قد لا يتذكر الكثيرون أن اختيار الثوار يوم 25 يناير الموافق لعيد الشرطة، والذي يحتفي به السيسي اليوم بعد مرور أكثر من 8 سنوات على تلك الثورة، لم يكن اختيارًا عشوائيًّا، فلقد مثّلت الشرطة، في أواخر عهد المخلوع مبارك، قمة هرم الظلم والاستبداد لنظام فاسد أوصل البلاد إلى مستنقع من القهر والفقر.
وحسب تقرير بثته قناة “مكملين” الفضائية، كان اختيار الشباب ليوم عيد الشرطة لبدء الثورة يمثل قمة التحدي للنظام وآلته القمعية، كما يمثل احتجاجًا صارخًا على ممارسات الأجهزة الأمنية البشعة من التعذيب والقتل والقهر، من “عماد الكبير” إلى “خالد سعيد” و”سيد بلال”، وغيرهم الكثير ممن ذاقوا ويلات ذلك الجهاز الفاسد.
وقامت الثورة وحطمت موجاتها الأولى ذلك الجهاز القمعي بأقسامه وآلياته، وتمت مطاردة ضباطه في الشوارع والميادين، وظن الثوار أن عهد الظلم والاستبداد قد ولّى إلى غير رجعة، لكنّ الآلة القمعية لنظام المخلوع كانت كأفعى الأساطير اليونانية، كلما قطعت منها رأسا نبتت لها ألف رأس.
عادت الشرطة لتقتل وتغتال الآمنين في البيوت وعادت لتمارس التعذيب والقهر، عادت لتعتقل المعارضين وتسومهم وأهليهم صنوف الهوان في المعتقلات والسجون، عادت لتكون قفاز النظام وعصاه الباطشة ضد من يقول لا لهذا النظام، حتى ولو كانوا من عوام الناس كأهالي الوراق ونزلة السمان.
لم تتعلم الشرطة الدرس، ولم تفهم أن معاداة الشعب من أجل عيون النظام يرسخ الكراهية الشعبية ضدها، ويجعلها أول الضحايا حين تقوم الثورات، بل إن قادة الشرطة الأوفياء للنظام يتخلص منهم السيسي كلما حانت له الفرصة، ليغسل عن يديه سمعتهم الملطخة بدماء الأبرياء.
واسألوا اليوم عن محمد إبراهيم وزير داخلية مذابح رابعة والنهضة أين هو الآن، وأين مجدي عبد الغفار أول من بادر بالتصفيات الجسدية للمعارضين داخل بيوتهم وقاتل ريجيني والمعلقة في رقبته دماء المئات من الأبرياء!.
كلهم وغيرهم من قيادات شرطته وجيشه الأوفياء تخلص منهم السيسي كما يتخلص المجرم من أداة جريمته ليُبرئ ساحته، فإلى كل الأجهزة القمعية في مصر تعلّموا من درس يناير أن الاحتماء بالشعوب ونصرة الأوطان يرفع ذكركم كما فعل أجدادكم في معركة الإسماعيلية ضد الاحتلال الإنجليزي، أما الاحتماء بالطغاة فيستجلب لعنات الشعوب ويلقي بكم إلى مذبلة التاريخ.
