ألغت محكمة الاستئناف مؤخرا كافة القرارات المتعلقة بالمنع من السفر أو الوضع على قوائم الانتظار أو التحفظ على أموال 75 منظمة حقوقية ومجتمعية في قضية التمويل الأجنبي، التي تعود إلى فترة حكم المجلس العسكري في 2011.
وقال قاضي التحقيق في قضية التمويل الأجنبي: إن "عدد المنظمات التي يشملها التحقيق 85 منظمة، وأنه تم الانتهاء من التحقيق لـ75 منها، مشيرا إلى أن هذه المنظمات صدرت لها أوامر بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية، ما يترتب عليه إلغاء كافة قرارات المنع من السفر أو التحفظ على الأموال".
وفي 20 ديسمبر 2018، صدر حكم محكمة جنايات القاهرة ببراءة جميع المتهمين في شق المنظمات الأجنبية من قضية التمويل الأجنبي لمنظمات المجتمع المدني والمفتوحة منذ ديسمبر 2011.
اللافت أن عضو ما يسمى الحوار الوطني والمحامي نجاد البرعي، أشار إلى الحكم قبل صدوره، ففي 14 أغسطس صدرت تصريحات له، قال فيها: "أتوقع غلق قضية التمويل الأجنبي بشكل نهائي قبل بدء مناقشات لجنة حقوق الإنسان بـالحوار الوطني 80% من مطالبات المنظمات تحققت بالأفراج عن نشطاء محبوسين ونعمل على القضية 173بشكل معمق".
وقبل يومين رفع مجلس أمناء "الحوار الوطني" مجموعة من التوصيات والمقترحات والاتفاق على الصيغة النهائية للتوصيات التي تم رفعها لعبد الفتاح السيسي ومنها؛ التعديلات التشريعية المقترحة لقانون العمل الأهلي رقم ١٤٩ لسنة ٢٠١٩ وتقديم مقترحات بشأن تعديل المادة ٥ والمادة ١٠ والمادة ١٧ والمادة ٢٣ والمادة ٤٣ وإعادة النظر في المدد اللازمة لمنح الموافقات لعمل مبادرة أو نشاط التي تستغرق الموافقة عليها ٦٠ يوما.
خلافات التمويل مستمرة
ويأتي ذلك في وقت كشف فيه الحقوقي شلبي زكي، أن خلافات وفضائح التمويل ما زالت تلقي بظلالها على بعض المنظمات والأسماء التي تعمل بحرية بظل الانقلاب.
واعتبر "زكي" أن بعض هذه المنظمات تشكل معارضة "البرجوازية العميلة" يحاول نظام الكامب أن يعيد انتاجها من جديد ليستخدمهم مرة أخرى في تزييف وعي الجماهير، وبالتالي الاستمرار في نهب الطبقات المنتجة لصالح طبقة النهب.
وكان سبب اتهاماته أن حقوقيين منهم "أمل فتحي ، ندى طعيمة يتهمون أسماء محفوظ بالعمل لحساب أجهزة الأمن ويهاجمونها بأساليبهم المنحطة ، فتسارع هي للشكوى لمن يمول مايسمى " المفوضية لحقوق الإنسان " في الخارج، وتطالبهم بفصل زوج أمل فتحي " محمد لطفي " من هذه المنظمة ، وأيضا تتقدم ببلاغ لأجهزة الأمن في مصر ضد أمل فتحي وندى طعيمة ".
وأضاف ، ينتهي الموضوع بأن أجهزة الأمن لا تحقق في البلاغ، لأنها تريد العودة من جديد لاستخدام عملاء التمويل الأجنبي من جديد في الداخل وخارج مصر.
ولفت إلى أن "منظمات الإمبريالية في الخارج التي تقوم بالدفع والتمويل لا تتخذ أيضا أي فعل ضد من تمولهم ، لأنها تنفذ فقط ما يخدم مصالحها، حتى لو كان متناقضا بشكل صريح مع شعاراتها عن حقوق الإنسان، لأنها تستخدم هذه الشعارات لخدمة أهدافها في نهب الشعوب".
وكان حكم أول درجة صدر بالسجن لـ 43 متهما في القضية، الصادر في 4 يونيو 2013، وكان هدفه تأليب اليسار المكون الرئيسي للمنظمات في الخطوة الأخيرة من خطة الانقلاب، ولهذا صدر حكم آخر من محكمة النقض بإعادة محاكمة المتهمين في القضية، الصادر في 5 أبريل 2018.
تكبيل العمل الأهلي
وتأتي الخطوة المريبة، بعد أعلن في يوليو الماضي، عن مشروع قانون جديد يكبل العمل الأهلي ويعزز وصاية السلطة.
حيث وافق مجلس النواب من حيث المبدأ في جلسته بتاريخ 10 يوليو 2023م، على مشروع قانون التحالف الوطني للعمل الأهلي، خلال جلسته العامة.
وأثار الإجراء مخاوف حقوقيين وناشطين سياسيين، اعتبروا أن مشروع القانون هو خطوة جديدة نحو تعزيز وصاية السلطة على المجتمع والعمل الأهلي بشكل عام ومحاولة جديدة لفرض سيطرة الدولة على الجمعيات والمنظمات الأهلية، لا سيما وأن مشروع القانون الجديد يأتي بعد تصديق الجنرال عبد الفتاح السيسي، في إبريل 2022، على مد فترة توفيق أوضاع الجمعيات، المقررة بالقانون رقم 149 لسنة 2019م.
ورغم أن مشروع القانون يستهدف إنشاء تحالف وطني للعمل الأهلي التنموي، غير هادف للربح، وله الشخصية الاعتبارية، ويتمتع بالاستقلال الفني والمالي والإداري؛ إلا أنه يثير مخاوف كبرى من فرض قيود على منظمات المجتمع المدني والجمعيات الأهلية في مصر، ليكون بمثابة حلقة جديدة من ترسانة التشريعات المكبّلة للعمل الأهلي والمدني في مصر، ويلحق بقانون تنظيم ممارسة العمل الأهلي لسنة 2019، الذي يمنح السلطة وأجهزتها الأمنية والإدارية، صلاحيات واسعة للغاية، للإشراف على تسجيل المنظمات غير الحكومية، وأنشطتها، وتمويلها، وحلها، ويقيّد أنشطة المنظمات غير الحكومية من خلال قصر عملها على تنمية المجتمع، حسب وصف منظمة العفو الدولية.
وتعود المحاولات لسن قانون جديد ينظم العمل الأهلي في مصر، بدلا من القانون الصادر في عام 2002، إلى عام 2013، عندما أعدت لجنة من ممثلي المجتمع المدني بتكليف من وزير التضامن الاجتماعي بحكومة السيسي آنذاك، أحمد البرعي، مشروع قانون.
وفي سبتمبر 2016، وافقت حكومة السيسي على مشروع قانون أعدته وزارة التضامن الاجتماعي، وأرسلته لمجلس الدولة لمراجعته قبل عرضه على مجلس النواب، إلا أنه واجه اعتراضات حقوقية لأسباب عدة بينها صعوبة شروط تأسيس الجمعيات.
