تعد زيارة الصندوق الحالية ليست جديدة برقم مستقل، بل هي المراجعة الخامسة والسادسة المُجمّعتين لبرنامج الإصلاح الاقتصادي، ويعكس هذا الدمج تعثر الحكومة في تنفيذ بعض الإصلاحات، خصوصًا ملف الخصخصة، وهو ما يربط مباشرة بما ذكرته أنت سابقًا عن بيع الأصول العامة وإضعاف الطبقة المتوسطة.
وتبدأ بعثة صندوق النقد الدولي، مناقشتها مع حكومة السيسي في القاهرة وتستمر حتى 12 ديسمبر الجاري، ويمثل ملفا الطروحات الحكومية والأموال الساخنة أبرز ما فيها، بالتزامن مع بدء عمل البعثة التي ستقر دفعة نقدية جديدة ضمن برنامج الصندوق الذي اقترب من نهايته.
وكان من المفترض أن تتم المراجعة الخامسة في يوليو الماضي، لكنها تأجلت، بسبب بطء الحكومة في ملف تخارج الدولة من الشركات المملوكة لها، فقرر الصندوق دمجها مع السادسة.
ويتوقع مراقبون أن المجلس التنفيذي للصندوق اعتمد مراجعتين، ستحصل مصر على شريحة جديدة بقيمة 2.4 مليار دولار، ليبقى بعدها نحو 2.4 مليار دولار أخرى خلال عام 2026.
وانتقد الصندوق اعتماد مصر المتزايد على الأموال الساخنة لتوفير السيولة، لكنه أبدى مرونة في ملف دعم الطاقة بهدف خفض التضخم.
واليوم مصر مطالَبة بسداد نحو 717.8 مليون دولار في ديسمبر 2025، موزعة على أربع شرائح، بعد أن أضعفت الدولة نفسها داخليًا، أصبحت تعتمد على الأموال الساخنة (استثمارات قصيرة الأجل سريعة الخروج) لتوفير السيولة.
ويضغط الصندوق على الحكومة لتسريع بيع الشركات المملوكة للدولة (التخارج)، وهو امتداد لسياسة الخصخصة التي ذُكرت في النص الأول (بيع المستشفيات والخدمات العامة).
ويعتبر مراقبون وناشطون أن الأزمة ليست فقط داخلية، بل مرتبطة أيضًا بالارتهان لمؤسسات مالية دولية بسبب الديون المتراكمة.
العلاقات التبادلية
وأمام رفع الأسعار والاحتكار وغياب المنافسة الشريفة وانهيار القدرة الشرائية كان السبب التضخم والانهيار الاقتصادي المبني على سياسات اقتصادية غير عادلة.
وأمام إهمال التعليم والصحة ربما عن عمد لاتقاء "شر" الوعي على الجماهير لتجنب بناء مجتمع قوي، كان التراجع شامل في الخدمات العامة بمليارات على مشروعات شكلية دعائية.
وأمام نشر الفساد كان غياب الرقابة والمحاسبة وتأسيس شبكة فساد تجعل الجميع متورطًا، من الموظف البسيط إلى كبار المسؤولين إلى كبار وصغار التجار ما يحول أي أزمة صغيرة إلى كارثة وطنية وهو أداة مقصودة لإدامة السلطة.
وأمام إضعاف الطبقة المتوسطة، بسبب رفع السعار وخصخصة الصحة، وانهيار التعليم يقف انهيار عناصر القوة الحقيقية للدولة بظل مجتمع منقسم إلى نخبة غنية متحكمة وأغلبية فقيرة مسحوقة.
هاني بخيت @HanyBakhit2 يعتبر أن ما جرى في المصريين منذ 2016 تكسير عظم.. سياسات اقتصادية مرعبة.. صعوبة المعيشة أثرت على حياتنا وسلوكياتنا وإحساسنا ببعض.. إلى متى نتحمل الزيادات المتتالية للأسعار.. هيحصل تغيير للأفضل متي.. الناس عايزه تعيش بكرامة.. القرارات المتعاقبة نتيجتها أنها تأخذ كام مليون مواطن للأسفل.. هنأخذ نفسنا متى؟
https://x.com/HanyBakhit2/status/1995537626485420123
4 أسباب
وتعليق "بخيت" يلخص أثر هذه السياسات على حياة الناس: "تكسير عظم"، "صعوبة المعيشة"، "الزيادات المتتالية للأسعار"، "الناس عايزه تعيش بكرامة".
ويضيف له ابن مصر توضيحا لنتائج السياسات الفاشلة للسيسي وعصابة الانقلاب، وعبر @ibnmasr 2011 ذكر 4 نقاط منها؛ احتكار السلع، وتهمّيَش التعليم والصحة، وزرع الفساد، وانهيار الطبقة المتوسطة، وكيف أن المجتمع أصبح أسيرًا لطبقة حاكمة غنية مقابل أغلبية فقيرة مسحوقة.
رفع الأسعار:
وأوضح أنه لكي يتم رفع الأسعار، لابد أولًا من احتكار السلع، وعندما تُحتكر السلع، تصبح المنافسة غير عادلة، ولضمان هذه المنافسة غير العادلة، يُعفى المحتكر من الضرائب، وفواتير الكهرباء والمياه، وأجور العمال.
وعلى سبيل المثال فعند إنشاء جسر وتخصيص محلات تحته، تُمنح هذه المحلات الكهرباء والمياه والضرائب والعمالة مجانًا، مما يتيح لها بيع السلع بأسعار أقل، فيتجه الناس إليها. ويتحمل التاجر المدني كل التكاليف، فلا يستطيع المنافسة، ويضطر في النهاية إلى إغلاق متجره، مما يؤدي إلى بطالة العاملين.
