تحركات متزامنة تكشف الترابط بين أطراف المشروع نفسه، بدأت "قسد" بمحاولة إشعال الجبهة في حلب وفشلت وتلقت ضربة موجعة، فتبعها الهجري لخلط الأوراق، ولا يُستبعد أن يتحرك أيتام الأسد في الساحل قريبًا لإكمال المشهد، ويتزامن مشروع الفوضى وضرب الاستقرار بوجوه مختلفة وأذرع متعددة مع زيارات مكوكية للأمريكي الراعي الحقيقي للإرهاب والفوضى "الخلاقة" على حد وصف هيلاري كلينتون.
لن تقبل قسد
"قسد" أو ما يسمى قوات سوريا الديمقراطية (أكراد الشمال الشرقي) والمدعومة أمريكيا و"اسرائيليا" ترفض حسم المفاوضات ، وبحسب تعليق الباحث والأكاديمي السوري أحمد رمضان @AhmedRamadan_SY توقع أنه "لن تقبل "قسد" تطبيق اتفاق 10 مارس /آذار، ولن تتخلى عن نهبها لثروات سورية في شرق الفرات، إلا عند رفع الغطاء الأمريكي عنها (بدأت ملامحه)، وإلا إذا لوَّحت دمشق لها بالعصا الغليظة.".
وأشار "رمضان" إلى أنه "لا يمكن قبول ابتزاز ميليشيا مسلحة تريد تغيير هوية الدولة والمجتمع في سورية لحساب أجندة خارجية، ولا يجب مناقشة قضايا المواطنة والحقوق والحريات مع تنظيم متهم بارتكاب جرائم وانتهاكات، ولا يمثل أي مكون سوري، بقدر ما هو ذراع لتنظيم إرهابي أجنبي".
واعتبر أن "الخيار الوحيد أمام ميليشيا "قسد" هو الاندماج في مؤسسات الدولة، أو مواجهة عمل عسكري واسع قبل نهاية هذا العام، وهو ما يبدو الأكثر ترجيحاً إذا بقيت عملية كسب الوقت هي السائدة، واستخدام التفاوض وسيلة لذلك".
وأشار إلى أن "مشهد الانفصال في طريقه للتلاشي في ضوء معادلة جديدة تنشأ في الإقليم، لا تخدم "قسد"، وتدفع واشنطن لمراجعة العلاقة معها.".
قاعدة انطلاق في حلب!
وضمن توترات متصاعدة في أحياء حلب، نشرت ميليشيا قسد الإرهابية راجمات صواريخ ورشاشات ثقيلة في محيط مغسلة الجزيرة ضمن حي الشيخ مقصود، بالتزامن مع تحركات عسكرية داخل الأشرفية وإغلاق شامل للمحال التجارية.
وأكدت المصادر الميدانية أن ما يُشاع عن “اتفاق تهدئة” لا يتجاوز كونه حبرًا على ورق، فيما تتجه الأوضاع نحو تصعيد خطير.
وعليه رأى المحلل السياسي السوري أحمد رمضان في تدوينة أخرى على إكس أن "تطهيرُ حلب من "قسد" ضرورة، لا يمكن إبقاء ميليشيا تُخزِّن أسلحة ثقيلة ومتوسطة في حيي الشيخ مقصود والأشرفية، تُهدد حلب وتقتل المدنيين فيها.
وأضاف أن "قسد" تتبع تنظيماً إرهابياً، تخطفُ الأطفال وتجنِّدهم، وتنشر قناصة على أسطح المنازل وتقتل العابرين، والليلة قامت بقصف أحياء سيف الدولة والميدان والسبيل، وغدرت بعناصر الأمن العام، وعندما ردَّت الدولة عليها، طلبتْ وقف إطلاق النار، بزعم أنها تدرس تطبيق اتفاق ١٠ مارس آذار، الذي يشمل إخلاء المسلحين من الأحياء.
ورأى أن "قسد" مُنحت فرصة جيدة، وخُيرت بين "الالتزام بتطبيق الاتفاق، وإبعاد سيطرتها عن مناطق حلب وشرق سورية، أو تواجه هجوماً كبيراً بهدف استئصال ميليشيا إجرامية لا صلة للسوريين بها من مختلف المكونات.
