السعودية وتل أبيب يتراقصان على مصطلحات “التطبيع” و”الإرهاب”!

- ‎فيعربي ودولي

 

جرت العادة فيما يبدو من الكيان الصهيوني على هدم وتحوير المصطلحات وأقربها تحوير مصطلح "جيش الدفاع" من "جيش الاحتلال" و"المستوطنات" من أصله "المغتصبات"، ولكن هذا الأمر وفي توقيت متزامن تسبب بانتقال العدوى من تل أبيب إلى متحدثو السعودية فالسفيرة السعودية لدى الولايات المتحدة الأميرة، ريما بنت بندر آل سعود، قالت إن بلادها تركز على تكامل العلاقات مع "إسرائيل" وليس "التطبيع"!

وفي نجاولة لتبرير العجب زادته عجبا فوصفت تخطي القضية الفلسطينية (الأولى عربيا وإسلاميا) ب"السلام الإسرائيلي الفلسطيني"، وزعمت أنه "يتماشى مع رؤية 2030 في المملكة"!
 

 

ويبدو أن (آل سعود) تجاهلت تحذير دراسة صهيونية "من سعي دول عربية وإسلامية في الشرق الأوسط؛ منها مصر والسعودية والإمارات، تطوير ترسانتها العسكرية عبر الحصول على صواريخ فرص صوتية وطائرات بدون طيار، معتبرة ذلك تهديدا حقيقيا على الأمن القومي الإسرائيلي"، بحسب الدراسة.
 

وعلى نسقها، واصل الاحتلال هدم المصطلح والتعبير عنه بطريقتهم، حيث وجّه جيش الاحتلال الصهيوني والمؤسسة الأمنية  انتقادات شديدة إلى المستوطنين الذين هاجموا السكان الفلسطينيين وأملاكهم في المناطق المحتلة في الأيام الأخيرة، وقال قادة الجيش وجهاز الشاباك والشرطة بوصف اعتداءات المستوطنين ضد الفلسطينيين بأنها "إرهاب قومي".

غير أن مقابل الصمت السعودي الرسمي حيال تصريحات (ريما البندر)، لم يصمت وزراء وأعضاء كنيست من الائتلاف الصهيوني الحاكم حيال بيان قادة الجيش وجهاز الشاباك والشرطة الذي تحدثت عن اعتداءات المستوطنين ضد الفلسطينيين.

وكان رئيس هيئة الأركان العامة للجيش الصهيوني الجنرال هرتسي هليفي، ورئيس جهاز الأمن العام “الشاباك” رونين بار، والقائد العام للشرطة يعقوب شبتاي، شجبوا في بيان مشترك صدر عنهم (السبت) اعتداءات المستوطنين، ووصفوها بأنها “إرهاب قومي بالمعنى الكامل للكلمة".

 

ورفض وزراء وأعضاء كنيست في الائتلاف الحكومي كان في إثر العملية المسلحة التي وقعت بالقرب من مستوطنة “عيلي” الأسبوع الماضي وأدت إلى مقتل 4 مستوطنين وإصابة آخرين بجروح.
 

حوار مع موقع عبري
 

السفيرة السعودية في الولايات المتحدة، كانت أجرت حوارا مع قناة "i24NEWS" الصهيونية وقالت إن السعودية "تريد أن ترى إسرائيل مزدهرة كما تريد أن ترى فلسطين مزدهرة"،  مستشهدة بجهود والدها الأمير، بندر بن سلطان آل سعود، الذي شغل منصب مبعوث الرياض في واشنطن لأكثر من عقدين، حتى عام 2005..
 

 

وأضافت، "نحن لا نقول التطبيع، نحن نتحدث عن شرق أوسط متكامل، موحد، ككتلة مثل أوروبا، حيث لدينا جميعا حقوق سيادية ودول ذات سيادة، ولكن لدينا مصلحة مشتركة، إذن هذا ليس تطبيعا".

وتابعت: "التطبيع هو أنك جالس هناك، وأنا أجلس هنا، ونحن نتعايش نوعًا ما، لكن بشكل منفصل، أما التكامل فيعني أن موظفينا يتعاونون، وتتعاون أعمالنا، ويزدهر شبابنا".
 

واعتبرت أن "سياسات حكومة بنيامين نتنياهو، تجاه الفلسطينيين تعقد الجهود للتوصل إلى سلام أوسع في المنطقة"، وأن "المستوطنات على وجه الخصوص بأنها إشكالية نحاول حلها".
 

 

وأضافت أن "أي حل للنزاع يجب أن يأتي بسلام عادل وكرامة معيشية للطرفين"، لافتة إلى أنه لديها مصلحة راسخة في رؤية نهاية للصراع "الإسرائيلي الفلسطيني"، بحسب وصفها.

دراسة إسرائيلية

وأمام الانحدار العربي لسيناريو التطبيع، والتلاعب بالمصطلحات الدالة، يتعامل الصهاينة بكل قسوة تجاه كل الاحتمالات، حيث رجحت المحللة السياسية الإسرائيلية شريت أفيتان كوهين، في دراسة منشورة بصحيفة "اسرائيل اليوم" أن على "إسرائيل الاستعداد بالتكنولوجيا المناسبة للتهديد الجديد من جيرانها العرب وخاصة من الصواريخ الفرط صوتية".
 

 

ووضعت المحللة السعودية ضمن تحليلها وتحذيراتها ولم تعبأ بالليونة التي أبدتها السفيرة السعودية، وقالت شريت: "إن أكثر ما يجب أن يقلق "إسرائيل" هي البنية التحتية للصواريخ في المنطقة، لافتة إلى أن سباق التسلح العالمي لا يغيب عن الشرق الأوسط، وتبحث كل من مصر وإيران والسعودية وسوريا ولبنان عن تكنولوجيا عسكرية جديدة لتعزيز قدراتها الحربية وأضافت: "يجب على إسرائيل أن تستعد للتهديدات الجديدة".
 

