رغم ما تعلن عنه حكومة الانقلاب من مشروعات جديدة وانجازات غير مسبوقة إلا أن الواقع يكشف أن هذه المشروعات مجرد "فناكيش" حيث تتراجع فرص العمل المتاحة ما يؤدى إلى تدنى الدخول وانهيار مستوى المعيشة بسبب تزايد أعداد العاطلين.
كان الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء قد أعلن نتائج بحث القوى العاملة للربع الثالث من عام 2025 يوليو – سبتمبر، وكشف تقرير الجهاز عن ارتفاع معدل البطالة إلى 6.4% من إجمالي قوة العمل، بزيادة قدرها 0.3% عن الربع السابق .
جاء هذا الارتفاع متزامنًا مع مزاعم بتوسّع حجم قوة العمل وتسجيله 34.727 مليون فرد مقابل 33.614 مليون في الربع الثاني، بزيادة بلغت 3.3%.
قوة العمل
ووفق التقرير، بلغ حجم قوة العمل في الحضر 15.205 مليون فرد، مقابل 19.522 مليون في الريف.
وعلى مستوى النوع الاجتماعي، وصلت قوة العمل بين الذكور إلى 26.998 مليون، مقابل 7.729 مليون بين الإناث ويعزى نمو قوة العمل بالأساس إلى زيادة عدد المشتغلين بنحو 939 ألف فرد، إلى جانب ارتفاع عدد المتعطلين بواقع 175 ألفًا، ليصل إجمالي الزيادة إلى 1.114 مليون فرد.
وأوضح التقرير أن عدد المتعطلين سجل 2.229 مليون فرد، منهم 1.071 مليون من الذكور و1.158 مليون من الإناث، بارتفاع بلغت نسبته 8.5% مقارنة بالربع السابق، وبزيادة قدرها 70 ألف متعطل عن نفس الفترة من العام الماضي لافتا إلى أن معدل البطالة بين الذكور ارتفع إلى 4.0% مقابل 3.5% في الربع السابق، بينما تراجع بين الإناث إلى 15.0% مقارنة بـ 15.8% سابقًا.
الريف والحضر
وكشف أن البطالة في الحضر لا تزال أعلى من الريف؛ إذ بلغ معدلها 10.1% مقابل 9.7% في الربع السابق، بينما سجّل الريف 3.6% مقارنة بـ 3.3% في الربع الماضي .
وأكد التقرير أن نسبة 83.1% من إجمالي المتعطلين هم من حملة المؤهلات المتوسطة والجامعية وما فوقها، حيث توزعت النسب إلى 16.9% لذوي التعليم الأقل من المتوسط، و39.7% للحاصلين على مؤهلات متوسطة وفوق المتوسطة، و43.4% للحاصلين على مؤهلات جامعية وما فوقها.
مخرجات التعليم
حول هذه التطورات قال الخبير الاقتصادي، الدكتور خالد الشافعي، إن الارتفاع الأخير في معدل البطالة إلى 6.4% يعكس ديناميكية واضحة داخل سوق العمل المصري خلال الربع الثالث من 2025، موضحًا أن الزيادة في حجم قوة العمل بأكثر من 1.1 مليون فرد تؤكد دخول شرائح جديدة إلى السوق، سواء من الخريجين الجدد أو العائدين للبحث عن فرص أفضل
وأضاف الشافعي فى تصريحات صحفية : النمو في عدد المشتغلين بنحو 939 ألف فرد يعد مؤشرًا إيجابيًا يعكس قدرة الاقتصاد على خلق فرص عمل، حتى وإن تزامن ذلك مع ارتفاع عدد المتعطلين أيضًا.
وأوضح أن الفجوة بين بطالة الحضر والريف تشير إلى تفاوت واضح في فرص العمل المتاحة، حيث لا تزال المدن تسجل معدلات بطالة أعلى مقارنة بالمناطق الريفية .
واعتبر الشافعي أن تركّز البطالة بين الحاصلين على المؤهلات المتوسطة والجامعية بنسبة تتجاوز 83% يعكس تحديًا جوهريًا يتعلق بملاءمة مخرجات التعليم مع احتياجات سوق العمل، مشددًا على ضرورة التوسع في التدريب الفني والمهني وتشجيع المشروعات الصغيرة والمتوسطة باعتبارها القادر الأكبر على استيعاب العمالة الجديدة.
تغيير ثقافي
وقال الدكتور سعيد صادق، استاذ الاجتماع بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، إن الأرقام المعلنة لا تعكس فقط واقعًا اقتصاديًا بل تمثل مؤشرًا اجتماعيًا مهمًا يجب الالتفات إليه، مشيرا إلى أن زيادة البطالة في الحضر ترتبط بتغيرات نمطية في المجتمع، أبرزها ارتفاع التطلعات المهنية وتراجع فرص العمل التقليدية .
وأضاف صادق فى تصريحات صحفية : أن تراجع معدل البطالة بين الإناث من 15.8% إلى 15% رغم التحديات يعكس توسعًا نسبيًا في مشاركة المرأة في سوق العمل، مدفوعًا بزيادة فرص العمل غير التقليدية والعمل عن بُعد.
وأشار إلى أن استمرار ارتفاع البطالة بين خريجي الجامعات يعكس ضغوطًا اجتماعية ونفسية على الأسر والشباب، لافتًا إلى أن غياب التوجيه المهني المبكر وضعف الارتباط بين التعليم واحتياجات السوق يؤديان إلى تفاقم الأزمة .
واعتبر صادق أن الحلول لا بد أن تشمل تغييرًا ثقافيًا تجاه طبيعة الوظائف المطلوبة، ورفع الوعي بأهمية التدريب والتأهيل، إلى جانب دور دولة العسكر في خلق بيئة جاذبة للاستثمار توفر فرص عمل حقيقية ومستدامة.
