أكد موقع "المونيتور" الآمريكي أن هناك حالة من الاعتراف والقناعة من قبل الاحتلال الصهيوني يؤديان إلى أن عجزا إسرائيليا عن تحقيق الردع الشامل تجاه مقاومي مخيم جنين، وأن العملية التي امتدت ليومي 3 و4 يوليو الجاري ليست من نوع الهجوم الشامل الذي لطالما دعا له الوزراء المتشددون في حكومة بنيامين نتنياهو، حيال المقاومة في المخيم والتي باتت منطلقا لعمليات في كافة أنحاء الضفة الغربية، بل ولا ضمن الجولات الدورية من التعامل الدارج من قبلهم حيال المقاومة في قطاع غزة.
وقال المونتيور، إنه "من غير المرجح أن تقضي عملية جيش الاحتلال الحالية على البنية التحتية العسكرية العاملة خارج المخيم".
وبحسب المونيتور فإن جهاز الأمن الإسرائيلي اعترف أنه حتى عملية عسكرية كبيرة لا يمكن أن تمحو بالكامل النشاط العسكري في مدينة جنين بالضفة الغربية، لكنه يأمل في تغيير ميزان القوى لصالحه، من خلال استعادة بعض قوة الردع التي فقدتها تل أبيب في شمال الضفة الغربية خلال الأشهر الأخيرة.
وأشار المونتيور إلى أن العملية الأخيرة التي تمت في المخيم المزدحم بالسكان، (ضربة صاروخية، وغطاء جوي مكثف ومئات من الجنود) كانت بأعقاب جمع معلومات استخباراتية استمرت لشهور من الشاباك (جهاز الأمن العام) والاستخبارات العسكرية الصهيوني، بحثا من تل أبيب عن:
1- مراكز القيادة ومواقع تصنيع الأسلحة والمتفجرات داخل الأزقة الضيقة للمخيم، بحسب الموقع.
2- من فقدتهم بنحو 29 إسرائيليا قتلوا في عشرات الهجمات بالرصاص والتفجيرات التي نفذها مقاومون فلسطينيون بالضفة بالنصف الأول من 2023.
3- من خطط لحوالي 50 عملية إطلاق نار في مخيم جنين ، حيث استغل المسلحون الفراغ الذي خلفته قوات الأمن الرسمية للسلطة الفلسطينية التي فقدت السيطرة على المنطقة.
4- وشن غارات محددة دأبت "إسرائيل" على شنها في الأشهر الأخيرة في جنين ومحيطها.
5- إرسال قوات خاصة (أوغوز) أو (جولاني) لعدة ساعات للعثور على المقاومين واحتجازهم وإحباط الهجمات المخطط لها.
فقدان حتى الردع
وفي إشارة لفشل الأهداف السابقة، نقل المونيتور عن مصدر عسكري إسرائيلي رفيع، أنه حتى الردع العسكري فقده جيش الاحتلال فضلا عن حكومته، وأن هذه الحقيقة (فقدان الردع) وحقيقة أخرى بنجاح الجهة المقابلة، فأفاد أن العديد من الشبان الفلسطينيين الذين يعملون تحت مظلة حماس والجهاد الإسلامي ولدوا بعد الانتفاضة الثانية “2000 – 2005″، كما أن حماس والجهاد الإسلامي، من جهتهما، لم تستغلا غياب السلطة فحسب، بل استفادتا أيضا من تضاؤل شرعية زعيمها، محمود عباس.
ونقل المونتور عن ضابط إسرائيلي آخر شارك في عملية عام 2002 ، التي أطلق عليها اسم الدرع الواقي إضافته، أن "الظروف الآن مختلفة للغاية، البنية التحتية القتالية الآن أقل تطورا ، والسكان الفلسطينيون بشكل عام ليسوا ضمن المقاومة من وجهة النظر الإسرائيلية ، ومن المحتمل ألا تغير العملية الحالية المنطقة كما فعلت الدرع الواقي، ومع ذلك ، نأمل أن تقلص مستوى العنف"، وفق المونيتور.