وأشار إلى أن "حلب هادئة، وأهلها مطمئنون، ويدعمون إنهاء الوضع الشاذ، ولا يمكن إحلال الاستقرار دون إبعاد الميليشيا وتجريدها من الأسلحة، وأعتقد أن مرحلة تنظيف شرق سورية على وشك الانطلاق بدعم تركي ورضا أمريكي/دولي، وعلى "قسد" وقيادتها إدراك المتغيِّرات، ومنها سحب الغطاء السياسي عنها".
ماذا حدث في حلب؟
الصحفي مالك الروقي أشار إلى الجيش السوري اكتشف الأربعاء 8 أكتوبر أنفاقا تابعة لقوات "قسد" الكردية في مناطق خلف مواقع انتشار الجيش وقام الجيش بتدميرها بعد اكتشافها، ثم بدأت اشتبكات عنيفة في محيط حيي الشيخ مقصود والأشرفية بمدينة حلب .
وقالت وزارة الدفاع السورية إنها قامت بوضع خطة لإعادة انتشار الجيش على بعض المحاور شمال وشمال شرق سوريا وذلك بعد الاعتداءات المتكرّرة لقوات قسد واستهدافها للأهالي وقوى الجيش والأمن وقيامها بمحاولة السيطرة على نقاط وقرى جديدة".
ثم اتهم المتحدث باسم قوات " قسد" فصائل تابعة للحكومة السورية بمحاولة دخول منطقتين يسيطر عليهما الأكراد في حلب بالدبابات، بينما قالت الحكومة السورية إنها ملتزمة بالاتفاق الذي جرى في دمشق بين مظلوم عبدي والرئيس الشرع.
وأضاف @alrougui أن "قوات قسد قامت بقصف أحياء في حلب ورصدتها كاميرات التلفزيون في أوقات متفرقة واستهدفت مراكز لتجمعات الجيش السوري وقامت قسد بإطلاق صاروخ على أحد الأحياء".
وأشار إلى أن "الجيش السوري قام بدوره بغلق المنافذ لهذه الأحياء لحماية المواطنين في حلب وقتل اثنين على الأقل هذه الليلة في صفوف القوات السورية والمدنيين وأُصيب عدد منهم كذلك وأن الحكومة ترى أن قسد جعلت من حيي الشيخ مقصود والأشرفية في حلب ملاذا للمطلوبين".
أخذ ورد
وأعلن التلفزيون السوري الثلاثاء أن الحكومة وصلت لتفاهمات مع قسد لوقف إطلاق النار وتجنيب المدينة الفوضى. إلا أن وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني دعا صباح الخميس 9 أكتوبر إلى تسريع تنفيذ الاتفاق المبرم بين الحكومة السورية وقوات سوريا الديمقراطية "قسد"، الذي يقضي باندماج المؤسسات بشمال وشرق سوريا في مؤسسات الدولة التابعة للحكومة في دمشق، وذلك ضمن مؤتمر صحفي جمعه بنظيره التركي هاكان فيدان في العاصمة أنقرة، قائلا: "لم نستطع أن نصل إلى أي خطوة عملية في تطبيق هذا الاتفاق، وما زال هذا الاتفاق كما يقولون حبراً على ورق"
وأضاف الشيباني: "نطالب قيادة قسد بأن تسعى بكل جهد إلى تطبيق هذا الاتفاق لأنه كما هو منصوص عليه في هذا الاتفاق أنه لنهاية هذا العام"
وتابع قائلاً: "عدم الوصول إلى أي تطبيق عملي (للاتفاق) يطمئن شعبنا ويُعطي رسائل واضحة للداخل والخارج أن سوريا تسير بشكل واثق وأيضاً بشكل يعبر عن توحيد سوريا واندماجها السريع ضمن أطر المؤسسات المدنية والعسكرية فهذا ما سيعطي انطباعاً سلبياً وأيضاً سيعيد فقدان الثقة إلى هذا المسار"
وأوضح أن اتفاق مارس/ آذرار وقعته الإدارة السورية الجديدة "في إطار سعي الدولة الجديدة إلى توحيد أراضي البلاد والاندماج في إطار واحد يعبر عن جميع السوريين بعد سقوط نظام الرئيس السوري السابق بشار الأسد في ديسمبر الماضي".
