قمع لا يفرّق بين باحث وروائي: ماكينة استبداد السيسي تغرس أنيابها مجدداً في “الإسكندراني ” و”صبحى”

- ‎فيحريات

في حلقة جديدة من مسلسل القمع الذي لا يفرّق بين مسلم أو مسيحي، ولا بين إسلامي أو علماني، ولا بين باحث أو روائي، واصلت نيابة أمن الدولة العليا في عهد السيسي نهجها المعهود: سحق كل صوت مستقل. فقد قررت أمس الأحد تجديد حبس الباحث والصحفي إسماعيل الإسكندراني، والكاتب والروائي القبطي هاني صبحي، خمسة عشر يوماً إضافية على ذمّة قضيتين منفصلتين، بعدما وُجّهت إليهما اتهامات باتت جاهزة ومكررة منذ انقلاب 2013: «الانضمام إلى جماعة إرهابية، ونشر أخبار كاذبة».

وخضع الإسكندراني لتحقيقات موسعة في القضية رقم 6469 لسنة 2025، اتُّهم خلالها باستخدام منصات إلكترونية لترويج أفكار وصفتها التحريات – دون أدلة أو تحديد – بأنها “داعمة لتنظيمات إرهابية”. كما طالت الاتهامات تحليلاته ونشره لمعلومات تتعلق بالأوضاع في شمال سيناء، وهي المنطقة التي لطالما حاولت السلطة تحويلها إلى “صندوق أسود” محظور الاقتراب منه.

وتعيد هذه القضية إلى الواجهة مسار الإسكندراني الطويل مع التنكيل الأمني، بعد أن قضى نحو سبع سنوات خلف القضبان قبل الإفراج عنه في 2022، رغم كونه أحد أبرز الباحثين المتخصصين في شؤون سيناء والحركات الإسلامية، وواحداً من الأصوات التي استفزّت الرواية الرسمية في كثير من محطاتها.

أما الروائي القبطي هاني صبحي، فقد جرى اعتقاله بطريقة تعكس واقع دولة تُدار خارج نطاق القانون: قوة بملابس مدنية تقتحم منزله ليلاً دون إذن قضائي، تصادر هاتفه، ثم تُغلق صفحته على "فيسبوك" قبل أن يظهر أمام نيابة أمن الدولة التي وجهت إليه الاتهامات ذاتها، بما في ذلك الانضمام إلى جماعة الإخوان المسلمين—رغم أنه مسيحي الديانة—في مفارقة تكشف عبثية الاتهامات وابتعادها عن أي منطق قانوني.

ويؤكد محامو صبحي أن القضية ترتبط بمنشورات كتبها ينتقد فيها الأوضاع السياسية والأمنية، وهو المعروف بإبداعاته الأدبية، ومنها مجموعته «روح الروح» (2024) التي تناولت المأساة الإنسانية في غزة، وروايته «على قهوة في شبرا» (2020) التي حازت اهتماماً نقدياً لافتاً.

وجاء تجديد الحبس المتزامن للرجلين ليشعل موجة غضب واسعة داخل الأوساط الثقافية والحقوقية، التي اعتبرت أن إعادة فتح القضايا المتعلقة بحرية الرأي والتعبير يعكس استمرار الدولة في سياسة “تجفيف المجال العام” وتحويل المثقفين والباحثين إلى أهداف مباشرة لأجهزة الأمن.

ومن المنتظر عرض القضيتين مجدداً خلال الأسبوعين المقبلين، وسط مطالب بأن يتمكّن المتهمان من التواصل مع محاميهم وعائلاتهم، واحترام الحد الأدنى من معايير العدالة—وهي مطالب تبدو بعيدة المنال في ظل نظام يرى القلم أخطر من السلاح، والمعرفة تهديداً أكبر من المعارضة ذاتها.