شماعة الحرب الإسرائيلية الإيرانية..مدبولي يجهّز الرأي العام لتبرير فشل اقتصادي جديد

- ‎فيتقارير

شماعة الحرب الإسرائيلية الإيرانية.. مدبولي يجهّز الرأي العام لتبرير فشل اقتصادي جديد

 

في مشهد يعيد إنتاج سرديات "الشمّاعة الجاهزة" التي دأب نظام عبد الفتاح السيسي على استخدامها لتبرير إخفاقاته، وجد رئيس حكومة الانقلاب، مصطفى مدبولي، في التصعيد العسكري بين إيران وإسرائيل فرصة مثالية للتلويح بكارثة اقتصادية جديدة، يُحمّلها مسبقًا لـ"الظروف الإقليمية"، دون مراجعة لسياسات داخلية أو مساءلة للمسؤولين الحقيقيين عن الأزمة الاقتصادية المستفحلة.

 

خلال لقائه اليوم الأحد بأعضاء اللجنة الاستشارية للاقتصاد الكلي، استعرض مدبولي ما وصفه بـ"السيناريوهات والتحوطات" لمواجهة التداعيات المحتملة للحرب الإسرائيلية الإيرانية، مؤكدًا تشكيل لجنة أزمة جديدة لمتابعة الموقف، وتكرار تطمينات الحكومة حول "المخزون الاستراتيجي" و"توفير العملة الأجنبية"، في مشهد بات مألوفًا للمصريين كلما تصاعدت موجات الغلاء أو شُرعت الأبواب أمام قرارات مؤلمة.

 

فزاعة الحرب.. ستار لإجراءات قاسية

بحسب بيان مجلس الوزراء، فقد ناقشت اللجنة ملفات تشمل الطاقة وسلاسل الإمداد وسعر الصرف وإيرادات قناة السويس، ما يشير إلى أن الحكومة تتهيأ لخطوات اقتصادية ذات كلفة عالية، من المرجح أن تُلقى تبعاتها على المواطنين مجددًا.

 

ويرى خبراء اقتصاديون أن نظام السيسي يجهّز المسرح لتبرير:

 

رفع جديد في أسعار الوقود والكهرباء، تحت ذريعة ارتفاع تكلفة الاستيراد أو تذبذب أسعار الطاقة عالميًا.

 

موجة غلاء في أسعار السلع الأساسية، عبر التخلي عن دعم أو فرض ضرائب جديدة.

 

تحرير إضافي لسعر الصرف، ما قد يؤدي إلى قفزة كبيرة في سعر الدولار مقابل الجنيه، مع آثار تضخمية قاسية.

 

تجميد أو تخفيض في الإنفاق على الخدمات العامة، بذريعة ضبط العجز في الموازنة.

 

بيع أصول جديدة للدولة أو ما تبقى منها، تحت لافتة جذب الاستثمار الأجنبي، رغم ما أثبتته التجارب السابقة من عوائد محدودة تصب في جيوب حلفاء السلطة.

 

استدعاء الحرب لتبرير الانهيار

منذ انقلاب يوليو 2013، اعتاد النظام على استدعاء الأزمات الخارجية كغطاء للفشل المحلي، من "مؤامرات الإخوان" إلى "الربيع العربي"، ومن "كورونا" إلى "حرب روسيا وأوكرانيا"، وصولًا اليوم إلى "حرب إسرائيل وإيران"، تتكرر الأسطوانة ذاتها، فيما لا تزال أوضاع المعيشة تنحدر لمستويات غير مسبوقة.

 

وفي ظل هذا التصعيد، تتعالى تحذيرات من أن الحكومة ستحمّل تبعات أي أزمة للمواطن البسيط، عبر قرارات اقتصادية يدفع ثمنها محدودو الدخل، بينما تُستثنى شبكات المصالح من الجيش والمقربين من دوائر السلطة.

 

ما وراء التصعيد.. وخيارات بديلة غائبة

ويرى محللون أن غياب الشفافية والمحاسبة في إدارة الملف الاقتصادي هو ما عمّق الأزمة، وليس المتغيرات الإقليمية وحدها. ففي الوقت الذي تحذر فيه الحكومة من تداعيات الحرب، تغيب أي إشارة لمراجعة أولويات الإنفاق أو تقليص مشروعات استعراضية مثل العاصمة الإدارية، أو إعادة هيكلة الدين العام الذي تجاوز معدلات الخطر.

 

كما يغيب الحديث تمامًا عن إصلاح حقيقي للقطاعات المنتجة أو تحفيز الصناعة والزراعة، بل تستمر التبعية لروشتات صندوق النقد، والارتهان للقروض والمساعدات الخليجية التي تُستخدم غالبًا في سداد فوائد ديون قديمة، لا في بناء اقتصاد مستدام.

 

خلاصة

في النهاية، يبدو أن نظام السيسي يحضّر المصريين لـ"تقشف موجه" جديد، يجد في الحرب الإسرائيلية الإيرانية مبررًا جاهزًا، دون أن يتحمل مسؤولية سياساته أو يعيد النظر في أولوياته. ومع تكرار النمط نفسه، يبقى السؤال الأهم: إلى متى سيظل المواطن المصري يدفع ثمن إخفاقات لا ناقة له فيها ولا جمل؟