جماعات الهيكل تريده معبدا يهوديا .. ما هي قصة مصلى باب الرحمة بالمسجد الأقصى ؟

- ‎فيعربي ودولي

 

بعد معركة استمرت سنوات لإخلاء المصلى المرواني من المصلين واقتحامه باستمرار وطرد المصلين منه، بدأ الاحتلال الصهيوني يتوجه صوب مصلى باب الرحمة بالمسجد الأقصى، لإخلائه ومنع الصلاة فيه وتدنيسه بالأحذية وغلقه.

أوساط دينية بهيئة أوقاف المسجد الأقصى تؤكد أن هناك خططا صهيونية متدرجة لاقتطاع أجزاء من المسجد الأقصى، بعد فشل فرض سيادتهم عليه كله، وذلك استجابة لرؤية دينية حاخامية تتبناها جماعات الهيكل ترى رمزية دينية يهودية لمصلى الرحمة والمرواني ومن ثم السعي لتحويلها لمعبد يهودي أو مركز لبناء الهيكل.

هجمات الاحتلال وللمستوطنين معا على مصلى الرحمة وتفريغه من محتوياته وإلقاء المصاحف خارجه وأخرها يوم الإثنين 24 أبريل/نيسان 2023، بتخريبه ومصادرة كل ما فيه من مصاحف وسجاد الصلاة، وجميع المتعلقات الموجودة داخله وقطع الكهرباء عنه، بالإضافة إلى منع المصلين من الوصول إليه واعتقال آخرين للمرة الثالثة على التوالي منذ بداية الأسبوع، يدخل ضمن خطة نقل إدارته إلى الجماعات الاستيطانية.

خطة لاقتطاع أجزاء من الحرم القدسي لبناء المعبد

أهمية مصلى باب الرحمة، بالنسبة لـ "جماعات الهيكل" التي تتربص به خلال اقتحاماتها للمنطقة الشرقية من المسجد الأقصى ترجع لقناعتهم الدينية بأن "المسيح المنتظر" سيدخل في آخر الزمان من باب الرحمة قادما من جبل الزيتون، ليخلص اليهود من ذنبهم ويتطهروا من دنسهم، لذلك يسعون لتحويل المصلى إلى كنيس يهودي.

 

ويتربص المقتحمون دوما بمصلى باب الرحمة، حيث ينضوون تحت ما يعرف باتحاد جماعات الهيكل المزعوم، ويقتحمون الأقصى قاصدين المنطقة الشرقية بجوار المصلى، حيث تؤمن هذه الجماعات بوجود دلالة دينية لباب الرحمة، ويعتقد أتباعها أن المسيح المنتظر سيدخل في آخر الزمان من باب الرحمة قادما من جبل الزيتون، لذلك تنادي هذه الجماعات بتحويل المصلى إلى كنيس.

 

ويحاول المقتحمون تغيير طبيعة المنطقة الشرقية للمسجد الأقصى بمساندة قوات الاحتلال، ويكثفون صلواتهم فيها، لتمكين اقتطاعها من المسجد الأقصى، كما يقول أستاذ دراسات بيت المقدس عبد الله معروف.

 

تحاول هذه الجماعات المتطرفة، منذ عقود، السيطرة على مصلى باب الرحمة لبناء كنيس يهودي، كتمهيد لتقسيم المسجد الأقصى مكانيا، لكن أهل القدس يتصدون لهم وأجبروا الاحتلال على إعادة فتح المصلى عام 2019 بعد إغلاقه عام 2003 إبان فترة الانتفاضة.

 

مصلى باب الرحمة أهم أبرز المصليات التابعة للمسجد الأقصى المبارك، حيث يقع على السور الشرقي للمسجد، وقد ظل موقع صراع مع الاحتلال طوال عقود، حيث أعيد افتتاحه في فبراير/شباط 2019 فيما عُرف بـ "هبة باب الرحمة"، بعد إغلاق استمر قرابة 16 عاما.

