عقب تعيين محمد بن زايد رئيسا للإمارات، ظهرت إشكالية الصراع في صورة منصب ولي العهد، الذي يتولى لاحقا رئاسة الدولة، ولكنه استمر شاغرا أشهر طويلة نتيجة الاحتدام بين أجنحة أبناء زايد، حيث ظل الصراع على من يشغل المنصب يدور بين خالد بن محمد بن زايد آل نهيان، 43 عاما، وهو الابن الأكبر للشيخ محمد بن زايد، وإخوة الرئيس محمد بن زايد، وظل خالد بن محمد يطمح في ولاية العهد على حساب عمه طحنون بن زايد، مستشار الأمن القومي ومسؤولا عن الأمن الخارجي، لكن بعد أشهر من شغور المنصب وصراع هائل بين أقطاب العائلة الحاكمة، فرض الرئيس الإماراتي محمد بن زايد نجله البكر خالد في منصب ولي عهد أبو ظبي في صفقة دعمتها إسرائيل كما يقول معارضون مساء 29 مارس 2023 مما جعله في المرتبة الثانية في ترتيب العرش في خطوة تجاوزت أفراد العائلة المالكة الأكبر سنا والأكثر خبرة، وخالد بن محمد بن زايد آل نهيان، 43 عاما، هو الابن الأكبر لمحمد بن زايد، وقد تم إعداده للقيادة من خلال عضويته في المجلس التنفيذي القوي لإمارة أبو ظبي وهيئة الأمن القومي الرئيسية منذ عام 2016، وتعتبر ترقية الابن بدلا من الأخ بمثابة انتقال للحكم بين الأجيال نفذته السعودية بتصعيد ولي العهد محمد بن سلمان إلى السلطة وتجاوزه عددا من كبار أعضاء الأسرة الحاكمة من أشقاء الملك، ولي عهد بدرجة رئيس أمن الدولة، وتقول كريستن سميث ديوان، الباحثة في معهد دول الخليج العربية في واشنطن لصحيفة “بلومبيرغ” 29 مارس 2023 إن “بن زايد مكن نجله خالد في العديد من المناصب التي تمنحه خبرة قيادية في النفط والاقتصاد والحكم، كي يتناسب مع نمط مركزية أكبر للدولة والتعزيز العمودي للخطوط الحاكمة التي رأيناها داخل ممالك الخليج.
لكن معارضين إماراتيين أكدوا أن خبر نجل بن زايد وولي عهده الجديد (خالد) كانت في توليه منصب رئيس جهاز أمن الدولة واستعانته بالجهاز المصري عقب ثورة يناير 2011 وهروب أعضائه إلى الإمارات قبل عودته لمصر مع انقلاب السيسي، وفي محاولة لاسترضاء الإخوة الذين فقدوا منصب ولي العهد قام محمد بن زايد بترقية الأشقاء الأقوياء، حيث عُين شقيقه طحنون بن زايد مستشار الأمن القومي لدولة الإمارات، وهزاع نائبا لحاكم أبو ظبي.
وسبق أن عين طحنون في وقت سابق رئيسا لمجلس إدارة هيئة أبوظبي للاستثمار وهي صندوق الثروة السيادية بأبو ظبي البالغ 790 مليار دولار لإرضائه، ويتناقض ظهور طحنون المحدود أمام الرأي العام مع التأثير العميق الذي يمارسه وراء الكواليس، حيث ساعد في صياغة السياسة الأمنية لدولة الإمارات وبوابة لأعمال أبو ظبي، مما جعله على رأس قائمة اجتماعات المسؤولين الأجانب والمديرين التنفيذيين الزائرين أيضا عين رئيس الإمارات شقيقه منصور بن زايد نائبا لرئيس دولة الإمارات، وهو الدور الذي يشغله أيضا حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد.
ويقول معارضون إن “إصدار محمد بن زايد قرارا بتعيين شقيقه منصور بن زايد نائبا لرئيس الدولة إلى جانب محمد بن راشد هدفه أن يغدر بذلك بالتقاسم التاريخي للسلطة بين إماراتي أبو ظبي ودبي وتحديدا عائلتي آل نهيان وآل مكتوم”.
