توسع نطاق التحقيق ليشمل مراقبة 92 مجموعة وشخصية مناصرة للجمهوريين، بما في ذلك جمع بيانات هاتفية لعدد من أعضاء الكونجرس، مثل ليندسي جراهام، رون جونسون، وجوش هاولي.
بحسب الوثائق، اقتصرت المراقبة على بيانات المكالمات (metadata) دون التنصت على المحتوى الفعلي للمكالمات، لكنها أثارت تساؤلات حول مدى قانونية هذه الإجراءات.
فضيحة ووترجيت
أثارت هذه الممارسات ردود فعل غاضبة من قبل الجمهوريين، الذين اعتبروا أن ما حدث يشكل انتهاكًا لحقوقهم الدستورية، خاصةً المادة المتعلقة بحرية التعبير والمناقشة داخل الكونجرس.
ووصف رئيس لجنة القضاء، السناتور تشاك جراسلي، ما حدث بأنه "أسوأ من فضيحة ووترجيت"، مطالبًا بفتح تحقيق شامل ومحاسبة المسؤولين عن هذه الانتهاكات. في المقابل، دافع الديمقراطيون عن التحقيقات، مؤكدين على ضرورة حماية نزاهة العملية الانتخابية ومحاسبة أي محاولات للتلاعب بها.
الديمقراطية الأمريكية
هذه الفضيحة لا تقتصر على الجانب القانوني فقط، بل تمتد لتؤثر على الثقة في المؤسسات الأمنية والاستخباراتية الأمريكية.
حيث يرى البعض أن استخدام هذه المؤسسات لأغراض سياسية قد يهدد الديمقراطية الأمريكية ويضعف من مصداقيتها.
من جهة أخرى، يرى مؤيدو التحقيقات أن هذه الإجراءات كانت ضرورية لضمان نزاهة الانتخابات وحمايتها من أي تدخلات خارجية أو داخلية.
وطرح اشتعال فضيحة "الصقيع القطبي" تساؤلات هامة حول حدود استخدام السلطات الأمنية في التحقيقات السياسية، وتسلط الضوء على التحديات التي تواجهها الديمقراطية الأمريكية في الحفاظ على توازن القوى واحترام الحقوق الدستورية.
وكالمعتاد، يسعى البعض لتوظيف هذه القضية في المعركة السياسية بين الحزبين، كما تثار الآن أسئلة مهمة في النقاش العام، أبرزها: كيف يمكن ضمان نزاهة التحقيقات وحماية الحقوق الفردية في آن واحد؟