بل ولفتت الدراسة التي أعدتها شريت، إلى أن منطقة الخليج العربي، خاصة السعودية، تطالب الولايات المتحدة بالالتزام بصفقات أسلحة والسماح بتطوير أسلحة نووية، وكذلك تجهز كل من مصر والإمارات نفسيهما للدخول في سباق التسلح على قدم وساق في الشرق الأوسط.

 

وأشارت إلى أنه بجانب سباق التسلح الإيراني تبذل السعودية ومصر والإمارات العربية المتحدة وقطر جهود تسليح متسارعة غير موجهة ضد إسرائيل في الوقت الراهن، ولكن بالنظر إلى أفق الاستقرار والتغيير المحتمل، فعلى إسرائيل أن تقلق.

 

كما حذر الدكتور يهوشوا كاليسكي، الباحث البارز في معهد دراسات الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب، في الدراسة نفسها، من الأحداث من حول "إسرائيل"، "حيث تسعى الرياض لامتلاك طائرات استطلاع متطورة، وتطالب بالمزيد كون معظم القبائل في السعودية تجمعهم كراهية إسرائيل".

 

والتقرير ليس الأول بجانب تقارير صهيونية، عبرت عن مخاوف حقيقية داخل "إسرائيل" من إمكانية امتلاك دول عربية أبرزها السعودية والإمارات ومصر أسلحة نووية، محذرة من أن إيران باتت قريبة جدا من إنتاج قنابل نووية.

إرهاب المستوطنين

ورفض وزراء وأعضاء كنيست في الائتلاف الحكومي الانتقادات الشديدة التي وجّهها الجيش الإسرائيلي والمؤسسة الأمنية إلى المستوطنين الذين هاجموا السكان الفلسطينيين وأملاكهم في المناطق المحتلة في الأيام الأخيرة، وذلك في إثر العملية المسلحة التي وقعت بالقرب من مستوطنة “عيلي” الأسبوع الماضي وأدت إلى مقتل 4 مستوطنين وإصابة آخرين بجروح.

 

وتعليقا على هذا البيان، حثّ وزير المال والوزير في وزارة الدفاع بتسلئيل سموتريتش رئيس الصهيونية الدينية الجيش وقوات الأمن على ردّ أقوى على الهجمات الفلسطينية.
 

 

وأضاف في تصريح عبر "تويتر" أن "محاولة إيجاد تكافؤ بين الإرهاب العربي والإجراءات المضادة للمدنيين الإسرائيليين المستوطنين، مهما بلغت خطورتها، هي محاولة خاطئة من الناحية الأخلاقية وخطِرة على المستوى العملي. ينبغي على الجيش وقوات الأمن التصرف بحزم أكبر بكثير ضد الإرهاب وأعمال الشغب من طرف العرب. لا يمكننا قبول وضع يشعر فيه المستوطنون بأنهم أهداف سهلة على الطرقات وحول المستوطنات كل يوم، ويحصون موتاهم".
 

 

واستنكر سموتريتش استخدام الاعتقال الإداري ضد مشتبه فيهم يهود من اليمين المتطرف، وادّعى أن قوات الأمن تنفّذ عقاباً جماعياً في مستوطنة “عطيرت” عقب هجوم وقع في وقت سابق يوم السبت في قرية أم صفا الفلسطينية.

وقال وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير رئيس “عوتسما يهوديت” إن سلطات إنفاذ القانون يجب أن تطبّق السياسات بالتساوي بين المجتمعات، وليس انتقاء واختيار مكان تطبيق القانون. وأضاف أنه من غير المقبول أن تُستخدم الاعتقالات الإدارية ضد المستوطنين.

وهاجمت عضو الكنيست ليمور سون هار ميلخ، من حزب “عوتسما يهوديت”، المؤسسة الأمنية، وقالت إنه إذا كانت المؤسسة الأمنية غير قادرة على توفير الحماية الأساسية، فسنرى ظاهرة قيام مستوطنين بأخذ زمام الأمور في أيديهم لحماية حياتهم.

 

وبعد ساعات على الهجوم بإطلاق النار، الذي نفّذه مسلحان فلسطينيان بالقرب من مستوطنة “عيلي”، اعتدى عدد كبير من المستوطنين على عدد من البلدات الفلسطينية في شمال الضفة الغربية، من ضمنها حوارة التي كانت مسرحاً لاعتداء دامٍ آخر للمستوطنين في وقت سابق من هذا العام، بعد هجوم فلسطيني. وفي اليوم التالي، قام مئات من المستوطنين أيضاً باقتحام بلدتيْ ترمسعيا وعوريف الفلسطينيتين، بعد وقت قصير على دفن قتلى الهجوم، وأطلقوا النار على السكان، وأضرموا النيران في المنازل والسيارات والحقول، وأرهبوا السكان.

 

صحيفة هآرتس” في افتتاحيتها 26 يونيو 2023 تحت عنوان “سيد الإرهاب اليهودي” أن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو هو المسؤول عمّا يجري في المناطق، بما في ذلك العمليات الإرهابية اليهودية. ففي ظل زعامته، هُدر دم الشعب الفلسطيني، وأهينت زعامته، وجرى القضاء على تطلعاته الوطنية، ونُهبت أراضيه، وحصل المستوطنون على ضوء أخضر، ولم يعد هناك ما يكبحهم، واستسلموا لنشوة قوة التفوق اليهودي. إسرائيل تحصد ما زرعه نتنياهو.