السيسي يستقبل حفتر وأبناءه… رسائل لصالح أبو ظبي وتجاهل لملف أمني ملتهب على حدود السودان
في تحرك يراه مراقبون امتداداً للتنسيق المصري–الإماراتي في الملف الليبي، استقبل رئيس النظام الانقلاب المصري عبد الفتاح السيسي، الاثنين، قائد قوات الشرق الليبي خليفة حفتر، بحضور نجليه صدام وخالد، إلى جانب رئيس المخابرات المصرية حسن رشاد، اللقاء، الذي اعتُبر لافتاً من حيث مستوى الحضور، جاء –بحسب محللين– في سياق تعزيز الدور الذي يلعبه محمد بن زايد عبر تحالفاته الإقليمية، وفي مقدمتها دعم نفوذ حفتر شرق ليبيا.
وأكد السيسي خلال اللقاء، وفق بيان الرئاسة، "الدعم المصري الكامل لوحدة ليبيا وسيادتها"، مشدداً على ضرورة التصدي لأي تدخلات خارجية وإخراج المرتزقة والقوات الأجنبية، وتأييد المسارات الهادفة إلى انتخابات متزامنة تنهي الانقسام السياسي المستمر.
وفي المقابل، عبّر حفتر عن تقديره لدور القاهرة “والسيسي شخصياً” في دعم ما وصفه بجهود استعادة الاستقرار، مؤكداً استمرار التعاون الأمني والسياسي بين الجانبين.
لكن خلف هذا المشهد، يرى محللون أن القاهرة تضفي شرعية إضافية على حضور أبناء حفتر في ترتيبات السلطة شرق ليبيا، استجابةً –بحسب تعبيرهم– لأولويات أبو ظبي التي تدعم صعود عائلة حفتر عسكرياً واقتصادياً.
تجاهل لملف بالغ الحساسية: المثلث الحدودي وسيطرة "الدعم السريع"
ورغم تصاعد التهديدات على حدود مصر الجنوبية، وخصوصاً في منطقة المثلث الحدودي (أم دافوق–المثلث الليبي السوداني–المثلث المصري السوداني) الذي باتت أجزاء منه تحت نفوذ قوات الدعم السريع، لم يُظهر بيان الرئاسة المصرية أي إشارة إلى هذا الملف، ما أثار تساؤلات بين خبراء الأمن الإقليمي.
ويحذّر هؤلاء من أن تمدّد الدعم السريع قرب الحدود المصرية–الليبية–السودانية يشكّل خطورة مباشرة على الأمن القومي، خصوصاً مع توثيق نشاط واسع للتهريب والسلاح وتحركات مجموعات مسلحة في تلك المناطق، دون تحرك واضح من القاهرة لاحتواء الموقف.
التطورات السودانية على طاولة النقاش… دون مقاربة واضحة للتهديد الحدودي
اللقاء تناول كذلك المستجدات في السودان، حيث شدد السيسي وحفتر على ضرورة دعم الجهود الدولية للوصول إلى تسوية سياسية تنهي الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع، مع التأكيد على أن استقرار السودان جزء لا يتجزأ من أمن مصر وليبيا.
غير أن مراقبين يرون أن هذا الخطاب يتناقض مع غياب إجراءات مصرية معلنة للتعامل مع الواقع المتوتر على الحدود الجنوبية، حيث تتوسع دائرة القتال وتزداد حركة النزوح، في وقت تواصل فيه قوات الدعم السريع السيطرة على أراضٍ شاسعة قريبة من العمق المصري–الليبي.
وتستمر الأزمة الإنسانية في السودان في التفاقم، مع مقتل عشرات الآلاف ونزوح نحو 13 مليون شخص منذ اندلاع المواجهات بين الجيش والدعم السريع في أبريل/ نيسان 2023.
تعزيز نفوذ حفتر وأولاده
يُظهر المشهد –وفق تقديرات محللين– أن القاهرة تفضّل تعزيز نفوذ حفتر المنسجم مع أجندة أبو ظبي في ليبيا، بينما تتجاهل ملفاً بالغ الخطورة يمس أمنها القومي مباشرة على حدودها الجنوبية مع السودان، وبينما تتقدم ترتيبات حفتر السياسية والعسكرية، يبقى المثلث الحدودي خارج الأضواء، رغم تحوله إلى واحدة من أعقد بؤر التوتر في الإقليم.
