على وقع هجوم شنه أعضاء ينتمون لحزب الله الشيعي وحركة أمل (شيعة لبنان) على المعتصمين في العاصمة بيروت في ساحة رياض الصلح وغيرها، قدّم الشيخ سعد الحريري (سني) استقالة حكومته إلى الرئيس (الماروني) ميشال عون والذي أمسكها بكلتا يديه.
ويبدو أن الحريري ظلّ متحينا فرصة النزول بعدما خزلته السعودية والإمارات في إبقائه من خلال مدد دولاري من سفينة الأرز الخليجي التي حطت بمصر في 2013 وأنزلت لإزاحة الإخوان نحو 40 مليار دولار صبت في جيب السيسي والعصابة الحاكمة الآن.
لا تخلو عقلية الحريري من ذكاء والده الشيخ رفيق الحريري -الذي اغتالته سوريا من خلال رجالها في لبنان – فألقى الكرة في ملعب الجماهير ثانية ولا يستبعد المحللون أن ينزل سعد إلى وسط الجماهير المتظاهرة والمعتصمة في البحث عن حلول للبلد الأكثر مديونية عربية غير التي جامل فيها المنقلب في مصر في 26 فبراير الماضي لدى لقائه عبدالفتاح السيسي وهو يثني على عقليته "البلالنص" في معالجة المشكلات المصرية والتي أوردت بحق مصر المهالك.
الناشط أحمد البقري التقط هذا المديح واعتبره سببا في عزل الحريري بالنهاية رغم كتمانه مع حدث له في مصنع الكراسي البذي أعده له محمد بن سلمان في فندق الريتز كارلتون.
وقال: "اليوم بركة السيسي حلت على الحريري وأعلن استقالته مع استمرار المظاهرات التي طالبت برحيل حكومته الفاسدة!".
وكان رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري، تغزل بعبد الفتاح السيسي، على هامش حضوره القمة العربية الأوروبية الأولى في شرم الشيخ، وقال في تصريحات نقلتها صحف لبنانية، ومصرية، إن "لبنان يسعى إلى نقل التجربة المصرية في مجال الإصلاح الاقتصادي، والتي جعلتنا فخورين بها"!.
وأثارت تصريحات الحريري ردود فعل ساخرة من قبل مغردين مصريين وعرب، اعتبروا حينها أن رئيس الحكومة اللبنانية اختار الشخص "الخطأ" للتغزل به. وطالب مصريون آنذاك ساخرون من الحريري سحب السيسي رفقته إلى لبنان، وتخليصهم منه، في إشارة إلى قول الحريري إنه يسعى إلى نقل تجربة السيسي في بلاده.
القرار الجريء
وما بين القرار الجرئ وقرار الفرار تأرجحت رؤى المحللين فمنهم من رآه قرار مقيم بفندق ساءت فيه الخدمة فقرر مغادرته، ومنهم من رآه قرارا جريئا، لشخص يحب لبنان، مرشحين حكومة اختصاصيين (تكنوقراط) تكون الأفضل لهذه المرحلة.
وبعد 13 يوما من المظاهرات المتواصلة والاحتجاج على الأوضاع الاقتصادية المتردية اختار اللبنانيون الركون إلى حين تشكيل حكومة جديدة يفترض ألا تطغى فيها قوة من المشكلات الثلاثة للدولة -باتفاق الطائف- على أخرى ويبقى رئيسها سنيا، بعدما أعلن سعد الحريري الثلاثاء استقالته من رئاسة الحكومة، وذلك في كلمة وجهها إلى اللبنانيين.
وكتب الحريري عبر حسابه "أضع استقالتي بتصرف رئيس الجمهورية والمناصب "بتروح وبتجي والمهم كرامة وسلامة البلد" و"ما في حدا أكبر من بلدو" لبنان أولاً ".
وظهر الحريري في كملة متلفزة مقتضبة قائلا إنه سيتوجه إلى القصر الرئاسي في بعبدا من أجل تقديمها إلى رئيس الجمهورية ميشال عون، وقال إنه وصل "إلى طريق مسدود وصار لزاما أن نعمل صدمة (..) حاولت طوال الفترة الماضية إيجاد مخرج والعمل بصوت الناس وحماية البلد".
وتابع: "أوجه نداء إلى كل اللبنانيين لحماية السلم الأهلي ومنع التدهور الاقتصادي"، مخاطبا الفرقاء السياسيين بالقول: "واجبنا حماية الاقتصاد من الانهيار وحماية لبنان من الحريق، المناصب تذهب وتأتي ولا أحد أكبر من بلده الله يحمي لبنان".
وقال: "لكلّ الشركاء في الحياة السياسية مسؤوليتنا اليوم هي كيف نحمي لبنان وننهض بالاقتصاد فهناك فرصة جدية يجب ألا تضيع وأضع استقالتي بتصرف رئيس الجمهورية وكل اللبنانيين".
فض الاعتصامات
وكان أنصار حزب الله وحركة أمل يفضّون اعتصامات بيروت وكان المهاجمون يرددون هتافات مؤيدة لحزب الله وحركة أمل، وسط تدخل واسع للجيش اللبناني.
وذكر ناشطون أن مناهضين للتحركات الشعبية هاجمت الاعتصامات في مناطق ساحتي رياض الصلح والشهداء وسط بيروت، ومنطقة جسر الرينج وقاموا بهدم خيام المعتصمين وإحراقها.
وتداول الناشطون صورا لقيام أشخاص بالاعتداء بالضرب على المعتصمين فيما قال الدفاع المدني إنه قام بنقل سبعة جرحى على الأقل من ساحة الشهداء، فيما نشر آخرون تسجيلات تظهر مهاجمين وهم يرددون شعارات طائفية واخرى مؤيدة لحركة أمل.
وفي وقت لاحق قال ناشطون إنهم عادوا إلى ساحات الاعتصام مؤكدين مضيهم بالاحتجاجات حتى استقالة الحكومة وتنفيذ الإصلاحات.
وفور إعلان الحريري استقالته، احتفى المعتصمون اللبنانيون في بيروت وطرابلس وصيدا بالقرار الذي اعتبروه نتيجة لاحتجاجاتهم المتواصلة.
وتأتي مهاجمة عناصر حزب الله وحركة أمل بالهجوم على الاعتصامات والمعتصمين بعد خطاب لحسن نصر الله انتقد فيه الاعتصامات واعتبرها ممولة من الخارج عندها خرج القيادي بالجماعة الإسلامية عماد الحوت النائب السابق بالبرلمان اللبناني، ناشرا صورة له ولأسرته مشاركين في الاعتصامات بطرابلس.
وشدد أن مشاهداته عن الحراك أنه غير ممول وقال: "الى من يتهم الحراك بأنه مموّل او موجّه أو مستثمر به أقول بناءً لمشاهداتي في ساحة الشهداء:  الذين هم في الساحات عائلات وأناس من كل الأعمار وكل الطبقات وكل الطوائف، الذين هم في الساحات مواطنون فقدوا الثقة بالطبقة السياسية نتيجة وقاحتهم في ممارسة الفساد وقلة مسؤوليتهم في سوء الادارة، الذين هم في الساحات هم أكثر تمسكاً بالوطن وسيادته والدفاع عن ارضه من كثير من ادعياء الدفاع عن الوطن".
 