 

ما هو مصلى باب الرحمة؟

 

يقع مصلى باب الرحمة في السور الشرقي للمسجد الأقصى، ويبلغ ارتفاعه 11 مترا ونصف المتر، وهو باب مزدوج يتكون من بابين هما التوبة والرحمة يتم الوصول إليهما عبر النزول على سلالم طويلة، ويفضيان إلى قاعة كبيرة مقببة تحملها أعمدة رخامية.

 

ويعود إنشاء المصلى إلى 1300 عام خلال الفترة الأموية، وبجانب المصلى هناك مقبرة باب الرحمة الإسلامية التي دفن فيها العديد من الصحابة.

 

ظل مصلى باب الرحمة مفتوحا حتى العهد العباسي، ثم احتله الفرنجة وفتحوه في أيام عيد الفصح، وقدسوه زعما منهم أنه الباب الذي دخل منه السيد المسيح عليه الصلاة والسلام.

 

وبعد تحرير القدس أغلق القائد صلاح الدين الأيوبي الباب خشية تسلل الصليبيين من خلاله إلى داخل الأقصى والمدينة المقدسة، وحوّل المكان إلى مكان للصلاة، حتى الفترتين المملوكية والعثمانية، حيث اعتكف فيه الإمام أبو حامد الغزالي وألّف كتابه "إحياء علوم الدين"، ونشطت فيه المولوية المتصوفة.

 

انتكس المصلى وقل استخدامه في عهد الاحتلال البريطاني بسبب التضييقات على المصلين، ورغم ذلك فإنه ظل مفتوحاً حتى العهد الأردني، ثم أُهمل تماما بعد الاحتلال الإسرائيلي للمسجد الأقصى عام 1967. وبقي المكان مصلى حتى عام 1967، ومن ثم استُخدم مكتبة دينية، ولاحقا مقرا للجنة التراث الإسلامي.

 

في عام 1992 شهد مصلى باب الرحمة انتعاشا استمر 11 عاماً، بعدما اتخذته لجنة التراث الإسلامي مقرا لها ونشّطت فيه الفعاليات الدينية والاجتماعية، حتى حظرها الاحتلال مطلع عام 2003، واتخذ ذلك ذريعة لإغلاق المصلى بالكامل.

 

ويواجه المرابطون في المصلى الآن انتهاكات من قبل جنود الاحتلال الذين يدنسون المصلى بأحذيتهم، ويعتدون على المصلين ويعتقلونهم ويصدرون أوامر إبعاد بحقهم.

 ما سر اعتداءات الاحتلال على مصلى الرحمة والمرواني وإخلائهما؟

ويكثف المستوطنون وبحراسة جنود الاحتلال الإسرائيلي من وجودهم بالمنطقة المحيطة بمصلى باب الرحمة خلال اقتحاماتهم للمسجد الأقصى، ما يثير مخاوف من مخططات إسرائيلية تستهدف المكان.

ويرجع اسم الباب إلى مقبرة الرحمة الملاصقة له من خارج السور، والتي تضم قبري الصحابيين شداد بن أوس وعبادة بن الصامت، وعدد من علماء وشيوخ المسجد الأقصى، بينما يرجح تاريخ بناء مسجد الرحمة المجاور إلى العصر الأموي، بسبب عناصره المعمارية والفنية الأموية.

 

ويُقال: إن "الباب أغلق على يد صلاح الدين الأيوبي بعد استعادة القدس عام 1187، ويُقال أيضا إن الإمام أبو حامد الغزالي قد اعتكف في زاوية أعلى باب الرحمة عندما سكن بيت المقدس، كما قام العثمانيون بإغلاق الباب بالحجر بسبب مخاوف الناس آنذاك من أن الفرنجة سيعودون ويحتلون القدس من خلال هذه البوابة في المنطقة الشرقية من المدينة".

 

وقد أطلق على الباب العديد من الأسماء سابقا، بينها البوابة الأبدية، والبوابة الدهرية، وباب توما، وباب الحكم، وباب القضاء، كما يطلق عليه أيضا اسم الباب الذهبي، وأسفل باب الرحمة ومقبرته يقع الوادي الشهير الذي يفصل البلدة القديمة ومسجدها الأقصى عن جبل الزيتون، جبل الطور، وهو وادي جهنم، أو وادي قدرون.