إهمال التعليم والصحة:
وأشار إلى أن أي نظام ديكتاتوري كما نظام مبارك لا يهتم بالتعليم أو الصحة، لأن التعليم يفتح العقول ويجعل الناس أكثر وعيًا، والوعي يقود إلى المطالبة بالتغيير.
وأن هذه الأنظمة تهمَّش التعليم الحديث لأنه يُنتج جيلًا حرًا يصعب السيطرة عليه، كما أن بيع المستشفيات والخدمات العامة يجعل المواطن مضطرًا لدفع المال للحصول على تعليم أو علاج جيد، مما يستنزف دخله، ويؤدي إلى تراجع مستواه المعيشي.
نشر الفساد:
واعتبر أن زراعة الفساد في المجتمع ليصبح هو القاعدة مبدأ عسكري، بل وتُبنى شبكات فساد بين المسؤولين والضباط والنواب، حتى يُجبروا على حماية النظام خوفًا من سقوطهم معه، كما يُغرس الفساد في سلوكيات الناس، مثل دفع الرشاوى لإنهاء المعاملات الحكومية، مما يرسّخ ثقافة الفساد ويزيد العبء على المواطن البسيط.
إضعاف الطبقة المتوسطة:
وكانت النتيجة الرابعة الطبيعية لكل ما سبق؛ ارتفاع الأسعار، ثبات الرواتب، وزيادة الأعباء تجعل الأسرة عاجزة عن تلبية احتياجاتها، المعلمون يلجؤون إلى الدروس الخصوصية لتعويض دخلهم، فيتحمل المواطن الفقير تكاليف إضافية لتعليم أبنائه، ومع خصخصة المستشفيات، يُرفع الدعم الحكومي، فيضطر المواطن لدفع مبالغ طائلة للعلاج، في النهاية، تنهار الطبقة المتوسطة، ويتحول المجتمع إلى طبقتين فقط: نخبة غنية تتحكم، وأغلبية فقيرة منشغلة بلقمة العيش وغير قادرة على التفكير في التغيير، خاتما بشعار ثوري "يسقط الاحتلال العسكري".
https://twitter.com/ibnmasr 2011/status/1995440738138747053
نتائج مرتبطة
واستعرض حزب تكنوقراط مصر عبر @egy technocrats ما ارتبط بهذه النتائج من أسباب:
وأشار ابتداء إلى أن انقلاب السيسي جاء بالأزمات لا بالحلول وأنه منذ اللحظة الأولى لوصول عبد الفتاح السيسي إلى السلطة عبر انقلاب عسكري متكامل الأركان لم تكن وعود “الإنقاذ” سوى واجهة براقة تخفي خلفها مشروعًا سياسيًا واقتصاديًا هشًا، يقوم على منطق واحد: الإدارة الفردية المطلقة، وما إن أحكم قبضته على كل مفاصل الدولة حتى تحولت مصر إلى مختبر واسع لسياسات مرتجلة، وقرارات غير مدروسة، وتوسع مرهق في الديون والمشروعات غير ذات الأولوية.
أزمات لا تنتهي… لأنها صُنعت داخل القصر
وأوضح أن الأزمات التي يعيشها المصريون اليوم لم تهبط من السماء، ولم تُفرض على النظام من الخارج، بل هي نتيجة طبيعية لإدارة شديدة المركزية، تُقصي الخبراء وتقدّم الولاء على الكفاءة. من تضخم تاريخي والفار متعمد، إلى قفزات غير مسبوقة في الأسعار، إلى انهيار القدرة الشرائية، إلى نزيف العملة المحلية ، مؤكدا أن هذه كلها لم تكن “ظروفًا طارئة”، بل نتائج قرارات سياسية واقتصادية فاشلة.
المشهد الاقتصادي: خراب مُخطَّط لا عشوائي
وأبان أنه بدلًا من إعطاء الأولوية لقطاعات الإنتاج والصناعة والتحريك الحقيقي للاقتصاد، اختار النظام سياسة “المشروعات العملاقة” التي لا عائد لها:
– عاصمة إدارية تُموّل بالديون وتخدم فئة ضيقة.
– توسع في شراء أسلحة بلا معركة، وبلا ضرورة.
– إنفاق مليارات على الديكور والبروباغندا، بينما تتراجع خدمات الصحة والتعليم والبنية التحتية.
والنتيجة أن مصر اليوم أكبر دولة مدينة في المنطقة، تحت رحمة الدائنين، بينما تتآكل كل عناصر القوة الحقيقية للدولة.
الأمن مقابل الكفاءة… معادلة السقوط
تحالف النظام مع نفسه ضد المجتمع: أمننة الدولة بدل إصلاحها، عسكرة المؤسسات بدل تحديثها، تحويل الوزارات إلى أذرع تابعة للمكتب الرئاسي بدل أن تكون مؤسسات مستقلة.
في مثل هذه البيئة لا توجد رقابة، ولا محاسبة، ولا شفافية، وبالتالي لا مفاجأة في أن تتحول كل أزمة صغيرة إلى كارثة وطنية.
النتيجة: حاكم صنع الأزمات، ثم يطالب الشعب بالصبر عليها والكارثة أنه تدرج في طلب الصبر بداية من ستة أشهر ثم عامين ثم الدول تبنى في مائة عام.
https://x.com/egy technocrats/status/1995565666867314796
