في ظل المخاض الذي تعيشه المنطقة عقب ثورات الربيع العربي يطرح السؤال بقوة حول مستقبل التيار الإسلامى بعدما أسفرت تلك لثورات عن فوزهم بثقة الشعوب ووصولهم إلى السلطة لفترات لم تدم طويلا بعد انقلاب القيادات العسكرية على العملية الديمقراطية في دول الربيع العربي.
برنامج "كل الأبعاد" الذي أذيع على قناة "مكملين" مساء السبت، ناقش مستقبل التيار الإسلامي بعد 10 سنوات من ثورات الربيع العربي وتولي جو بايدن رئاسة أمريكا خلفا لترامب الذي دعم الديكتاتوريات العربية في مواجهة الإسلاميين بشكل واضح.
وأشار البرنامج إلى أن الولايات المتحدة من جانبها بدأت في عام 2010 قبل انطلاق الربيع العربي بالتفكير في طريقة جديدة للتعامل مع الإسلاميين للدفع باتجاه تغيير سياسي حقيقي في الشرق الأوسط إلا أن النقاشات داخل مجلس الأمن القومي كشفت عن عدم وجود سياسة محددة للتعامل مع الإسلام السياسي، لقد كان واضحا بعد أشهر من الربيع العربي أن إدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما صرحت بأن الولايات المتحدة سوف تتعامل مع الإسلاميين كجزء من التيارات السياسية الأخرى التي تساهم في صياغة مستقبل العالم العربي وكان ذلك في إطار الرؤية الأمريكية التي تؤكد الالتزام بالتخلي عن العنف ودعم الديمقراطية والحفاظ على حقوق المرأة والأقليات والأهم الحفاظ على أمن الكيان الصهيوني لكن سرعان ما عادت واشنطن إلى سياساتها التقليدية بدعم أي ديكتاتور في السلطة شرط تأمين وحماية المصالح الإستراتيجية الأمريكية.
وأضاف أن التعامل الفج لإدارة ترامب مع الإسلام السياسي بدأ مع أوباما؛ فبعد الانقلاب العسكري في مصر عام 2013 تبددت شعارات دعم الديمقراطية في العالم العربي ولم تحرك الإدارة الأمريكية ساكنا عندما قامت قوات الجيش والشرطة بقتل المتظاهرين السلميين في ميدان رابعة العدوية ثم اعتقال الرئيس المدني المنتخب وتصنيف جماعة الإخوان المسلمين جماعة إرهابية، واستمر ترامب في اتباع نفس السياسة الفجة، وأعلن صراحة دعمه للديكتاتوريات في التعامل مع الإسلام السياسي تحت ذريعة محاربة الإرهاب.
وتابع: "من المتوقع ألا يخرج جو بايدن عن أطر السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط التي تتحدد بمكافحة الإرهاب وضمان أمن الكيان الصهيوني، وبرهنت إدارة أوباما، التي يعد بايدن امتدادا لها، عن التزام الولايات المتحدة بدعم الأنظمة الاستبدادية وغياب رؤية محددة حول الإسلام السياسي، فهل أصبح الحديث عن تغير أمريكي جذري تجاه التعامل مع الإسلام السياسي في عهد "بايدن" وهما وسرابا"؟
مصطلح غامض
الدكتور عزام التميمي، الإعلامي والأكاديمي، أشار إلى مصطلح الإسلام السياسي غامض حتى الآن، لكن الثابت أن المقصود به علاقة الإسلام بالسياسة وليس جماعة بعينها، فبعض الناس يستخدم المصطلح للحديث عن الإخوان المسلمين، والبعض يقصد به أن يكون للإسلام دور في حياة الناس في الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
وأضاف "التميمي"، في مداخلة للبرنامج: أنه ثبت بالتجربة أن الأنظمة الاستبدادية التي تواطأت على إجهاض التجربة الديمقراطية في مصر وغيرها وحاربت ثورات الربيع العربي، تجد نفسها في خصومة وعداوة مع الإسلام كنظام حياة وليس فقط مع حركة بعينها، وربما يكون استهدافهم لجماعة الإخوان المسلمين أكثر من غيرها لما تمثله هذه الجماعة من فهم شامل ووسطي وواضح وبسيط ومباشر للإسلام.
وأوضح التميمي أن التيارات الإسلامية لا تعاني وحدها من أزمة؛ فهناك صراع، وهذا الصراع لم يتوقف وفيه تجاذبات وتدافع ومكاسب وخسائر، وعندما قامت الثورات العربية شعرت الشعوب بأنها تحقق مكاسب بعد الإطاحة بالطواغيت ثم ما لبثت كفة الأنظمة المستبدة أن رجحت عليها فصار هناك ما يسمى "الثورة المضادة" فالشعوب خسرت وربح الاستبداد إلى حين والصراع ما زال مستمرا.
حرب المصطلحات
بدوره قال الدكتور أنس التكريتي، رئيس مؤسسة قرطبة لحوار الثقافات، إننا نعيش في حرب المصطلحات وكل فترة يخرج علينا مصطلح جديد لا يتم تعريفه بشكل محدد، ويستخدمه أصحاب القوة والنفوذ خاصة المستبدين وفق مصالحهم السياسية، مضيفا أن هذا التيار الذي يتحدثون عنه إن كان يقصد به الإسلام بشكله العريض أو التيارات التي تهدف إلى تحقيق إصلاحات جذرية على الأرض وتحقق الحرية والكرامة للشعوب فهو بالطبع يشكل تهديدا لعروش المستبدين وتهديد حقيقي لحالة النظام العالمي الذي يراد له الاستقرار على حالة معينة تخدم مصالح القوى العظمى في العالم.
وأضاف أننا أمام حرب أيديولوجية أو ثقافية تشن ضد التيار البشري الوحيد القادر على زعزعة النظام العالمي الحالي وهذا يتبين مما حصل قبل 10 سنوات إبان ثورات الربيع العربي، عندما ثارت الشعوب وتقمصت شعارات وعناوين شبيهة بشعارات الإسلام السياسي وأكدت الشعوب على هويتها الإسلامية في كل الاستحقاقات الديمقراطية.
وأوضح "التكريتي" أن المتابع للشأن السياسي يرى أن جماعة الإخوان تعرضت لضربة قوية عقب الانقلاب العسكري في 2013، فلماذا يتعمد البعض التهويل من شأن الجماعة وأنها هي التي تحرك الكون وتهدد الاستقرار العالمي؟
وأشار إلى أن ثورات الربيع العربي لن تنطفئ على الرغم من مواجهتها بقمع هائل، مؤكدا أن الحالة الثورية لا تزال مستمرة ونحن ننتظر الموجه الثانية أو الثالثة من الثورة، مضيفا أن مشكلة القوى الغربية مع تيار الإسلام السياسي انه لا يمكن حصرها في مجموعة من الناس أو مسمى معين لأنه يمثل ضمير الأمة لذلك يسعون لتشويهه.
https://www.facebook.com/watanegypt/videos/2852767155043399