وبحسب موقع “إمارات ليكس” فإن قرار محمد بن زايد يهدف إلى زيادة هيمنة أبو ظبي على الاتحاد الإماراتي، فطالما كان منصب نائب الرئيس حكرا على حاكم دبي رئيس مجلس الوزراء، وهذه هي المرة الأولى التي يتم فيها تعيين نائبين لرئيس البلاد، واستند تأسيس اتحاد الإمارات إلى اتفاق بتقاسم السلطة بين أبوظبي ودبي، بحيث يشغل آل نهيان منصب رئيس الدولة مقابل منصب نائب رئيس الدولة ورئاسة مجلس الوزراء لآل مكتوم.
وجاء قرار محمد بن زايد ليشكل صفعة قوية إلى محمد بن راشد للحد من صلاحياته ومكانته عبر مزاحمته من خلال شقيقه في منصب نائب رئيس الدولة، كما أن تعيين منصور بن زايد بمنصبه الجديد جاء ضمن صفقة أوسع شملت تعيين خالد بن محمد بن زايد وليا لعهد أبو ظبي، وينتمي محمد بن زايد والشيخ طحنون إلى مجموعة من ستة أشقاء تعرف باسم بني فاطمة، وهم جميعا أبناء مؤسس دولة الإمارات الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان من زوجته الثالثة والأبرز.
خلفيات الصراع كان منصب ولي عهد أبو ظبي ينحصر بين أربعة مرشحين، هم خالد النجل الأكبر لمحمد بن زايد، وثلاثة من أشقاء الأخير هم، طحنون مستشار الأمن الوطني، وهزّاع نائب رئيس المجلس التنفيذي لإمارة أبو ظبي، ومنصور نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة.
ووفق تقارير خليجية وغربية، كانت المنافسة تنحسر أكثر بين “خالد” النجل الأكبر وصاحب الحظ الأكبر لأنه يرأس جهاز أمن الدولة بدرجة وزير منذ فبراير/شباط 2016، وكان نائبا لمستشار الأمن الوطني والساعد الرئيس لأبيه وطحنون بن زايد آل نهيان، هو مدير المخابرات الإماراتية ويتولى إدارة العديد من الملفات السرية الداخلية والخارجية، وكان الحديث في الأوساط السياسية في الإمارات، يدور عن سيناريوهين حول منصب ولي العهد وهل يُسند للابن أم الأخ؟ أولهما، تعيين محمد بن زايد لابنه (خالد) كولي عهد جديد لحسم الصراع سريعا، مع امتيازات تعويضية للأخوين طحنون ومنصور، والثاني أن يعين محمد بن زايد، شقيقه طحنون، مستشار الأمن الوطني الحالي في منصب ولي العهد بشكل مؤقت، لكن بن زايد اختار نجله مباشرة، وأوائل مارس 2016 كشف الموقع الاستخباري الفرنسي “إنتليجنس أون لاين” تفاصيل ما قال إنه “مخطط ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد لوراثة الحكم في الإمارات، وذلك من خلال تعيين نجله خالد، رئيسا لجهاز أمن الدولة، ليحكم سيطرته على الأجهزة الأمنية”.
وسلط الموقع، في نشرته الأسبوعية، الضوء على الدور الذي لعبه «خالد محمد بن زايد»، مؤخرا في بعض الملفات الاستراتيجية للإمارة، وأبرزها ملاحقة الإصلاحيين والناشطين المتهمين بالانتماء لجماعة «الإخوان المسلمين» وبعض الناشطين، وقبل تعيين بن زايد نجله وليا للعهد توقع ناشطون إماراتيون معارضون أن يقنع ابن زايد شقيقه طحنون بالتنازل، بدعوى أن دوره كمسؤول الأمن والاستخبارات في الإمارات، يجعل أفعاله أو تحركاته غير معلنة كي يسهل اتخاذ قرار أو موقف سياسي، حيث لعب طحنون، أدوارا استخبارية في التعاون مع إسرائيل وزيارات لخصوم الإمارات مثل إيران وتركيا وغيرها، إضافة لتحركات أخرى غير معلنة، ورجح هذا الخيار “إندرياس كريدج” الأستاذ بجامعة كينجز كوليدج بلندن، الذي يرى أن خالد لديه حظوظ أقوى بتنصيبه وليا للعهد ولكن ربما تجرى العملية على مراحل.
وكتب كريدج في تغريده عبر تويتر “قد يحكم محمد بن زايد لعقدين أو أكثر، لذلك يمكن تسمية طحنون وليا للعهد بينما يجري فعليا تهيئة خالد له. https://twitter.com/andreas_krieg/status/152507975640798412 والسؤال الآن هو هل يستقر الحكم بهذه التركيبة الجديدة أم يستمر الصراع بين الأبناء والأعمام الذين خسروا ولاية العهد؟