3 إجراءات
ما حدث داخل جنين خلال ال48 ساعة كان بحسب المونيتور "استخدام صواريخ الطائرات بدون طيار هي المرة الثانية في الأسابيع الأخيرة التي تلجأ فيها إسرائيل إلى هذا التكتيك، الذي تجنبت استخدامه لنحو 20 عاما".
أما الإجراء الثاني فكان "نشر القوات البرية جرافات عملاقة لإزالة طبقات الأسفلت التي تغطي الطرق المؤدية إلى المخيم من أجل الكشف عن القنابل المزروعة على جانب الطريق من النوع الذي يستخدمه المقاومون الفلسطينيون بشكل متزايد ضد قوات الاحتلال، وهو ما حذر منه الشاباك.".
الإجراء الثالث كان نقل صفحة المواجهة سريعا، حيث بث جيش الاحتلال رسائل إلى المقاومة الفلسطينية العاملة انطلاقا من قطاع غزة وجنوب لبنان ، محذرة من رد صارم إذا نفذوا تهديداتهم بمهاجمة إسرائيل والانتقام من الهجوم على جنين، وفق المونيتور.
وعن الإجراء الأخير نقلت مجددا عن مصدر أمني إسرائيلي رفيع، قوله: "كل هذا يتوقف على ما يحدث في جنين، طالما أن الخسائر مقبولة ومتناسبة ، نعتقد أنه لن يكون هناك توسع في الجبهات الأخرى حتى لو كان هناك ، فنحن مستعدون.
مقاربات رافقت العملية
وفي إشارة إلى تحركات الحكومة الصهيونية التي رافقت العملية، فكان أولها؛ أن أعطت الولايات المتحدة تحذيرا مسبقا من العملية المقبلة، لكنها حجبت معلومات حول التوقيت والأساليب بخلاف طمأنة الأمريكيين بأنها ستبذل قصارى جهدها لتجنب وقوع إصابات في صفوف المدنيين ، بمن فيهم مسؤولون في السلطة الفلسطينية.
وأضاف المونيتور أنه يبدو أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو قد غير مقاربته للسلطة الفلسطينية منذ إحياء الاتصالات التي توسطت فيها الولايات المتحدة مع المملكة العربية السعودية، فيما يتعلق بالتطبيع مع إسرائيل في الأشهر الأخيرة.
ورأى تقرير المونيتور أنه "على عكس سياسته الطويلة الأمد المتمثلة في إضعاف السلطة الفلسطينية وتقوية حماس في غزة ، يشدد نتنياهو الآن على أهمية استمرار بقاء السلطة الفلسطينية".
كما استعرض الموقع رد عباس على الهجوم على جنين ، حيث أعلن عن وقف التعاون الأمني مع إسرائيل، كما فعل كلما صعدت إسرائيل عملياتها في البلدات والقرى الفلسطينية.
وأشار المونيتور إلى أن "إعلانه محمود عباس بالكاد ذو صلة بالنظر إلى أن التعاون الأمني في جنين وشمال الضفة الغربية لم يكن موجودا تقريبا في السنوات الأخيرة، بسبب فقدان السلطة الفلسطينية للسيطرة على المنطقة".
المرة الأخيرة التي عانى فيها سكان مخيم جنين من مثل هذا النشاط العسكري الإسرائيلي المكثف كانت في عام 2002 عندما شنت قوات الاحتلال عملية استمرت لمدة شهر في جميع أنحاء الضفة الغربية في محاولة للقضاء على أي نشاط عسكري، ووقعت أعنف قتال في جنين حيث قتل 23 جنديا إسرائيليا، واستشهد مئات الفلسطينيين، وفق المونيتور.
https://www.al-monitor.com/originals/2023/07/can-israels-operation-jenin-restore-idf-deterrence-west-bank
