أثار قرار إبراهيم صابر محافظ القاهرة الانقلابى بمصادرة سكوترات الأطفال وإغلاق المحال التي تبيعها، انتقادات حادة من جانب تجار سوق الدراجات الكهربائية مؤكدين أن التنفيذ العشوائي للقرار ألحق أضرارًا كبيرة بالسوق وأربك حركة البيع والشراء.
واعتبروا القرار بمثابة خراب بيوت للتجار متساءلين إذا كانت حكومة الانقلاب تريد منع السكوترات فلماذا تسمح باستيرادها من الخارج وتصنيعها فى مصنع قادر بهيئة الانتاج الحربى ؟
كانت محافظة القاهرة قد زعمت أن القرار يستهدف السكوترات الصغيرة التي تُستخدم دون ضوابط من الأطفال، بعدما تسببت في حوادث ووفيات..
ووجّه محافظ القاهرة الانقلابى، نوابه ورؤساء الأحياء، إلى الإغلاق الفوري للمحال التي تبيع السكوتر الكهربائي، باعتباره من “ألعاب الأطفال الخطرة”، مع مصادرة أي سكوتر مخالف من هذا النوع.
وأعلنت المحافظة أن الأجهزة التنفيذية في حي النزهة أغلقت محلًا لبيع وتأجير سكوترات الأطفال بسبب عمله دون ترخيص وممارسته نشاطًا غير مصرح به، مشيرة إلى أن الحملات التي نُفذت في عدد من الأحياء أسفرت عن التحفظ على سكوترات كانت تُستخدم في الشوارع بالمخالفة للقرار.
عشوائي وتعسفي
حول تداعيات هذا القرار قال أحمد حسن، تاجر دراجات كهربائية في وسط القاهرة، ان القرار “عشوائي وتعسفي”، موضحًا أن التجار لا يعرفون ما إذا كانت هناك غرامات أو إجراءات لاستعادة البضائع المصادَرة أم لا ؟.
وأضاف حسن فى تصريحات صحفية : الحيّ صادر سكوترات من متجري في وسط البلد، وتكرر الأمر مع زملاء في مناطق أخرى مشيرا إلى أن القرار ينفذ في القاهرة بصرامة غير مبررة، بينما في الجيزة اقتصر التطبيق على مؤجري السكوترات للأطفال فقط.
وكشف عن تناقض القرار مع سياسات دولة العسكر الإنتاجية، إذ تُنتج الهيئة العربية للتصنيع، التابعة لوزارة الإنتاج الحربي، معظم سكوترات البالغين المتداولة في السوق، إلى جانب كميات مستوردة من الصين عبر تجار كبار. متساءلا : إذا كانت هذه المنتجات ممنوعة، فلماذا يُسمح بإنتاجها أو استيرادها من الأساس؟.
وشدد حسن على ضرورة وضع لائحة واضحة لترخيص واستخدام السكوترات الكهربائية، خاصة أن قانون المرور لا يتضمن أحكامًا تخصها، ما يجعل إدارات المرور تصادرها بدعوى أنها غير مدرجة في القانون.
وأكد أن غياب التنظيم القانوني خلق ارتباكًا لدى التجار والمستهلكين معًا، رغم أن السكوتر الكهربائي وسيلة نظيفة وصديقة للبيئة تعمل بالكهرباء ولا تصدر انبعاثات ضارة، ويجب إدماجه في منظومة النقل الحديثة.
مشروع صغير
وقال نصر مبارك، موظف سابق يبلغ من العمر 59 عامًا، يعاني من الروماتويد المزمن وضعف شديد في البصر اضطره إلى التقاعد المبكر : بعد خروجي من العمل، بحثت عن مشروع صغير يعيننى على الإنفاق على أسرتي مشيرا إلى أنه استوحى فكرته من انتشار تأجير السكوترات للمصطافين في الإسكندرية، فاستثمر كل مدخراته في شراء ثلاث سكوترات كهربائية وموتوسيكل لتأجيرها للشباب.
وأضاف مبارك فى تصريحات صحفية : القرارات الأخيرة أوقفت نشاطي تمامًا، إذ عزف المستهلكون عن الشراء أو التأجير خوفًا من المصادرة، رغم أننى أقيم في إحدى قرى محافظة أسوان التي لم تُطبَّق فيها القرارات بعد.