الموقف التركي
وأعلنت وزارة الدفاع التركية أن قواتها المسلحة قد تتدخل في حال تصاعد الصراع القائم بين قوات الحكومة السورية وما تُسمّى "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد).
وأضافت " مستعدون لتنفيذ عملية عسكرية مشتركة مع الجيش السوري.. المهلة النهائية لاندماج قسد ضمن صفوف الجيش العربي السوري تنتهي مع نهاية العام الحالي.".
وكشفت القوات المسلحة التركية أن "قسد" تُظهر رفضاً صريحاً لأي اندماج، الأمر الذي يُعدّ تهديداً لوحدة الأراضي السورية واستقرارها"، وعليه حذرت "قسد" من أن استمرارها في التعنت ورفض الانخراط تحت راية الدولة السورية سيجعلها عرضة لعمليات عسكرية حاسمة.
وشددت الدفاع التركية على أن " أي محاولة من "قسد" لفرض واقع انفصالي ستُواجَه بقوة مشتركة لا هوادة فيها". موضحة أن "تركيا لن تسمح بتحويل شمال سوريا إلى بؤرة فوضى وإرهاب أو تهديد دائم.".
وأكدت الوزارة أن " تركيا تقف إلى جانب الدولة السورية في أي خطوة تعزز وحدة وسيادة سوريا على كامل ترابها الوطني.".
لقاءات الشرع
وتطابقت مطالب الأمريكان الذين يزورون الشرع مع مطالب قسد حيث استقبل الرئيس أحمد الشرع في العاصمة دمشق المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا السيد توماس باراك وقائد القيادة المركزية الأمريكية الأدميرال براد كوبر، وذلك بحضور وزير الخارجية والمغتربين السيد أسعد الشيباني ووزير الدفاع السيد مرهف أبو قصرة ورئيس جهاز الاستخبارات العامة السيد حسين السلامة.
وجرى خلال اللقاء بحث آخر التطورات في الساحة السورية، وسبل دعم العملية السياسية وتعزيز الأمن والاستقرار، إلى جانب مناقشة آليات تنفيذ الاتفاق العاشر من آذار بما يصون وحدة الأراضي السورية وسيادتها.
فيما نشرت منصات كردية لأفراد ومجموعات تابعة للانفصاليين أن "مظلوم عبدي" قائد الانفصاليين، بحث دمج "قسد" كفيلق ضمن الجيش السوري وأن تنضم "الأسايش" لوزارة الداخلية وأن تكون هناك إدارة مشتركة للنفط والغاز مع حصة لتنمية شرق الفرات إضافة لبحث تعديل الدستور لضمان الحقوق الكردية واللغة، ولم تغفل هذه المنصات نيتها الانفصالية فقالت إن "مناقشة مطلب الحكم الذاتي الكردي لاحقاً".
وفي تصريحات لوفد "قسد" الذي التقى مكونات الإدارة السورية الجديدة، أشار إلى أن النقاش حول تعديل الدستور السوري كان محورياً، مشدداً على أن "أي دستور جديد يجب أن يمثل جميع المكونات السورية ويحمي حقوقها دون تمييز" متطابقا مع المطلب الأمريكي.
أخبار سورية
وعلى هامش هذه التطور النوعي، أعلنت نتائج انتخابات مجلس الشعب الذي أفرز عن 119 عضوا وبقى 21 مقعدا شاغرا عن محافظات السويداء و(الرقة والحسكة) الواقعتين تحت سيطرة قسد، وسيسمي رئيس الجمهورية 70 عضواً، ومن بين الفائزين مسيحيين ونسبة تمثيل النساء بلغت 4٪.
وثمنت ألمانيا الانتخابات واعتبرتها "خطوة مهمة جاءت بعد أشهر فقط من انتهاء الحرب، وتمثل إنجازا مهما في عملية الانتقال السياسي بسوريا ونهنئ الشعب السوري عليها والبرلمان الجديد حجر أساس مؤسسي، وسنواصل دعم سورية".
وقالت "المفوضية الأوروبية" إنها "تطورات مشجعة في سوريا، يجب دعمها". وعلقت أمريكا، "ندعم وحدة سوريا، وتحقيق اندماج سلمي وشامل لجميع مكوناتها".