بعد الانشغال في مشروعات المزارع السمكية والجمبري وشركات الإنتاج الإعلامي والسينمائي وغيرها، قرر الجنرالات العمل في مجال تخصصهم “السلاح”، تصنيعًا وتصديرًا وفق ما صرحوا به، ويأتي معرض إيديكس الذي أُعلن عنه منذ عام مضى مصحوبًا ببروباجاندا كبيرة، تشبه مثيلاتها في افتتاح المؤتمرات الاقتصادية السابقة، وتكون المحصلة الفعلية غير ذات جدوى على المصريين.
“تسويق المعدات والآليات وإبرام عقود لتصدير السلاح ما يحقق مردودا اقتصاديا تستفيد منه البلاد”.. بتلك البساطة التي قد تعتبر مخلة، صرح وزير الإنتاج الحربي اللواء محمد العصار بأن هذا هو الهدف من عقد معرض إيديكس للصناعات الدفاعية والعسكرية لأول مرة في مصر.
المستغرب في تصريحات الوزير لا يأتي فقط من مدى قدرة المصانع الحربية على تصنيع السلاح القادر على المنافسة، وهي صناعة بلا شك تتطلب إمكانات خاصة وخبرات معينة لا تتوفر بين يوم وليلة، في ظل انغماس الجيش المصري في الاقتصاد ومنافسته للمدنيين والمستثمرين، بدءًا من إنتاج المكرونة، مرورًا بتصنيع الأدوات المنزلية، ووصولا إلى شركات المقاولات، كما أن صناعة وتطوير السلاح تتطلب أموالًا تقدر بالملايين إن لم يكن بالمليارات، بينما يشن السيسي حربًا اقتصادية تقشفية ضد الشعب يعد أبرزها إلغاء الدعم.
كما أن منبع التناقض في الترويج لهذا المعرض العسكري بأنه سيعود على مصر بفائدة اقتصادية من مبيعات السلاح، تتمثل في أن نظام السيسي بات من أكبر مستوردي السلاح في العالم خلال السنوات الأخيرة، يستوردها من أمريكا وروسيا وفرنسا وألمانيا وغيرها.
حيث كشفت صحيفة “تاجستشاو”، عن أن مصر في عام 2017 احتلت المرتبة الأولى في استيراد السلاح من ألمانيا بأكثر من 700 مليون يورو، في المقابل لم يكن لعشرات المليارات التي وجهتها مصر لشراء السلاح أثر كبير على ترتيب الجيش المصري، حيث تراجع مركزين إلى الوراء، محتلا المركز الثاني عشر عالميًا في أحدث تصنيف.
قناة “مكملين” الفضائية ناقشت، عبر برنامج “قصة اليوم”، قصة معرض الصناعات الدفاعية والعسكرية الذي يقام على أرض مصرية، وماذا يريد الجنرالات من المعرض، وكيف لجيش مصر الذي يتراجع عالميا أن يقيم معرضا للسلاح!.
حيث قال الدكتور ثروت نافع، وكيل لجنة الأمن القومي بمجلس الشورى عام 2012: إن إقامة سلطات الانقلاب معرض “إيديكس” بمثابة شو إعلامي للنظام العسكري، وخاصة أن مصر ليست دولة مصنعة أو مصدرة للسلاح.
وأضاف نافع- في مداخلة هاتفية لقناة مكملين- أن هناك عدة دول مصنعة للأسلحة المتطورة، والسيسي يسعى لإيجاد مكان له في المجتمع الدولي بمجموعة من المؤتمرات الداخلية، أما على المستوى الخارجي فهو لا يعدو كونه وسيطًا لإتمام صفقة القرن.
وأوضح نافع أن تصريحات وزير الإنتاج الحربي حول وجود أسلحة مصرية بالمعرض، تأتي على غرار الأوهام الناصرية القديمة، مؤكدا أن مصر لا تصنع أسلحة بالمفهوم الصحيح، وإنما صناعات تكميلية لبعض الأسلحة والذخائر.
بدوره قال الباحث السياسي أمين محمود: إن المعرض هدفه الدعاية لنظام السيسي وليس لتسويق إنتاج فعلي لمصر، خاصة في ظل عدم وضوح الرؤية حول الاتفاقات التي توقعها حكومة الانقلاب مع روسيا بشأن عمليات تجميع الأسلحة، كما كان يحدث في الماضي.
وأضاف محمود أن مصر كانت تصنع سيارات من خلال تجميع مكوناتها المستوردة، وهذا ما يحدث الآن في قطاع الصناعات العسكرية، كما أن المعرض يوحي بأن مصر يمكن أن تلعب دور سمسار سلاح في المنطقة، لإرضاء الدول التي دعمت الانقلاب العسكري.
وأوضح محمود أن مصر اشترت أسلحة عقب الانقلاب بصورة خيالية غير مفهومة؛ لرد الجميل لشركاء الانقلاب في الغرب، دون أن تكون مقدمة على خوض حروب مع أي دولة، بخلاف الحرب على الإرهاب، والتي فشل فيها نظام السيسي فشلًا ذريعًا.