وأشار إلى أن السكوترات التي يملكها مخصصة للبالغين وليست للأطفال، وسرعتها القصوى لا تتجاوز 40 كيلومترًا في الساعة مؤكدا أنها وسيلة مناسبة للتنقل داخل القرى التي تفتقر إلى وسائل مواصلات كافية.
وتابع مبارك : أنا لا أعرف كيف أتصرف بعد أن أنفقت مدخراتي بالكامل على شرائها، خاصة أنني متزوج ولدي خمسة أبناء في مراحل دراسية مختلفة، وأعتمد الآن على معاش والدي الراحل البالغ 1800 جنيه شهريًا فقط، في ظل ارتفاع تكاليف المعيشة .
أضرار مادية
وقال المهندس أسامة الشاهد، رئيس غرفة الجيزة التجارية، إن القرار ما يزال قيد الدراسة داخل الغرفة، لبحث تداعياته على التجار والبضائع الموجودة بالفعل في الأسواق، وكذلك على المستهلكين من أصحاب السكوترات التي تسير حالياً في الشوارع.
وأكد الشاهد فى تصريحات صحفية أن الغرفة التجارية تتابع الموقف عن كثب تمهيدًا لعرض موقفهاعلى الجهات المعنية واتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية حقوق التجار والمستهلكين المتأثرين بالقرار، مشيرا إلى الغرفة ستتواصل مع محافظ الجيزة الانقلابى لمناقشة تفاصيل القرار وآثاره قبل إصدار أي موقف رسمي بشأنه .
وكشف أن عددًا من التجار المتضررين بدأوا بالفعل في التقدم بشكاوى إلى الغرفة، لافتاً إلى أن المواطنين الذين اشتروا هذه الدراجات من السوق ربما يتقدمون هم أيضًا بشكاوى مماثلة، نظرًا لما قد يسببه القرار من أضرار مادية لهم.
قانون المرور
واعتبر المحامي المتخصص في قضايا البيئة، أحمد الصعيدي، أن قرار محافظ القاهرة الانقلابى بمنع الدراجات البخارية الكهربائية (السكوتر) يكشف عن أزمة أعمق تتعلق بغياب الإطار التشريعي المنظم لوسائل النقل الحديثة، مشيرًا إلى أن قانون المرور الصادر عام 1973 لم يعد مناسبًا للتعامل مع التحديات المرورية الراهنة ولا مع التطور التكنولوجي في وسائل النقل.
وقال الصعيدى فى تصريحات صحفية : هذا القصور التشريعي أدى إلى أزمات متكررة مع ظهور مركبات جديدة مثل “التوك توك” والدراجات الكهربائية، إذ لا يتضمن القانون نصوصاً تنظم استخدامها أو ترخيصها، ما يضطر المسئولين إلى اتخاذ قرارات منفردة لمعالجة المشكلة دون مشاركة مجتمعية أو استشارة للخبراء البيئيين، وهو ما ينتج عنه حلول غير مكتملة .
وأكد أن قرار المنع، رغم أنه قد يستند إلى دوافع تتعلق بحماية الأطفال وسلامة المواطنين، إلا أنه ليس حلًا عمليًا، لأن هذه الوسائل موجودة بالفعل وتُستخدم على نطاق واسع، مشددًا على أن الحل يكمن في تقنين الوضع وتنظيمه وليس منعه، لاسيما أن الدراجات الكهربائية تعد وسيلة نقل موفرة للطاقة وصديقة للبيئة، لأنها تعمل بالكهرباء ولا تنتج ملوثات، وهو ما يتماشى مع الاتجاه العالمي نحو النقل المستدام وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري في ظل أزمة الطاقة الحالية.
وأشار الصعيدي إلى أن الدول المتقدمة واجهت المشكلات ذاتها، لكنها لم تلجأ إلى الحظر، بل خصصت مسارات للدراجات الهوائية والكهربائية ومسارات للمشاة، مما جعل استخدام هذه الوسائل آمنًا ومنظمًا.
وطالب بتحديث التشريعات المرورية، وإطلاق برامج توعية وتثقيف بيئي، إلى جانب دعم المبادرات الفردية التي تشجع على استخدام وسائل النقل النظيفة، معتبرًا أن المنع ليس حلًا، لأن المستخدمين سيستمرون في استعمال هذه الوسائل، بينما تظل المشكلة قائمة .
وتساءل الصعيدي : كيف نمنع وسيلة صديقة للبيئة في وقت نسعى فيه لتقليل الانبعاثات وتشجيع التحول للطاقة النظيفة؟ .
